أخباركم – أخبارنا
كتب د. كاوا محمود سكرتير الحزب الشيوعي الكوردستاني
مثل أي نهاية تاريخية منتظرة لأي ديكتاتور، سقط نظام الأسد الاستبدادي في سوريا رغم استمراره لفترة طويلة بسبب النزاعات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، جاءت نهاية النظام نتيجة لتحولات نوعية كبيرة في التوازنات والمصالح الإقليمية والدولية، خصوصًا بعد أحداث السابع من أكتوبر في غزة والحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله، إلى جانب القرارات السياسية والعسكرية المتعلقة بشل نشاط الميليشيات المرتبطة بإيران في المنطقة، مما سرّع سقوط الأسد.
الوضع الجديد في سوريا بعد سقوط النظام السابق يحمل تحديات جديدة للقوى الديمقراطية والمدنية. القوى الإقليمية والدولية مثل تركيا، إسرائيل، دول الخليج، إيران، الولايات المتحدة، وروسيا، باستثناء الأمم المتحدة، تختلف في مواقفها تجاه مستقبل سوريا. مجلس الأمن الدولي أصدر قراره 2245 في 18 ديسمبر 2015 بشأن وقف إطلاق النار والحل السياسي، ولكن الأطراف لا تزال تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.
التجارب التاريخية تشير إلى أن سقوط أية سلطة ديكتاتورية، خصوصًا التي استمرت لأكثر من عقود، لا يعني بالضرورة نهاية الاستبداد، بل يمكن أن يفتح الباب لصراعات جديدة. المعارضة المسلحة، التي تطرح نفسها بديلا للسلطة تصنف اطراف منها كمنظمات إرهابية دوليًا، قد تسعى لملء الفراغ، مما يزيد تعقيد المشهد، اضافة للتهديدات المتعلقة بوجود داعش.
سقوط نظام الأسد أدخل سوريا في مرحلة جديدة من الصراعات الداخلية، مع تحديات أكبر أمام الشعب السوري بما في ذلك الطرف السیاسي الكوردي في هذه المرحلة الجديدة، لذا من المهم أن تدرس القوى الديمقراطية والمدنية واليسارية السورية الوضع بموضوعية وتعيد تقييم المرحلة السابقة والراهنة بشكل انتقادي، وتعمل بشكل مشترك لجمع القوی الاجتماعية المناضلة من اجل تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تحمي حقوق الإنسان وحقوق جميع القوميات والمكونات.
نهاية الديكتاتورية لا تعني نهاية الأزمة؛ فهي بداية لمرحلة مليئة بالتحديات السياسية، من العدالة الانتقالية إلى إعادة بناء الدولة التي تعاني من ازمة تاريخية كجزء من ازمة ما یسمی بالدولة الوطنية في المنطقة، اضافة الی متعلقاتها في اطار وضع دستور جديد للبلاد. وعلى القوى الكردية في روجآفا، إلى جانب الإدارة الذاتية، أن تتحمل مسؤوليات جديدة في هذا السياق:
- إعادة تقييم الوضع الإقليمي والدولي والعمل على تهدئة التوترات وإقامة علاقات طبيعية مع الأطراف الدولية والاقليمية المؤثرة، مؤكدة أن روجآفا ليست تهديدًا لأي دولة.
- الحفاظ على استقلالية القرار السياسي الكردي في روجافا بعيدًا عن التدخلات الخارجية والإقليمية او تدخلات من قبل اطراف كوردستانية من الاجزاء الاخری.
- تعزيز وحدة القوى السياسية في روجآفا وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الأطراف الأخرى لضمان مشاركة فعّالة في تقرير مستقبل سوريا السياسي وحماية حقوق الكورد والقوميات والمكونات الاجتماعية الاخری.
- الاستعداد لمواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية وضمان حماية الشعب الكردي في روجآفا والتي تتطلب العمل المشترك بين القوی السياسية في روجافا.
هذا الوضع الجديد يتطلب حكمة وتعاونًا بين جميع الأطراف لإيجاد حلول تضمن العدالة والسلام لجميع مكونات سوريا.