أخباركم – أخبارنا
موقعها وأهميتها الجغرافية
تقع القامشلي في أقصى الشمال الشرقي من سوريا، على الحدود مع تركيا والعراق، وهي من أكبر مدن محافظة الحسكة. تشتهر بموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها مركزاً اقتصادياً وزراعياً مهماً، إضافة إلى تنوعها السكاني الذي يضم الأكراد والعرب والسريان والأرمن. هذا التنوع جعلها نموذجاً للتعايش الثقافي والعرقي قبل وأثناء الصراع السوري.
التحرر الذاتي منذ عام 2012
في بداية الثورة السورية عام 2011، شهدت القامشلي مظاهرات محدودة بسبب القبضة الأمنية القوية للنظام السوري في المنطقة. لكن مع توسع الصراع، انسحب النظام من أجزاء كبيرة من المدينة في عام 2012، وسلم إدارتها للقوى الكردية، لا سيما حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD). منذ ذلك الحين، تبنت القامشلي نموذجاً للإدارة الذاتية بقيادة كردية، وأصبحت جزءاً من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
هذا الانسحاب جعل سكان القامشلي يشعرون بأنهم في حالة “تحرر فعلي” بعيداً عن سيطرة النظام، وهو ما شكل فارقاً في موقفهم تجاه الاحتفال بسقوط النظام في ديسمبر 2024.
دعوة الشرع للاحتفالات ورفض القامشلي
في ديسمبر 2024، ومع سقوط النظام السوري رسمياً، دعا عدد من الشخصيات السياسية السابقة، مثل فاروق الشرع، إلى الاحتفال بـ”تحرر سوريا”. إلا أن سكان القامشلي رفضوا الاستجابة لهذه الدعوة، مؤكدين أنهم “تحرروا منذ عام 2012”، عندما بدأت الإدارة الذاتية بالسيطرة على مناطقهم.
أسباب رفض الاحتفالات
1. التحرر الذاتي منذ وقت مبكر:
يرى سكان القامشلي أن سقوط النظام في 2024 لا يمثل حدثاً جديداً بالنسبة لهم، حيث أنهم يعيشون تحت إدارة ذاتية منذ أكثر من عقد.
2. التحفظ على السلطة المركزية:
يُبدي سكان المدينة حذراً تجاه أي احتفالات تقودها أطراف مركزية من دمشق، خصوصاً أن تجربتهم السابقة مع النظام السوري تضمنت التهميش والقمع.
3. الهوية الكردية والإدارة الذاتية:
يعزز سكان القامشلي شعورهم بالاستقلال الذاتي ويعتبرون الإدارة الذاتية ضمانة لحقوقهم، بعيداً عن أي تحولات سياسية قد تمس مكتسباتهم.
4. التجربة المريرة مع النظام:
عانت القامشلي، وخاصة سكانها الأكراد، من عقود من التهميش والاضطهاد تحت حكم النظام السوري، ما جعلهم ينظرون إلى سقوطه كخطوة متأخرة وغير كافية.
الوضع الحالي في القامشلي
تعيش القامشلي اليوم في ظل إدارة ذاتية بقيادة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). رغم تحديات الحصار الاقتصادي والنزاعات الحدودية مع تركيا، تواصل المدينة محاولات الحفاظ على نموذجها الخاص في الحكم.
ورغم سقوط النظام السوري، لا تزال القامشلي في حالة ترقب لمستقبل سياسي قد يحمل تغييرات جديدة، خاصة في ظل تدخل قوى إقليمية ودولية في المنطقة.
الخلاصة
القامشلي، التي اختارت عدم المشاركة في الاحتفالات بسقوط النظام، تقدم مثالاً لمدينة اختارت مسارها الخاص للتحرر. بينما يرى بقية السوريين في سقوط النظام لحظة فارقة، يعتبر سكان القامشلي أن تحررهم بدأ منذ عام 2012، وأن معركتهم الحقيقية مستمرة من أجل الاعتراف بحقوقهم وبناء دولة ديمقراطية تعددية تحترم جميع مكوناتها.