كتب مسعود محمد لـ أخباركم – أخبارنا
في إحدى الليالي المشحونة بالتوتر في دمشق، جلس الرئيس السوري بشار الأسد إلى طاولة العشاء مع دبلوماسي إيراني رفيع المستوى، نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. العشاء الذي وصف بـ”الأخير”، لم يكن فقط مناسبة رسمية بل لحظة مفصلية كشفت تغيرات عميقة في موازين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في سوريا. أمام الكاميرات، أعرب عراقجي عن ثقته بقدرة سوريا على التغلب على “الجماعات الإرهابية”. لكن خلف الكواليس، كانت الرسائل مختلفة تمامًا.
التصريح العلني والرسالة السرية
وفقًا لما نشرته صحيفة فاينانشال تايمز، أكد عراقجي للأسد في تصريحات علنية أن إيران تقف إلى جانبه وأن سوريا قادرة على تجاوز التحديات الراهنة. ومع ذلك، كشف مصدر إيراني مطلع للصحيفة أن عراقجي أبلغ الأسد سرًا بأن “إيران لم تعد في وضع يسمح لها بإرسال قوات لدعمه”.
هذا التصريح غير المتوقع عكس تغيرًا جوهريًا في الموقف الإيراني، الذي طالما كان حجر الزاوية في دعم النظام السوري منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011. السبب؟ الانشغال الإيراني بالصراعات الإقليمية، من بينها المواجهة مع إسرائيل وانخراطها العميق في حربها بالوكالة عبر حزب الله.
تصاعد قوة المتمردين وخسائر النظام
في الوقت الذي كان الأسد يحاول استيعاب الرسالة الإيرانية، كانت الأوضاع على الأرض تتفاقم. تمكنت هيئة تحرير الشام، الجماعة الإسلامية التي تقود حملة المتمردين، من الاستيلاء على مناطق واسعة في الريف المحيط بمدينة حماة.
• حماة: رمز المقاومة والقمع
هذه المدينة التي يقطنها مليون شخص، تحمل إرثًا مأساويًا منذ عام 1982، عندما قمع حافظ الأسد، والد بشار، تمردًا شعبيًا أدى إلى مقتل عشرات الآلاف. أصبحت المدينة اليوم مرة أخرى مركزًا للصراع، مع تصاعد هجمات هيئة تحرير الشام.
• ردود فعل النظام
لمواجهة الأزمة، ضاعف الأسد رواتب الجنود، في محاولة لتحفيز قواته وسط تراجع الدعم الأجنبي. وفي الوقت نفسه، شنت روسيا غارات جوية على مواقع المتمردين. لكن، على عكس المراحل السابقة من الحرب الأهلية، لم تكن الغارات الروسية حاسمة. فقد كان التفوق الجوي الروسي، الذي دمر مدنًا بأكملها في الماضي، غير فعال أمام التحركات السريعة والمنظمة للمتمردين هذه المرة.
تأثير الحربين: أوكرانيا وإسرائيل
التقدم السريع لهيئة تحرير الشام لم يكن مجرد نتيجة لقوة المتمردين، بل كان مرتبطًا مباشرة بتداعيات حربين رئيسيتين:
1. حرب روسيا في أوكرانيا:
استنزفت الحرب الأوكرانية الموارد العسكرية والاقتصادية لموسكو، مما قلل من قدرتها على تقديم دعم فعّال للأسد. وقال مسؤول سابق في الكرملين لـفاينانشال تايمز إن “غزو بوتين لأوكرانيا أدى إلى استنزاف قوات موسكو بشكل كبير، تاركًا الأسد وحيدًا في مواجهة المتمردين”.
2. حرب إسرائيل وحزب الله:
انخراط إيران وحزب الله في مواجهة إسرائيل، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية المتصاعدة، قلل من تركيزهما على دعم النظام السوري.
قراءة استراتيجية
المشهد السوري اليوم يعكس تحولًا في ميزان القوى الإقليمية والدولية:
• ضعف الحلفاء التقليديين:
إيران وروسيا، الركيزتان الأساسيتان للنظام السوري، تواجهان ضغوطًا كبيرة على جبهات متعددة، ما اسقط دعمهما للأسد وتخليهما عنه. .
• صعود القوى المتمردة:
هيئة تحرير الشام استفادت من الفراغ العسكري لتوسيع سيطرتها، مما يعيد رسم خريطة النفوذ في سوريا.
العشاء الأخير لعراقجي مع الأسد عكس لحظة فارقة في الحرب السورية، حيث تخلى الحلفاء تدريجيًا عن التزاماتهم تجاه النظام، عاكسين عنوان المقالة الاخيرة التي نشرها موقعنا قبل سقوطه، بعنوان : ايران وفرقة الرضوان وروسيا باعونا (فيديو) .. سقطت حمص! هل يهرب الاسد؟
تحققت نبؤة اطفال درعة ” جاك الدور يا دكتور” .. هرب وتحول الى لاجئ هل نسامح وهل ننسى؟