تقرير فلسطين السياسي
لمح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، في رسالة وجهها إلى ضباط الجيش امس الجمعة، إلى أنه يعتزم الاستقالة من منصبه بعد انتهاء التحقيقات في إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الاول ومجرى الحرب على غزة ولبنان.
وكتب هاليفي في رسالته أنه “بسبب النتائج والقتلى الكثيرين بين الجنود، في نهاية التحقيقات سنتخذ قرارات شخصية ونطبق المسؤولية على الضباط، مني ونازلا. وليس لدي أي نية لتجاوز قرارات شخصية عندما تتضح الصورة أمامنا”.
ووجه انتقادا مبطنا إلى وزير الجيش الجديد يسرائيل كاتس، في أعقاب تجميد الأخير قرارا اتخذه هاليفي، الأسبوع الحالي، بترقية ضابطين إلى حين اتضاح علاقتهما بإخفاق 7 أكتوبر وأدائهما خلال الحرب.
وكتب هاليفي في الرسالة أن “تعيين ضباط في مناصب ليس امتيازا، وإنما واجب قيادي وعملياتي. والجيش الإسرائيلي ليمكنه أن يسمح لنفسه بالجمود”.
وأفادت التقارير أن كاتس رفض الموافقة على الاسمين في انتظار فحص علاقتهما بأحداث 7 أكتوبر. ووافق على بقية التعيينات التي شملت نحو 40 اسمًا.
من جهة ثانية، دانت الرئاسة الفلسطينية، امس الجمعة، مجازر الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة وآخرها مجزرة بيت لاهيا، والتي أسفرت عن أكثر من مائة شهيد، وعشرات الجرحى الأبرياء، بينهم أطفال ونساء.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول تنفيذ سياساتها العدوانية بتهجير أبناء شعبنا وفصل شمال غزة عن باقي القطاع، عبر مواصلة مجازر الإبادة الجماعية وحرب التجويع في قطاع غزة، إضافة إلى مواصلة الاعتداءات على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وإرهاب المستعمرين.
وأكد، أن مخططات الاحتلال الهادفة إلى تهجير شعبنا، لن تنجح أمام تمسكنا بوحدة الأراضي الفلسطينية جميعها في إطار دولة فلسطين سواء في القطاع أو الضفة والعاصمة القدس، والرفض العربي والدولي لهذه المخططات.
وطالب أبو ردينة، المجتمع الدولي بالتحرك وإجبار سلطات الاحتلال على وقف عدوانها، وجرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الشعب الفلسطيني، والخضوع لقرارات الشرعية الدولية وأبرزها القرار 2735 الداعي لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإدخال المساعدات لقطاع غزة بشكل كامل، وتمكين دولة فلسطين من تحمل مسؤولياتها كاملة، وإلا فإن المنطقة ستبقى تعيش في دوامة العنف، ولن ينعم أحد بالأمن والاستقرار.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إننا نحمل الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذا العدوان الدموي، جراء اعطائها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الغطاء السياسي للإفلات من العقاب، واستمرار الدعم المالي والعسكري، لتحدي قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق فتوى محكمة لاهاي، بوقف العدوان وانهاء الاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، قال وزير الامن الإسرائيلي آفي ديختر، إن الجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة لسنوات عديدة، و”يقاتل ضد المجندين الجدد لحركة حماس في القطاع”، وقد يكون مسؤولًا عن توصيل المساعدات الإنسانية هناك.
وتؤكد تعليقات ديختر، الصورة الناشئة عن نشر طويل الأمد للقوات الإسرائيلية داخل غزة، مع عدم وجود خطة إسرائيلية فورية لأي إدارة للقطاع.
وأوضح رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي السابق: “أعتقد أننا سنبقى في غزة لفترة طويلة. أعتقد أن معظم الناس يدركون أن إسرائيل ستظل لسنوات في وضع مماثل للوضع في الضفة الغربية حيث تدخل وتخرج، وربما تبقى على طول ممر نتساريم”.
وقد وصف جنود الاحتلال من الاحتياط الذين خدموا مؤخرًا في غزة لصحيفة “الغارديان”، حجم البنية التحتية العسكرية الجديدة التي بنتها إسرائيل في المنطقة. ويشمل ذلك معسكرات وطرق جديدة واسعة النطاق عبر مساحة واسعة من شمال ووسط غزة.
وقال أحد الضباط المسرحين مؤخرًا إنه أمضى جزءًا كبيرًا من الأيام السبعين الماضية في هدم المنازل لتوسيع القواعد العسكرية الكبيرة في ممر نتساريم في غزة. موضحًا: “كانت تلك هي المهمة الوحيدة. لم يتبق أي بناء أطول من خصري في أي مكان (في الممر)، باستثناء قواعدنا وأبراج المراقبة”.
وتؤكد روايات شهود العيان التقارير التي أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية عن أعمال بناء واسعة النطاق تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية في ممر نتساريم وأماكن أخرى في غزة.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالة موجهة للشعب الفلسطيني، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، إنه “في مثل هذا اليوم من كل عام، يقف المجتمع الدولي متضامنًا من أجل كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه وعدالته وتقرير مصيره”.
وأضاف “إحياء الذكرى هذا العام مؤلم بشكل خاص؛ لأن تلك الأهداف الأساسية ما زالت بعيدة المنال كما كانت في أي وقت مضى، لا شيء يبرر هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر واحتجاز الرهائن، استدرك موضحًا “ولا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
وتابع غوتيريش: “مع ذلك، وبعد مرور أكثر من عام، تحولت غزة إلى خراب، وأُبْلِغ عن مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، وتتفاقم الأزمة الإنسانية سوءًا يومًا بعد يوم. وهذا أمر مروع وغير مبرر”.
وتطرق الأمين العام للأمم المتحدة، إلى الضفة الغربية والقدس، قائلًا: “تؤدي العمليات العسكرية الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني وعمليات الإخلاء والهدم وعنف المستوطنين والتهديدات بالضم إلى مزيد من الألم والظلم”.
وواصل القول: “لقد حان الوقت لوقف فوري لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن؛ وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، كما أكدت ذلك محكمة العدل الدولية والجمعية العامة؛ والتقدم الذي لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، والقدس عاصمة لكلتا الدولتين”.
وختم بالقول: “ستواصل الأمم المتحدة تضامنها مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف في العيش في سلام وأمن وكرامة”.
انسانيا، كشف برنامج الأغذية العالمي، أنه تم التمكن من إغلاق جميع المخابز في وسط قطاع غزة بسبب نقص الإمدادات الشديد، ويأتي ذلك وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية، والدمار الهائل في البنية التحتية، ومدخلات إنتاج المواد الغذائية في غزة.
كما أشار برنامج الأغذية العالمي على منصة “إكس”، منذ قليل، إلى أن الخبز كان في أغلب الأحيان الأكل الوحيد الذي تستطيع العائلات في غزة الحصول عليه، والآن، حتى هذا أصبح بعيدا عن تناوله بشكل مستمر، في ظل العمليات المستمرة التي أصابت المخابز ودمرتها بجميع المناطق.
ودعا برنامج الأغذية العالمي، كافة مسؤولي المجتمع الدولي، بضرورة تأمين وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة، لضمان استمرار عيش الأهالي وخاصة المواطن في ظل البرد القارص والأوضاع الراهنة في قطاع غزة.
وكشف برنامج الأغذية العالمي، في وقت سابق، إن أسواق قطاع غزة لا يزال في مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، موضحة أن الأسعار ارتفعت لمستويات قياسية بسبب الحصار المطبق والحرب الإسرائيلية المستمرّة، كما أن الأطعمة الطازجة والبيض واللحوم بالكاد لم يكن متوفر بشكل كبير، ووصلت الأسعار إلى مستويات قياسية.
ووصف مسؤولون وشهود عيان اللحظات الفوضوية والعنيفة التي شهدتها قافلة ضخمة تحمل كمية من الدقيق تكفي لإنتاج الخبز لثلثي سكان غزة لمدة أسبوع هذا الشهر. وأوضح المسؤولون أن الهجوم نفذته مجموعات من المجرمين، وليس المدنيين الذين أصبحوا الآن محرومين من الغذاء في منطقة قريبة من المجاعة، وفق ما ورد في صحيفة “الغارديان” البريطانية.
قال أحد المسؤولين في المجال الإنساني: “معظم عمليات النهب المنظمة تجري في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي”.