الإثنين, يناير 13, 2025
20.4 C
Beirut

سقوط نظام الأسد: بين مخاوف النفوذ وآمال التخلص من الهيمنة

نشرت في

كتبت عايدة الأحمدية لـ “أخباركم – اخبارنا”
لطالما كان الوضع السياسي في سوريا يشكل محط اهتمام بالنسبة للبنان الذي يتأثر بشكل مباشر بأي تغييرات جوهرية تحدث فيه، وانطلاقا من ذلك شهد لبنان انقسامًا حادًا في ردود الفعل بعد سقوط نظام الأسد. تراوحت المواقف بين الفرح والابتهاج والاحتفال لدى البعض، والقلق الممزوج بالخوف لدى آخرين. إذ ان سقوط النظام السوري، لم يكن حدثًا متوقعًا في ظل مشهد سياسي لبناني شديد التشابك بالطائفية.

الخوف على النفوذ
علىى الرغم من انسحاب القوات السورية في العام 2005، الا ان نفوذ الأسد بفي قويًا من خلال تحالفاته مع قوى لبنانية مثل حزب الله وحلفائه في “8 آذار”. ويكمن خوف الذين كإنو يديرون في فلك ما يسمى بالممانعة، من تقلص نفوذهم، و من ان تلك القوى قد تواجه مستقبلًا غامضًا مع سقوط النظام السوري الذي كان داعمًا رئيسيًا لحزب الله، سياسيًا وعسكريًا، وفقدانه يُضعف الحزب ويضع بيئته في مواجهة تحديات داخلية وخارجية.

و خروج إيران من سوريا بشكل دراماتيكي سيؤثر بشكل خطرا كبيرا على الحزب “إذ تعتبر سوريا الرئة التي يتنفس منها حزب الله، كونها تمثل القناة الأساسية التي يصل من خلالها الدعم الإيراني إليه”.ما سينعكس حتما على الحزب، لا سيما على المدى البعيد، سواء من حيث تأمين العتاد العسكري أو على مستوى تأثيره السياسي داخل لبنان
أضف الى ذلك هناك خوف من انهيار أمنى قد يؤدي إلى حالة من الفوضى في سوريا، ما ينعكس على لبنان من خلال تصاعد التوترات الطائفية والمذهبية
كذلك فان سقوط الأسد سيخلق تحولات إقليمية واسعة، ما يضع لبنان أمام تحديات التعامل مع قوى إقليمية متصارعة (مثل إيران وتركيا ودول الخليج) التي تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقةوبالتالي سيتقلص النفوذ الايراني وبالتاي ذراعه. في لبنان وفي هذا السياق يتخوف. البعض من ان حلفاء الأسد في لبنان، خصوصًا حزب الله، قد يلجؤون إلى تصعيد داخلي للحفاظ على نفوذهم، وهذا التصعيد يمكن أن يأخذ أشكالًا أمنية أو سياسية وربمما طائفية ، مما يزيد من حدة الانقسام الداخلي.
ومن. المخاوف التي يعبر عنها حلفاءالاسد، ان إسرائيل سترى في سقوطه فرصة لتقويض حزب الله وإضعاف النفوذ ايران في المنطقة وليس في سوريا ولبنان فقط. ، وقد تستغل الوضع لتكثيف عملياتها العسكرية في لبنان.

التحرر من الهيمنة السورية

في المقابل، يرى السواد الاعظم من اللبنانيين أن سقوط نظام الأسد فرصة كبرىى للبنان للتخلص من تأثير الهيمنة السورية التاريخية وإعادة بناء علاقاته الخارجية على أسس جديدة بعيدًا عن التدخلات الإقليمية.
اما بالنسبة فرحتهم بسقوط نظام الأسد واحتفلهم بذلك، فإن لهذا الموقف أسبابًا تاريخية وسياسية ترتبط بعلاقة النظام السوري بلبنان.
فقد مرّ لبنان بفترة طويلة من النفوذ السوري الذي اتّسم بالقمع السياسي، والاغتيالات، والتضييق على الحريات، في ظل هيمنة ضباط المخابرات السوريين مثل غازي كنعان ورستم غزالة، الذين فرضوا وصاية سياسية وأمنية مشددةعلى مدى عشرات السنينن. لذلك فإن سقوط النظام السوري يمثل نهاية لحقبة الهيمنة السورية على القرار اللبناني، التي بدأت مع دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976. كما أن سقوط الأسد يعني تراجع نفوذ حلفائه الأساسيين في لبنان، مثل حزب الله، وتعزيز السيادة الوطنية اللبنانية. إضافة إلى ذلك، يُنظر إلى هذا الحدث باعتباره انتصارًا بداية لمرحلة جديدة من التوازن السياسي في لبنان في مواجهة النظام السوري القمعي الذي حاول اسكات كل من عارضه في لبنان بالقمع والاغتيال.

تارخ حافل بالاغتيالات

عمد النظام سوري خلال الحقبة الماضية الى قمع معارضيه في لبنان من خللال ترهيبهم بعمليات الاغتياال التي طالت شخصيات سياسية وفكرية واعلامية وامنية لا يمكن جردهن بهذه العجالة.
من أبرز الشخصيات التي اغتالها النظام السوري إبان حكم حافظ الأسد، الزعيم كمال جنبلاط الذي كان أبرز المعارضين للوجود السوري في لبنان. وقف ضد التدخل السوري المباشر في الحرب الأهلية، ودعا إلى سيادة لبنان واستقلال قراره الوطني. اغتيل في 16 آذار 1977، في عملية تحمل بصمات واضحة للنظام السوري، لتكون رسالة قاسية لكل من يعارض هيمنة دمشق.

وفي 16 أيار 1989، اغتيل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، وهو شخصية دينية بارزة معروفة بمواقفه الوطنية المعتدلة ودعوته للوحدة الوطنية. يُعتقد أن اغتياله جاء نتيجة مواقفه الرافضة للوصاية السورية على لبنان.

فضلا عن التصفيات الجسدية عمد حافظ الاسد الى تصفيات سياسية ومعنوية لمعارضيه وفي الفترة التي تولى فيها العماد ميشال عون رئاسة الحكومة العسكرية في لبنان (1988-1990)، والتي شكلت بداية حالة الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل. أطلق عون “حرب التحرير” ضد الجيش السوري عام 1989، لكنه فشل في تحقيق أهدافه بسبب ضعف التوازنات الداخلية والإقليمية. وأدت الأحداث إلى انعقاد اتفاق الطائف وانتهى عهد عون بدخول الجيش السوري قصر بعبدا ونفي عون الى باريس.

وقد كان اعتقال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع عام 1994 أحد أبرز الأمثلة على القمع السياسي حيث أمضى جعجع 11 عامًا في السجن قبل الإفراج عنه بعد انسحاب القوات السورية عام 2005.
وخلال تولي الأسد الابن السلطة حررت في اقل من عام سلسلة اغتيالات وجهت فيها أصابع الاتهامات الى النظام السوري أبرزها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 الذي شكل نقطة تحول كبرى في المشهد اللبناني. اتُهم النظام السوري بالوقوف وراء التفجير الذي استهدف موكب الحريري في بيروت، ما أشعل ثورة الأرز وأدى إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان في نفس العام.

وبعد اقل من أربعة اشهر على اغتيال الحريري، اغتيل الصحافي والمفكر سمير قصير في 2 حزيران 2005 بتفجير استهدف سيارته، بعد سنوات من معارضته الشرسة للوجود السوري.

تلاه اغتيال جورج حاوي، الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني، في 21 حزيران 2005، بتهمة انتقاد النظام السوري ومطالبته بعلاقات متوازنة مع دمشق. وبالطريقة نفسها التي اغتيل فيها سمير قصير اغتيل الأمين حاوي، الذي كان أحد مؤسسي الحركة الوطنية اللبنانية لمقاومة الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982.كما ان حاوي كان أحد المناهضين للوجود السوري في لبنان، ودعا إلى إيجاد علاقات متبادلة بين البلدين وإنهاء الوصاية السورية على لبنان والمستمرة منذ الحرب الأهلية اللبنانية فاغتيل في 21 من حزيران عام 2005،
وفي 12 كانون الأول 2005، اغتيل الصحافي والنائب جبران تويني الذي كان من أشد المنتقدين للنظام السوري وأحد رموز ثورة الأرز التي طالبت بخروج الجيش السوري. اشتهر بإلقائه قسمًا دعا فيه اللبنانيين للحفاظ على وحدة بلادهم.وتم اغتيله في 12 كانون الأول 2005 بانفجار سيارة أثناء مرور موكبه في منطقة المكلس ببيروت.
تلى ذلك غتيالات طالت وزراء ونواب ومسؤولين امنيين نذكر منها اغتيال العميد وسام الحسن الذي لعب دورًا محوريًا في كشف جرائم اغتيال عدة، مما جعله هدفًا للنظام السوري. اغتيل بانفجار في بيروت عام 2012، في حادثة اعتُبرت استكمالاً لسلسلة التصفيات ضد الشخصيات المناهضة لذذلك النظام .

هذا غيص من فيض مما عاناه اللبنانيون من جرائم نطام الاسد، على مدى العقود الماضية، شكّل الدور السوري في لبنان عاملًا جوهريًا في تقويض أسس الدولة اللبنانية، وذلك عبر استباحة السيادة اللبنانية والتدخل المباشر في مفاصل الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية. .
واعتمدت الهيمنة السورية على تعيين وإقالة المسؤولين اللبنانيين وفقًا لمصالحها، ما أضعف القرار السيادي اللبناني. أمنيًا، شكّلت أجهزة الاستخبارات السورية شبكة تحكم واسعة داخل لبنان، تمارس التهديد والاعتقال والتصفية بحق المعارضين.
اقتصاديًا، استنزفت الهيمنة السورية موارد لبنان من خلال اتفاقيات غير متكافئة وسيطرة غير مباشرة على قطاعات رئيسية.وهذه الهيمنة خلقت حالة من الانقسام الداخلي وأضعفت مؤسسات الدولة، مما جعل لبنان عرضة للأزمات المستمرة والتدخلات الخارجية.
إن سقوط نظام الأسد يضع لبنان على مفترق طرق، ويعتبر فرصة لإعادة بناء النظام السياسي في لبنان على أسس وطنية، كي لا يبقى هذا البلد في موقع المتلقي للارتدادات الإقليمية.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

شلالا رئيس الجمهورية لم يوافق على تأجيل موعد “الوفاء للمقاومة”!

أخباركم ــــ أخبارنا أعلن المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا ان موعد "كتلة...

عدوان تعليقا طلب تأجيل موعد “الوفاء للمقاومة”: القطار ماشي

أخباركم ــــ أخبارنا قال النائب جورج عدوان تعليقا على تأجيل موعد كتلة "الوفاء للمقاومة":...

كتلتا الثنائي يطلبان تأجيل موعدهما للغد وجنبلاط قال لميقاتي “مش مساقبة هالمرة”

أخباركم ــــ أخباركم أفادت معلومات ان النائب السابق وليد جنبلاط أجرى اتصالاً هاتفياً مع...

تأجيل موعد كتلة الوفاء للمقاومة مع الرئيس عون إلى يوم غد

أخباركم - أخبارنا علم ان كتلة الوفاء للمقاومة طلبت تأجيل موعد لقائها مع رئيس...

More like this

القصيفي لموقعنا: ما يجري الآن في لبنان يمثل تحولاً كبيراً في مآل الأزمة اللبنانية

أخباركم - أخبارنا/ جميل نعمة إعتبر نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، أن ما...

خطاب القسم إنقلاب على الإنقلاب

أخباركم - أخبارنا/ يوسف مرتضى شكّل اتفاق الطائف عام ١٩٨٩ جسر عبور للبنان من...

مسار تشكيل حكومة العهد الجديد ينطلق غدًا فمن سيكون رئبس الحكومة المكلف؟

أخباركم - اخبارنا/ عايدة الأحمدية تتجه الانظار الى مسار تشكيل حكومة العهد الجديد، الذي...