كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1884 على بدء ثورة الكرامة
لبنان، سوريا، العراق ، فلسطين.. أمام مرحلة جديدة وزمن جديد. لسقوط نظام البراميل المتفجرة، أبعاد تتجاوز سوريا، إلى سقوط مدوٍ لكل منظومة الإستبداد التي كادت تصحر منطقتنا. يكفي أننا في لبنان أمام سقوط زمن الأبواق من مرتزقة السياسة وبراميل “المثقفين”، وإفتضاح منظومة إعلامية، مكتوبة ومسموعة ومرئية، كان همها تدمير الوعي وتسخيف الوطنية وتبرير حكم ذمي طائفي والترويج لكل أشكال التبعية.. ونحن في لبنان أمام إفتضاح منظومة سياسية هي اليوم جاثمة على صدور المواطنين وقد حولت البلد إلى مزرعة لها ولأتباعها..الحساب آتٍ مع أهل الخط والإرتهان ومن إقترع مرارا بالدم للطاغية!
— لنبدأ من سوريا ليس بالأمر السهل طي صفحة أعتى إجرام ضرب سوريا طيلة 54 سنة من أصل أقل من 80 سنة عمر الإستقلال السوري. وليس سهلاً أبداً إعادة تكوين سلطة في سوريا بعد ما عرفته من دمار طال البشر والحجر. الصعوبات الماثلة أمام السوريين مخيفة، ومن حق السوريين أولاً أن يقلقوا من خطوة إنتقال السلطة وإعلان البشير رئيساً لحكومة إنتقالية لمدة 3 أشهر. تجربة إدلب لا يمكن أن تكون صالحة لقيادة سوريا الجديدة الغنية بالقدرات والكفاءات. ومن حق السوريين أن يقلقوا من التجاوزات الخطرة جداً التي تطل برأسها في دمشق والساحل وحمص وغيرها، التي تفترض معالجة حقيقية وإن تم إعتبارها فردية فسيكون ذلك مصدر القلق الإضافي، والإنكار هنا غير مفيد..
أما إطلالات احمد الشرع ( أبو محمد الجولاني)، من اللباس إلى المقابلة مع “السي آن آن” وخطبة الجامع الأموي وغيرها، فهي وإن حملت رسائل متنوعة، تدعو إلى التحفظ الشديد حيال الترويج عن “تحولات” يمثلها. بالتأكيد هناك رغبة لقيام نظام إسلامي متشدد لكن مثل هذا المنحى يحمل مخاطر على سوريا ومن الصعوبة بمكان أن يتمكن من الإستقرار، وعلى الأرجح إن ما يفاقم المصاعب هو الدور الإسرائيلي العدواني بتدميره قدرات عسكرية لسوريا و إحتلاله الجولان وجبل الشيخ..، كل ذلك يخدم قوى التطرف.
سوريا الجديدة أمام عقبات من كل الأنواع، لكن أكبرها قد تكون في المسألة الإتنية: عرب وكرد. قال مظلوم عبدي قائد “قسد”(قوات سوريا الديموقراطية) أن اليد ممدودة لدمشق وأن صلات تتم مع “هيئة تحرير الشام” عبر “الأصدقاء” الأميركيين.. هنا يكمن الخطر الأكبر في الدور التركي، وهو دور له بصمات كبيرة على “هيئة تحرير الشام” ويناصب الكرد العداء، وما حدث في تل رفعت ثم في منبج لا يبشر بالخير، لأنه معروف أن أنقرة إعتبرت على الدوام الكردي الجيد هو الكردي الميت.. بالخلاصة سوريا الجديدة لا تكون بدون شرق الفرات والقصة طويلة وكبيرة.
— اللبنانيون يشعرون عن حق بزوال كابوس كبير عن صدورهم، ولا إفتعال أبداً في مشاهد الفرح التي عمت لبنان نتيجة سقوط طاغية دمشق ونظامه البائد. البداية المهمة جداً أنه بات بالإمكان وبيسر، بعد إتفاق وقف النار إستعادة الحدود الشرقية والشمالية إلى الشرعية.. مع أنه ليس أمراً عابراً ما جرى على معبر المصنع من إدخال عددٍ من رموز إجرام النظام السوري إلى البلد، تمكن بعضهم من المغادرة عبر مطار بيروت. هناك ما يستدعي معالجة جدية وقد تكون القضية أكبر من إمكانية ضابط الأمن العام المسؤول عن معبر المصنع أحمد نكد( تم سحبه ومنح إجازة فيما المطلوب إحالته إلى القضاء)، المرتبط على ما يشاع بماهر الأسد من جهة وحزب الله من جهة أخرى. بالمحصلة بات بالإمكان القول أنه ليس سهلاً بعد اليوم إدخال السلاح، واليد الإيرانية التي تصدعت بقوة في لبنان تم قطعها في سوريا وطويت صفحة الهلال الفارسي.
— نكبة فلسطين مخيفة. غزة في وضعٍ مروع. الضفة أمام أكبر خطر وهو إعتزام العدو إحتلالها وإسقاط وضعها وإعلان ضمها. الفلسطينيون الذين ربحوا معركة سقوط المتاجرين في قضيتهم أمام منحى آخر، والذين صنعوا ثورة الحجارة وفازوا بالسياسة يمكن أن يبتدعوا الكثير. تكمن قوة الفلسطيني التاريخية بتمسكه بأرضه وتمسكه بحقوقه في الكرامة والحرية والإستقلال، ودوما كان هناك تمثيل وحضور سياسي فلسطيني، وقد تكون الأولوية الخلاص من تكلس منظمة التحرير والكثير من القيادات ليكون متاحاً الإستفادة من متغييرات خارجية عكست تأييداً واسعاً لحق الشعب الفلسطيني بالدولة المستقلة.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.