كتب حسين قاسم لـ ” أخبارك – أخبارنا”
أول من أطلق مصطلح “الرجل المريض” لأول مرة عام 1853 هو القيصر الروسي نيكولاي الأول، في إشارة منه إلى الإمبراطورية العثمانية، ثم شاع استخدامه في أرجاء أوروبا للإشارة إلى تدهور حال الإمبراطورية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر.
ارتبط المصطلح بصور نمطية سلبية عن الأتراك في المخيلة الأوروبية، مثل “التركي الشهواني” و”التركي المرعب”. واستُخدم لوصف ضعف الدولة وفقدانها لهيبتها وأراضيها تدريجياً. وأصبح المصطلح رمزاً للدول التي تعاني من ضعف سياسي واقتصادي وعسكري.
ثم استُخدم لاحقاً لوصف الدول العربية في فترات ضعفها المختلفة. حتى أطلقت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية المصطلح على ألمانيا في أوائل الألفية الثانية بسبب مشاكلها الاقتصادية. وقد دفع هذا الوصف ألمانيا لإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية، مما أدى إلى تحسن وضعها الاقتصادي لاحقاً.
أثر المصطلح أيضاً على السياسات الوطنية محفزاً بعض الدول لإجراء إصلاحات جذرية لتحسين صورتها وقوتها الاقتصادية. مثلاً في تركيا، سعى مصطفى كمال أتاتورك لتغيير الصورة النمطية عن الأتراك من خلال تغييرات في الزي والثقافة، وليس فقط بالتغيير الجذري الذي قام به بإلغاء الخلافة الإسلامية ونقل المجتمع التركي إلى العلمانية وتأسيس الدولة الحديثة.
ومع مرور الوقت تطور مصطلح “رجل أوروبا المريض” من وصف للإمبراطورية العثمانية إلى رمز أدبي وسياسي يستخدم لوصف الدول التي تمر بفترات ضعف، مما يحفز في بعض الأحيان إصلاحات وتغييرات جذرية في هذه الدول.
يبدو حالياً أن ما أصاب السلطنة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بدأ بإصابة الإمبراطورية الفارسية، التي ترامت أطرافها لا سيما توسعها في الدول العربية والسيطرة على أربع عواصم فيها كما صرَّح أحد قادة طهران ذات مرة، وقد رافق انتفاخ دورها فائض قوة ساهم في تدمير مناحي الحياة المختلفة للمجتمعات العربية. الذي حصل أن إيران نفذت على أكمل وجه ما أوكل إليها، بإضعاف الدور العربي في الإقليم، وإلحاق أشد الضرر بالقضية الفلسطينية لا سيما مساهمتها الفعالة بتقسيم القرار الوطني الفلسطيني. لهذه الأسباب وغيرها اتُخذ القرار بإنهاء النفوذ الإيراني في الإقليم، سبق وأشرنا له مراراً في مقالات سابقة لا سيما عند اندلاع حرب غزة، لذلك تم وضع نتائج حرب المساندة التي قام بها حزب الله في الثامن من اوكتوبر ٢٠٢٣ انطلاقاً من لبنان تحت هذا العنوان، وتالياً ان ما يحصل في سوريا حالياً وسيستكمل إلى ساحات النفوذ الأخرى تندرج تحت عنوان انهاء النفوذ الإيراني. والأهم أن تغييراً سيطرأ على السياسة الأمريكية تجاه التعاطي مع هذا الموضوع لجهة إبدال إنهاء الملف النووي الإيراني بإسقاط النظام لتوفير حرب سيكون لها تداعيات خطيرة لا سيما أن الدول العربية تقترب من تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط ولم يعد ثمة داعٍ للمزيد من ابتزازها وتخويفها.