كتب مسعود محمد لـ ” أخباركم – أخبارنا”
تشهد مناطق شمال غرب سوريا، وخاصة في حلب وإدلب، تصعيدًا عسكريًا عنيفًا يعكس تعقيد المشهد السوري وتغير موازين القوى في المنطقة. الاشتباكات، التي أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، تأتي في وقت تواجه فيه سوريا ضغوطًا دولية متزايدة لتعديل سلوك النظام وتماشيه مع التغيرات السياسية الإقليمية. وتسلط هذه الأحداث الضوء على الترابط بين النزاعات المحلية والتوجهات الدولية، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية وجهود إعادة ترتيب العلاقات في المنطقة.
اشتباكات عنيفة في حلب وإدلب
اندلعت معارك عنيفة بين قوات النظام السوري و”هيئة تحرير الشام” والفصائل المسلحة في ريفي حلب وإدلب، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل أكثر من 211 شخصًا في هذه المواجهات. تمكنت الفصائل المعارضة من السيطرة على أكثر من 30 قرية في ريف حلب الغربي وعدد من المناطق الاستراتيجية شرق إدلب، ما تسبب في قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب.
القصف المتبادل بين الطرفين أدى إلى إصابات بين المدنيين، وسط معاناة إنسانية متزايدة نتيجة استهداف المناطق السكنية في إدلب. وفي ريف حلب الشمالي، تصاعدت الاشتباكات بين الفصائل المسلحة نفسها، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية بشكل عام.
الدلالات الإقليمية للمعارك
الاشتباكات الأخيرة ليست مجرد معارك ميدانية، بل تحمل رسائل أعمق تتعلق بالضغوط الدولية على النظام السوري لتغيير سلوكه. تأتي هذه المعارك في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبيرة، مع جهود دولية لإعادة ترتيب العلاقات الإقليمية، بما في ذلك تحسين العلاقات بين دول الخليج وإيران، ومحاولات تهدئة النزاعات في سوريا واليمن.
الدور الإيراني والروسي:
يبدو أن حلفاء النظام السوري، روسيا وإيران، يواجهون ضغوطًا دولية وإقليمية. روسيا، المنشغلة بحربها في أوكرانيا، قد قللت من دعمها المباشر للنظام في إدلب، ما دفع النظام للاعتماد أكثر على إيران. في الوقت نفسه، تواجه إيران مطالب إقليمية للحد من تدخلاتها، ما قد يدفعها إلى تقديم تنازلات في الملف السوري.
الدور العربي:
دول عربية مثل السعودية والإمارات تسعى لإدماج النظام السوري في النظام الإقليمي الجديد، لكن هذا مشروط بالحد من النفوذ الإيراني وتنفيذ إصلاحات سياسية. الاشتباكات في حلب وإدلب تأتي كجزء من اختبار قدرة النظام على التعامل مع هذه المتغيرات.
انعكاسات إنسانية وسياسية
الاشتباكات تؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين في إدلب وحلب، حيث يعيش الآلاف في ظروف صعبة مع نقص الإمدادات الإنسانية واستمرار القصف. من الناحية السياسية، تسلط هذه المعارك الضوء على تعقيد المشهد السوري وحالة الجمود في العملية السياسية، مع استمرار النظام في نهج المواجهة العسكرية بدلاً من التفاوض.
تصاعد الاشتباكات في حلب وإدلب ليس مجرد صراع محلي، بل هو انعكاس لتحولات سياسية أوسع في المنطقة. يعكس هذا التصعيد الضغوط الدولية على النظام السوري لتعديل سلوكه والاستجابة للتغيرات الجارية. في ظل غياب حل سياسي شامل، تبقى هذه التطورات مرشحة لمزيد من التصعيد، مما يضع المنطقة أمام تحديات إنسانية وأمنية كبيرة تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا.