كتب مسعود محمد لـ ” أخباركم – أخبارنا”
عرف لبنان على مرّ تاريخه الحديث عدة حركات مقاومة انطلقت كرد فعل على الاجتياحات والاحتلالات الإسرائيلية. تنوعت هذه الحركات في خلفياتها السياسية والعسكرية، وشكلت نماذج متطورة في العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي. فيما يلي عرض تاريخي لأهم حركات المقاومة اللبنانية:
- الحرس الشعبي (1969):
• التأسيس: تشكل الحرس الشعبي بعد الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان عام 1969.
• الدور: أسس الحرس الشعبي لبداية العمل العسكري المنظم ضد الاحتلال، وشكّل القاعدة لتطوير العمل المقاوم لاحقًا. كمساهمة للدفاع عن القرى الحدودية نتيجة تقاعس الدولة اللبنانية عن الجنوب وتعاظم دوره بفعل ازدياد الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وشكل تأسيسه اللبنات الاولى لاطلاق جمول عام 82 - المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) (1982):
• التأسيس: انطلقت المقاومة الوطنية اللبنانية المعروفة بـ”جمول” (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية) في 16 سبتمبر 1982، بعد الاجتياح الإسرائيلي الثاني واحتلال بيروت.
• القيادة: قادها الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي، إلى جانب قوى قومية ووطنية أخرى.
• الأهداف:
o تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي.
o توحيد مختلف الفصائل اللبنانية تحت راية المقاومة.
بحلول أبريل 1985، تمكنت جمول من تحرير حوالي 2600 كيلومتر مربع من أصل 3450 كيلومترًا مربعًا كانت تحتلها إسرائيل، أي ما يقارب 75% من الأراضي المحتلة.
العمليات والإنجازات:
خلال فترة نشاطها، نفذت جمول 1113 عملية نوعية من أصل 5000 مهمة، وقدمت 196 شهيدًا و1200 جريح، بالإضافة إلى 3000 معتقل و7000 مقاوم وطني من مختلف المناطق والطوائف اللبنانية.
المناطق المحررة:
شملت المناطق المحررة من قبل جمول 75 % من الأراضي المحتلة:
• بيروت: تمكنت جمول من إجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب من العاصمة بعد 12 يومًا من احتلالها.
• الجنوب اللبناني: حررت العديد من القرى والبلدات في الجنوب، مما أدى إلى تقليص مساحة الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة جزين والشريط الحدودي.
• البقاع الغربي والعرقوب وجبل الشيخ والنبطية: شهدت هذه المناطق عمليات مقاومة فعّالة أدت إلى تحريرها من الاحتلال. - المقاومة الإسلامية (حزب الله) (1985):
• التأسيس: تأسس حزب الله عام 1982 كحركة مقاومة إسلامية بدعم من إيران، وأعلن رسميًا عن انطلاقته كقوة مقاومة في 1985.
• الخلفية:
o جاء تأسيس حزب الله في سياق الاجتياح الإسرائيلي لبيروت وتصاعد الوعي الإسلامي في المنطقة.
o استلهمت الحركة نهجها من الثورة الإسلامية الإيرانية.
• الأهداف:
o تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
o مقاومة النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.
• العمليات:
o نفذ حزب الله عمليات عسكرية أبرزها تفجير مقر المارينز الأمريكي في بيروت عام 1983.
o اعتمد على أساليب حرب العصابات، إطلاق الصواريخ، والعمليات الانتحارية.
o ركّز على العمليات في الجنوب اللبناني ضد مواقع الاحتلال و”جيش لبنان الجنوبي”.
• الإنجازات: • في 24 مايو 2000، انسحبت إسرائيل بشكل كامل من المناطق المحتلة في جنوب لبنان، باستثناء مزارع شبعا. • يُعتبر هذا الانسحاب إنجازًا رئيسيًا لحزب الله، إذ جرى دون أي اتفاق أو تفاوض مباشر. • نسبة التحرير:
- المقاومة الإسلامية حررت الـ25% المتبقية من الأراضي التي كانت محتلة حتى عام 2000.
الاختلاف والخلاف ما بين الوطني والإسلامي
تُعتبر جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) والمقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله مرحلتين متتاليتين مختلفتين في تاريخ تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. لكل منهما دور مختلف في طبيعة المقاومة وأهدافها.
جمول (المقاومة الوطنية):
تأسست جمول في 16 سبتمبر 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وكانت عبارة عن تجمع لفصائل وطنية وقومية يسارية وشيوعية. كان هدف جمول الأساسي تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من إسرائيل، وكانت رؤيتها تركز على بناء دولة لبنانية مدنية وديمقراطية خالية من الاحتلال، ولا سيما الاحتلال الإسرائيلي. لم ترهن القوى المؤسسة لجمول تحرير الارض اللبنانية بأي مشروع داخلى لحكم لبنان بل كان نضالها عبر المقاومة الوطنية هو تحرير للتحرير اي تحرير الوطن يعلو على كل شيء.
كان للحركات المكونة لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية طابعًا وطنيًا، حيث كانت تسعى إلى استعادة السيادة اللبنانية وتحقيق الاستقلال الوطني. من خلال مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، كانت جمول ترى في التحرير الوطني أولوية أساسية، ورفضت أي تدخلات خارجية قد تؤثر على السيادة اللبنانية. بعد تحرير 75% من الأراضي اللبنانية المحتلة، أنهت جمول مهمتها وسلمت سلاحها، ولم يكن هدفها الاستيلاء على الحكم في لبنان أو تشكيل أي نظام ديني أو سياسي غير ديمقراطي. هذا النهج كان قائمًا على فكرة أن المقاومة هي من أجل الوطن والشعب، وليس من أجل مشروع سياسي يتجاوز الأهداف الوطنية.
حزب الله (المقاومة الإسلامية):
أما المقاومة الإسلامية التي أسسها حزب الله في عام 1985، فقد كانت تحمل مشروعًا مختلفًا تمامًا في طبيعته وأهدافه. حزب الله تأسس بدعم من إيران، وكان مستلهمًا من الثورة الإسلامية الإيرانية ونهج ولاية الفقيه. لم تكن أهداف الحزب مقتصرة على تحرير لبنان فقط، بل كانت تهدف إلى تنفيذ مشروع سياسي إسلامي يتماشى مع مبدأ ولاية الفقيه، الذي يربط السياسة بالدين ويعطي مرجعية دينية للقيادة السياسية.
المقاومة الاسلامية وبداية تشكيلها كانت منفذ للدور الإيراني الى الاقليم عبر هذه النافذة مستغلة الاجتياح الاسرائيلي للبنان وخروج منظمة التحرير منه العام 82 والتقاعس العربي في مواجهة هذا الاجتياح الذي وصل لاحتلال اول عاصمة عربية
وجاء الدخول الايراني الى لبنان تنفيذاً لحسم فكرة تصدير الثورة الايرانية الى العالم الاسلامي في ايراني بعد صراع عنيف بين اجنحة الثورة وتم اختيار القضية الفلسطينية وكذلك مواجهة العدوان الاسرائيلي كشعارات جذابة للجمهور العربي والاسلامي وكانت الساحة اللبنانية المفتوحة امام التدخلات الخارجية وهكذا تم ربط العمل ضد اسرائيل بتحقيق المشروع الايراني في الاقليم واستمر على هذا النحو حتى اليوم
في البداية، كان حزب الله يسعى لبناء جمهورية إسلامية في لبنان تحت إشراف ولاية الفقيه، وهو ما شكل فارقًا جذريًا بينه وبين جمول، التي كانت تسعى إلى بناء دولة لبنانية مدنية وديمقراطية. كما أن حزب الله استمر في حمل سلاحه بعد تحرير معظم الأراضي اللبنانية، ورفض تسليم سلاحه بعد أن انتهت المهمة الوطنية في 2000، مستندًا إلى مبدأ أن السلاح هو جزء من مشروعه الإسلامي ولا يمكن التفريط فيه، حتى بعد التحرير. هذا التوجه جعل من حزب الله قوة سياسية وعسكرية مؤثرة في لبنان والمنطقة، وهو ما يختلف تمامًا عن استراتيجية جمول التي سلمت سلاحها فور تحقيق هدفها.
التناقضات بين المشروعين:
توجد عدة تناقضات بين المشروعين الوطني والإسلامي، فبينما كانت جمول تسعى لتحقيق دولة مدنية وديمقراطية، كان حزب الله يسعى لبناء جمهورية إسلامية تحت راية ولاية الفقيه. في البداية، كانت جمول تمثل المقاومة الوطنية التي تقف ضد الاحتلال الإسرائيلي وتتبنى فكرة سيادة الدولة اللبنانية، دون الانغماس في مشروعات أيديولوجية دينية. أما حزب الله فقد أدخل لبنان في مغامرات دينية سياسية أدت إلى تعقيد الوضع اللبناني داخليًا، بالإضافة إلى تهديم الاقتصاد اللبناني في عدة محطات، لا سيما خلال المواجهات العسكرية مع إسرائيل، مثل حرب تموز 2006.
الحرب في 2006 والمغامرة العسكرية:
في عام 2006، عندما دخل حزب الله في مواجهة مع إسرائيل، أدت هذه المواجهة إلى دمار واسع في لبنان، وهو ما كان بمثابة فشل سياسي وعسكري كبير. بعد هول الدمار الذي خلفته الحرب، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله جملته الشهيرة: “لو كنت أعلم”، معبرًا عن ندمه على النتائج التدميرية لهذه المعركة التي لم تحقّق هدفًا استراتيجيًا في الدفاع عن لبنان. في تلك اللحظة، بدا وكأن حزب الله قد فشل في تحقيق التوازن بين المقاومة وحماية لبنان من الدمار.
إعادة الاحتلال بعد التحرير:
في حين أن جمول كانت واحدة من أبرز الحركات التي حققت إنجازًا عسكريًا مهمًا بتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، فإن مقاومة حزب الله في بعض الأحيان أدخلت لبنان في مغامرات لم تُحسن حساباتها، ما جعلها تعيد لبنان إلى واقع الحرب والدمار، وهو ما أدى إلى إعادة الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 2006، حيث سعت إسرائيل إلى إعادة فرض سيطرتها على الأراضي اللبنانية في مواجهة المقاومة.
بينما كانت جمول تسعى لتحقيق تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي بوسائل وطنية وديمقراطية، كان حزب الله قد تبنى مشروعًا إسلاميًا يعكس توجهات إيرانية إقليمية، وهو ما أدى إلى تباين كبير في الاستراتيجيات والأهداف بين المقاومة الوطنية والمقاومة الإسلامية. ونتيجة للمغامرات العسكرية والسياسية التي خاضها حزب الله، وجد لبنان نفسه أمام تحديات كبيرة، بما في ذلك إعادة الاحتلال الإسرائيلي في بعض المناطق وخسارة جزء من سيادته الاقتصادية والجغرافية.
فكر جمول السياسي في التحرير:
- التحرير الوطني:
ركزت جمول على تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، معتبرةً أن هذا التحرير هو الخطوة الأولى نحو استعادة السيادة الوطنية. في كتابه “المقاومة: أفكار للنقاش عن الجذور والتجربة والآفاق”، يوضح كريم مروة أن المقاومة كانت تهدف إلى تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي. - التغيير الديمقراطي:
لم تقتصر أهداف جمول على التحرير العسكري فحسب، بل سعت أيضًا إلى تحقيق تغيير ديمقراطي داخلي. في مقدمة كتاب كريم مروة، يشير جورج حاوي إلى أن المقاومة كانت تسعى إلى التغيير الديمقراطي، معتبرًا أن المقاومة ليست فقط ضد الاحتلال، بل أيضًا من أجل بناء نظام سياسي ديمقراطي في لبنان. - الوحدة الوطنية:
أكدت جمول على أهمية الوحدة الوطنية بين مختلف الطوائف والفئات اللبنانية لمواجهة الاحتلال. في كتابه “المقاومة: أفكار للنقاش عن الجذور والتجربة والآفاق”، يبرز كريم مروة أن المقاومة كانت تعبيرًا عن وحدة الشعب اللبناني في مواجهة التحديات المشتركة. - الدور العربي والدولي:
رأت جمول أن الدعم العربي والدولي ضروري لتحقيق أهدافها. في كتابه، يناقش كريم مروة دور العرب في المقاومة، مؤكدًا على أهمية الدعم العربي في تعزيز قدرات المقاومة الوطنية اللبنانية.
تُعَدُّ جمول نموذجًا للمقاومة الوطنية اللبنانية التي جمعت بين أهداف التحرير الوطني والتغيير الديمقراطي، مع التأكيد على الوحدة الوطنية والدعم العربي والدولي. من خلال كتابات قياداتها مثل كريم مروة وجورج حاوي، يتضح أن جمول كانت تسعى إلى بناء لبنان حر ومستقل، بعيدًا عن الهيمنة الخارجية، مع التأكيد على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
المقاومة الإسلامية وولاية الفقيه:
تعتبر “الجمهورية الإسلامية” فكرة مركزية في كتابات وسلوكيات قيادات حزب الله، سواء كان ذلك في خطاباتهم أو في المؤلفات الفكرية التي كتبها بعض من قادته مثل نائب الأمين العام نعيم قاسم. ولعل هذه الفكرة، التي ارتبطت بشدة بنظرية ولاية الفقيه في إيران، شكلت حجر الزاوية لفهم حزب الله ودوره في السياسة الإقليمية والدولية.
نعيم قاسم الأمين العام الحالي وكتبه:
نعيم قاسم هو أحد المؤسسين البارزين لحزب الله و الأمين العام الحالي، وهو معروف بكتاباته الفكرية والسياسية التي تتناول العديد من الموضوعات المتعلقة بالثورة الإسلامية في إيران، وخاصةً في ما يتعلق بتأثير هذه الثورة على حزب الله في لبنان والمنطقة بشكل عام.
- “حزب الله: الرؤية والأهداف”: هذا الكتاب يعد من أبرز المؤلفات التي كتبها نعيم قاسم، حيث يتناول فيه فلسفة حزب الله وأهدافه السياسية والدينية. قاسم في هذا الكتاب يربط بين نشأة حزب الله وبين الثورة الإسلامية الإيرانية، ويعرض فيها كيف أن فكرة الجمهورية الإسلامية في إيران كانت الأساس الذي ألهم تأسيس حزب الله في لبنان. كما يبرز العلاقة العميقة التي تربط الحزب بإيران، ويشرح كيف أن حزب الله لا يرى نفسه كحزب لبناني فحسب، بل كجزء من المشروع الإسلامي الذي تقوده إيران.
- “الدولة الإسلامية في لبنان”: في هذا الكتاب، يناقش نعيم قاسم فكرة إنشاء دولة إسلامية في لبنان تحت ظل ولاية الفقيه. يتطرق إلى ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في لبنان، باعتبار أن الحزب لا يسعى فقط إلى تحرير الأرض اللبنانية، بل أيضًا إلى تأسيس نظام سياسي قائم على المبادئ الإسلامية المستوحاة من ولاية الفقيه في إيران. يعكس الكتاب رؤية الحزب للعلاقة بين الدين والسياسة، ويؤكد على أن حزب الله يسعى لتطبيق هذا النموذج في لبنان لتثبيت قيم العدالة والمساواة.
أمين عام حزب الله السابق: حسن نصر الله
حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، هو من أبرز الشخصيات التي تبنت وتبنت فكرة “الجمهورية الإسلامية” في لبنان، التي تبقى محورية في خطاباته وتحركاته السياسية. في خطاباته العديدة، يكرر نصر الله تأكيده على أن حزب الله يتبنى نظريات ولاية الفقيه، وأن حزب الله لا يعترف بمبدأ الفصل بين الدين والسياسة. من خلال دعمه للمشروع الإيراني، يرى نصر الله أن “الجمهورية الإسلامية” هي الحل المثالي لتحقيق العدالة والحكم الصالح.
- الدور القيادي لإيران: في العديد من خطاباته، يعتبر نصر الله أن إيران هي النموذج الأفضل للبلدان الإسلامية، ويرى أن دور الجمهورية الإسلامية في إيران هو إحياء القيم الدينية في الحياة السياسية. هذه الآراء تعكس ارتباط حزب الله العميق بالنظام الإيراني وتؤكد على التعاون المستمر بين الحزب وطهران في كافة المجالات السياسية والعسكرية.
- التأكيد على الوحدة الإسلامية: كما يعبر نصر الله عن إيمانه بوحدة الأمة الإسلامية تحت راية ولاية الفقيه، وأنه من خلال هذه الوحدة يمكن للأمة الإسلامية أن تتحقق من خلال القوة السياسية والعسكرية التي يتزعمها حزب الله في لبنان. في خطاباته المختلفة، يظهر نصر الله دعمه لتطبيق مفاهيم “الجمهورية الإسلامية” في لبنان من خلال تقديم الدعم للمجاهدين ودعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والقوى التي تراها إيران معادية.
فكرة “الجمهورية الإسلامية” في كتابات نعيم قاسم وحسن نصر الله تمثل حجر الزاوية في رؤيتهم السياسية والدينية. يؤمن قاسم ونصر الله أن المشروع الإيراني هو الحل الأمثل للمنطقة وأن حزب الله يلعب دورًا رئيسيًا في نقل هذا النموذج إلى لبنان والعالم العربي. من خلال الدعم المستمر لفكرة ولاية الفقيه وتطبيق الشريعة الإسلامية، يسعى حزب الله إلى ترسيخ مفاهيم الدولة الإسلامية في لبنان، مستلهمًا من التجربة الإيرانية.
تُعتبر جمول صفحة مشرقة في تاريخ المقاومة اللبنانية، حيث جمعت في صفوفها مناضلين من مختلف المناطق والطوائف، وساهمت بشكل كبير في تحرير الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية المحتلة دون أي تفاوض أو مساومة. وحققت تحريرًا مشرفًا، بينما أدخلتنا المقاومة الإسلامية في مغامرات خسرت لبنان اقتصاده عبر حمايتها للفساد ومافيا الحكم، وخسر لبنان بفضل مساوماتها بحره وحصة كبيرة من ثروته النفطية عبر اتفاق لم يكن لصالح لبنان.
تفاصيل الاتفاق البحري:
الاتفاق نص على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في المنطقة المتنازع عليها التي تمتد إلى البحر المتوسط. ومن خلال هذا الاتفاق، تم تحديد الخطوط البحرية بشكل يعترف به الطرفان، مع بعض التعديلات على الخرائط المتفق عليها. وقد وافق لبنان على الخط الذي اقترحته الوساطة الأمريكية، والذي كان يشمل بعض التنازلات لصالح إسرائيل.
الخسائر التي تكبدها لبنان:
- خسارة أميال بحرية: وفقًا للاتفاق، تنازل لبنان عن عدة أميال بحرية من مجاله الاقتصادي في البحر المتوسط لصالح إسرائيل. هذه الأميال كانت تحتوي على احتياطات كبيرة من الغاز والنفط التي كان من المفترض أن تكون من نصيب لبنان. ويعتبر هذا التنازل بمثابة خسارة اقتصادية كبيرة.
- تأثير على ثروات لبنان البحرية: بالرغم من أن لبنان قد حافظ على بعض الحقول الغازية في المنطقة المتنازع عليها، إلا أن الاتفاق يعني أن جزءًا من الثروات الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط أصبح خاضعًا لإسرائيل. وتعتبر هذه الخسارة في الموارد الاقتصادية نقطة حساسة في لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة.
- المعارضة الداخلية: رغم أن الاتفاق حصل على دعم من الحكومة اللبنانية، إلا أن هناك معارضة داخلية واسعة في لبنان، حيث اعتبر البعض أن لبنان قد تنازل عن حقوقه بشكل غير عادل. المنتقدون للاتفاق رأوا أنه لم يكن لصالح لبنان بما يكفي وأنه كان يمكن التوصل إلى اتفاق أكثر عدالة يحفظ حقوق البلاد في هذه الثروات.
واليوم، بعد حرب الإسناد، يبرز الإنجاز الأكبر للمقاومة الإسلامية في إعادة الاحتلال وخسارة كيلومترات من الأراضي وأكثر من ثلاثين قرية، لتصبح منطقة عازلة لحماية حدود العدو الإسرائيلي. وربما لو كان امين عام الحزب السابق حسن نصرالله حياً لقال “يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه”، في إشارة إلى أن لبنان قد تكبد خسائر كبيرة نتيجة للصراع العسكري غير المدروس.