أخباركم – أخبارنا
في خطوة تمثل نقطة تحول تاريخية في العلاقات بين تشاد وفرنسا، أعلنت حكومة تشاد إلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا. يأتي هذا القرار في سياق أوسع يشهد تغيرًا في العلاقات بين فرنسا ودول إفريقية عديدة، حيث تواجه باريس تحديات متزايدة في الحفاظ على نفوذها التقليدي في القارة. القرار التشادي يعكس طموحات البلاد في تعزيز سيادتها وإعادة صياغة شراكاتها الاستراتيجية بما يتماشى مع أولوياتها الوطنية.
لطالما اعتُبرت تشاد حليفًا استراتيجيًا لفرنسا في إفريقيا، حيث كانت القوات الفرنسية تتمركز في البلاد لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل. وتعود اتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين إلى عقود مضت، وشهدت تعديلات في سبتمبر 2019 لتعزيز التعاون العسكري.
في مارس 2024، أعلنت فرنسا أنها ستحتفظ بنحو 1000 جندي في تشاد على الرغم من انسحابها العسكري من مالي والنيجر وإفريقيا الوسطى. اعتُبر هذا الإعلان محاولة من باريس للحفاظ على موطئ قدم في إفريقيا وسط تزايد المعارضة المحلية للوجود الفرنسي.
تفاصيل القرار التشادي:
أعلنت حكومة تشاد، في بيان رسمي، إنهاء اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا. وأوضحت الحكومة أن هذا القرار يأتي بعد “تحليل متعمق” ويعكس رغبة البلاد في تأكيد سيادتها الكاملة وإعادة تقييم شراكاتها الاستراتيجية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية.
أكد البيان أن القرار لا يؤثر على العلاقات التاريخية وروابط الصداقة بين تشاد وفرنسا، مشيرًا إلى أن تشاد ستظل منفتحة على إقامة شراكات جديدة تعود بالنفع على كلا البلدين. كما تعهدت الحكومة باحترام شروط إنهاء الاتفاقية، بما في ذلك فترة الإخطار، والتعاون مع فرنسا لضمان انتقال متناغم.
السياق السياسي والإقليمي:
يأتي القرار في وقت تشهد فيه إفريقيا تغييرات جذرية في علاقاتها مع القوى الاستعمارية السابقة. انسحبت فرنسا من مالي والنيجر بعد الانقلابات العسكرية والضغوط الشعبية التي طالبت بإنهاء الوجود الفرنسي. في هذا السياق، يبدو أن تشاد تسير على خطى دول أخرى تسعى إلى إعادة تعريف علاقاتها مع فرنسا.
داخليًا، يمثل القرار رسالة قوية من الرئيس محمد إدريس ديبي حول توجهه نحو تعزيز سيادة بلاده واستقلال قرارها السياسي والعسكري.
نتائج وموجبات القرار:
1. تعزيز السيادة الوطنية:
يعكس القرار رغبة تشاد في تأكيد استقلالها بعيدًا عن التأثيرات الخارجية، وهو ما يعكس تحولًا في نهج السياسة الخارجية للبلاد.
2. إعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية:
يمثل القرار فرصة لتشاد لتطوير شراكات جديدة تتماشى مع أولوياتها الوطنية والإقليمية.
3. التداعيات على فرنسا:
يعد القرار ضربة جديدة للنفوذ الفرنسي في إفريقيا، حيث تواجه باريس تحديات متزايدة في الحفاظ على دورها التقليدي في القارة.
4. الاستقرار الإقليمي:
قد يؤدي انسحاب القوات الفرنسية إلى تحديات أمنية جديدة في منطقة الساحل، مما يفرض على تشاد تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة هذه التحديات.
يمثل قرار تشاد بإلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا علامة فارقة في العلاقات بين البلدين ويعكس ديناميكية جديدة في إفريقيا تهدف إلى تحقيق السيادة الكاملة للدول. وبينما تسعى تشاد إلى تعزيز استقلالها، يبقى السؤال حول كيفية تأثير هذا القرار على الأمن الإقليمي وعلاقاتها المستقبلية مع فرنسا والقوى الدولية الأخرى.