كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1864 على بدء ثورة الكرامة
بتأخير قارب 13 شهراً إستفاقت بعض القوى السياسية على التأكيد أن البرلمان هو الجهة التي تصنع السياسات والإتفاقات وتلزم بها السلطة التنفيذية.. وإستفاقت هذه القوى النيابية على حقيقة أن إختصار البرلمان ببري وإختصار الحكومة بميقاتي، غطى أخذ البلد إلى الدمار وتعميق كوارثه وإذلال شعبه وذلك بقرار إيراني أداته حزب الله، فتم زجه في خضم حرب “مشاغلة” فرضت قسراً ل”إسناد” غزة، فكانت لحمتها وسداها، خدمة مخطط طهران ألا تفقد إيران الورقة الفلسطينية. فتدمر لبنان وأصيب بأخطر تهجير طويل الأمد، رتب خسائر فلكية تعادل ما اصاب لبنان في الحرب العالمية الأولى، عندما قضت المجاعة على نصف سكان لبنان!
إستفاقوا متأخرين جداً على كارثة حصر التفاوض نيابة عن البلد بيد نبيه بري. تجاهلوا سنة كاملة أن كل الوفود الخارجية توجهت إلى بري وجزئياً ميقاتي وقد إرتضيا دور ساعي البريد الذي ينقل المقترحات والأفكار إلى حزب الله، أي إلى الجانب الإيراني، فكانوا شركاء موضوعيين بكل ما جرى. إن التخلي عن المسؤولية السياسية والأخلاقية يعني شراكة في إنتهاك السيادة والإستقلال وتغطية أخذ البلد إلى الكارثة. وما الإستفاقة المتأخرة إلاّ للقول نحن نتنفس وعلى قيد الحياة، ونطلب تجديد الشراكة في إعادة تكوين السلطة، بما يخدم تعويم نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، أي نريد حصصنا!
إن نجح مشروع وقف النار، وهذا مطلب اللبنانيين، وهو يناقش حالياً إستناداً إلى مسودة مشروع أميركي إسرائيلي، قد يتنكر له نتنياهو أو يطلب بنود إضافية عليه فهو الممسك بالميدان والمبادرة والنجاحات العسكرية، فهذا أمر بالغ الأهمية لأنه يضع لبنان أمام 60 يوماً للتنفيذ ستحمل الكثير من الهنات والمخاوف إستناداً إلى كل التجارب السابقة. مهم جداً كيف ستنتهي هذه الحرب، التي أعطاها العدو عنوان العودة الآمنة والمستدامة لمواطنيه في المستوطنات الشمالية. فيما مليون ونصف المليون من مواطنينا المهجرين قسراً وبينهم مئات الألوف الذين فقدوا بيوتهم وجني العمر لا سقف يحميهم لم يستحقوا أي إشارة، بشأن العودة الفورية مهما كان الوضع والعراقيل والصعوبات، لا من الحزب المسؤول عن تهجيرهم ولا من رئيسي البرلمان والحكومة؟ وكذلك من الأحزاب الطائفية وكتلها النيابية التي تعيش إجازة مفتوحة مدفوعة من جيوب اللبنانيين؟
التحديات كبيرة والصعوبات أكبر ورغم ذلك لا بديل أبداً عن إستفاقة تجمع الحريصين على إستعادة الدولة التي تحمي كل أبنائها، والإستفاقة مطلوبة الآن لمنع إعادة تكوين السلطة على مقاس طبقة الفساد واللصوصية والتبعية التي ستقاتل من أجل إعادة تكريس إمتيازاتها ومصالحها الضيقة التي يضمنها نظام المحاصصة الطائفي، فيما إستعادة الدولة والجمهورية وقيمها وإستعادة الدستور وإلتزام القوانين والخروج من زمن ممارسة الحكم بالبدع منحى يعيد لبنان إلى دور مقبول ومطلوب، وإلى مكانة تليق بشعبه الذي صبر حتى تعب الصبر.
الأسابيع القليلة الآتية حاسمة وبالغة الأهمية لجهة ما يمكن أن يكون عليه البلد، والفرصة السانحة قد لا تتكرر. إستفيقوا وبادروا!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.