كتب مسعود محمد لـ ” أخباركم – أخبارنا”
وسط أجواء متوترة، أُعلن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية وفرنسية بهدف إنهاء القتال المستمر منذ أكثر من عام. الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأربعاء، يمتد لمدة 60 يومًا ويأمل في التمهيد لوقف دائم للأعمال القتالية. ومع ذلك، أظهرت التطورات الأخيرة هشاشة هذا الاتفاق.
تصعيد على الأرض
أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ سلاح الجو غارة على منشأة تابعة لحزب الله تُستخدم لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان، مشيرًا إلى أنها جاءت ردًا على انتهاكات لوقف إطلاق النار. كما أطلقت إسرائيل النار على “مشتبه بهم” في مناطق حدودية، ووصفت هذه الأنشطة بأنها تهديد مباشر لاتفاق التهدئة.
في المقابل، اتهم النائب اللبناني حسن فضل الله إسرائيل بانتهاك الاتفاق من خلال استهداف مدنيين عائدين إلى قراهم، في حين أصدر الجيش اللبناني بيانًا يؤكد وقوع انتهاكات إسرائيلية متكررة.
تداعيات على وقف إطلاق النار
الغارة الجوية الإسرائيلية قرب منطقة البيسارية شمالي نهر الليطاني تُعد الأولى منذ بدء سريان الاتفاق. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن أي خرق للاتفاق سيواجه برد حازم، بينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش مستعد “لحرب ضروس” في حال تكرار الانتهاكات.
الوضع الإنساني والأمني
حاولت بعض العائلات اللبنانية النازحة العودة إلى منازلها للاطمئنان على ممتلكاتها، لكنها واجهت وجودًا عسكريًا إسرائيليًا مستمرًا في بعض المناطق الحدودية. في الأثناء، فرض الجيش الإسرائيلي حظر تجول ليلي في جنوب لبنان جنوبي نهر الليطاني، مما زاد من معاناة السكان.
استنتاجات
- الاتفاق يعكس رغبة دولية في احتواء التصعيد، لكنه يواجه اختبارات مبكرة على الأرض.
- استمرار الانتهاكات المتبادلة يهدد بفشل الجهود الدبلوماسية.
- الوضع الإنساني في جنوب لبنان يتفاقم نتيجة القيود الأمنية.
- غياب آليات فعّالة لتنفيذ الاتفاق يزيد من احتمالات العودة إلى التصعيد العسكري.
حزب الله والمستقبل الغامض
يبقى السؤال الأهم: هل يعود حزب الله للحرب لتبرير وجوده؟ وأين مواقف القوى السياسية اللبنانية؟ فما عدا موقف القوات اللبنانية الرافع للصوت، لا نسمع أصواتًا أخرى تجاري مستوى الخراب الذي أوصلنا إليه الحزب. أما بالنسبة للتيار الوطني الحر ومواقفه التي يطلقها، فالمطلوب منه بداية الاعتراف بالخطأ التاريخي في “اتفاق مار مخايل” الذي أمَّن غطاءً للحزب مارس من خلاله الهيمنة على القرار اللبناني.
تصحيح هذا الخطأ يبدأ بانتخاب رئيس سيادي قادر على فرض سيادة الدولة وتأمين الغطاء السياسي للجيش اللبناني لنزع سلاح المليشيات كافة في لبنان، بما فيها سلاح الحزب وكل فصائل سراياه وكل السلاح الفلسطيني غير الشرعي. من هنا يبدأ النقاش ومن هنا يبدأ الإنقاذ.
أما الكلام عن استيعاب حزب الله، فهو كلام يؤجل الحل ويمنح الحزب فرصة لإعادة إنتاج هيمنته وفرضها. الصمت العربي وانطلاق المعارك في سوريا يوحيان بقرار دولي لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد، الذي سيكون ركيزته دولتان مركزيتان: إسرائيل ودولة كردية تمتد حدودها من خانقين حتى الساحل السوري، بالتفاهم والتحالف مع علويي سوريا.
الرئيس السوري بشار الأسد ليس بعيدًا عما يحصل، وهو بدأ بالخضوع لفكرة تنظيف سوريا من الوجودين الإيراني وحزب الله. وسيجد الحزب نفسه في سوريا في المرحلة القادمة أمام ما هو أسوأ مما حصل معه في لبنان، حيث سيواجه مجتمعًا أوغل فيه قتلاً وينتظر اللحظة المناسبة لرد التحية.
الحزب أمام مفترق طرق
هل يعي حزب الله حجم الورطة التي أدخل نفسه فيها؟ وهل هناك من عاقل داخل الحزب يستخدم الحكمة لتبني خيار “لبننة” الحزب نهائيًا، وبالتالي العودة إلى المعادلة الذهبية الحقيقية: “لبنان أولاً”؟ الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.