كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1874 على بدء ثورة الكرامة
قال رائد عباس” والإمامو علي كنت منتصراً لحد ما سمعت كلمة نعيم قاسم”.
والحقيقة أن كلمة الشيخ نعيم، التي قال أنه أرجأها كي يتاح له رؤية العائدين الى الجنوب، بدت وكأن صاحبها يعيش في كوكب آخر. فترتيب نشوة فخر وعز وعنفوان على وجوه بعض من طُلب منهم لبوقوف على ركام البيوت والقرى يرفعون شارة النصر، لا يبدل الخطاب من حجم الإنفصال عن الواقع والإنكار الذي لم يسبقه إليه أحد. وكما كان الأمر قبل “7 أوكتوبر” من تضخيم للقوة وإستعلاء وإنعدام القدرة على رؤية الواقع وحقيقة موازين القوى، قفز صاحب الخطاب فوق واقع أبعاد وصول الجنرال جاسبر جيفرز لقيادة عملية آلية تنفيذ القرار الدولي 1701، وما يحمله الحضور الأميركي من أبعاد. كما تجاهل وجود جيش الإحتلال في الجنوب، وأن أفيخاي أدرعي بات يحدد نمط السلوك الذي على المواطن اللبناني الجنوبي إتباعه، ويعلن اليوم حظر العودة إلى 62 بلدة جنوبية..،
وبالتأكيد غاب عن الخطيب والخطاب تلمس أبعاد ما يجري في الشمال السوري ويرسم مشاهد لتغيير كبير يتقدم في المنطقة، تغيير يرسم الأميركي أطره. وكم كان معبراً الوصف الذي قدمه حسام عيتاني لما هو حاصل في حلب والشمال السوري فرأى أن “إيران في حالة إنحدار وأنها باتت (الرجل المريض) الذي تنبغي إزالة أذرعه”!
يستوقف المتابع قول قاسم أن حزبه حقق إنتصاراً أكبر من إنتصار تموز 2006، وفسر ذلك بطول مدة الحرب وشراستها من جهة، وبأن العدو لم ينجح في تدمير الحزب من الجهة الثانية، فقد “منعنا العدو من تدمير حزب الله ومنعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها وهزمناه لأنه إضطر أن يبرر وستبقى المقاومة مستمرة”. ولم يخبرنا أين ستستمر وكيف؟ وربما أدى إنشغاله بمتابعة فرح العائدين حال دون تمكنه من التمعن ببنود الإتفاق الذي وافق عليه على الهواء قبل وصول هوكشتين إلى تل أبيب، وقد تضمن البنود الحاسمة التي تمنع السلاح اللاشرعي وتصادره وتنزعه ليس فقط في جنوب الليطاني بل في كل لبنان.
طبعاً المكابرة مفهومة لأن صاحبها يعتقد أنها السيبة التي يمكن أن تمنع المحاسبة لحزب أخذ البلد عنوة إلى حربٍ دمرته، فيسعى إلى التنصل من التبعات عن حجم النكبة التي ضربت لبنان، وتتظهر معالمها يوماً بعد آخر، وبالأخص لجهة عدد الضحايا من مدنيين ومقاومين لا يزالون تحت الردم لم يشملهم الحصاء وزارة الصحة بشأن الضحايا، وكذلك لجهة تبلور صورة شاملة عن الخسائر الفلكية الإقتصادية وماذا يعني إخراج أكثرية الطائفية الشيعية من الحياة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ما سينعكس بقوة على دورها السياسي!
وبعد، سيعمد حزب الله لتجاهل ما حملته آلية تنفيذ القرار الدولي واللجنة التي شكلت برئاسة عسكرية أميركية أسندت إلى الجنرال جاسبير غيفرز، من قيادة المنطقة الوسطى وشارك في حروب العراق وأفغانستان، فيما بدا أنه أن زمن التذاكي إلى أفول فهناك توسع في الدور الأميركي، تسبب به حزب الله، وهو الذي دأب على إتهام كل من لا يرى رأيه أنه تابع للأميركيين ولإسرائيل. فتكشف الأيام، وحرب تدمير لبنان، أن الحزب الذي كان مخترقاً حتى النخاع من جانب العدو الإسرائيلي، هو المسؤول عن إستدراج الإحتلال مجدداً ووصاية أميركية معلنة على البلد.. لكنه حافط على “شرف وفخر وعنفوان” وأيضاً “نحمي ونبني”.. وقد يكون هناك بعض الظلم لحزب الله، لو إكتفينا بالحديث عن مسؤوليته، وهي جسيمة. فكل أطراف نظام المحاصصة للفساد والبلطجة والإفلات من العقاب، شركاء في مسار أوصل البلد إلى هذا الدرك الخطير، وعمق من إذلال اللبنانيين، فيما هم بخير ويرفلون بالسعادة والفرح على ما برز في الجلسة النيابية، التي رحّلت تعسفاً الإنتخابات الرئاسية إلى 9 كانون الثاني!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن