تقرير لبنان السياسي
عشية وصول الموفد الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين إلى بيروت، ومغادرة مساء امس الوفد السعودي برئاسة الامير يزيد بن فرحان لبنان بطائرة خاصة ، يكتمل مسلسل الحضور الدولي والاقليمي الذي كان منتظرا على الساحة اللبنانية قبيل جلسة الانتخاب الرئاسية، ويبقى اللبنانيون ينتظرون اي سيناريو يقود الى اعطاء ملامح عن صورة الرئيس العتيد للجمهورية ليملأ الكادر الفارغ لفخامته الذي سيتصدر مكاتب المسؤولين في الوزارات والدوائر الرسمية في لبنان.
فزيارة هوكشتاين المنتظرة اليوم الى بيروت لم تلحظ له أي دور في الانتخابات الرئاسية. فهو عقد الليلة الماضية لقاء مع مجموعة من اصدقائه في العاصمة الفرنسية قبل وصوله الى بيروت اليوم الاثنين ، وكل ما اعلن ، انه سيرأس اجتماعا للجنة الخماسية المكلفة بالاشراف ومراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار الثلاثاء في الناقورة ممارسا المهمة التي وصفته بها القيادة الأميركية الوسطى للجيش الاميركي بانه “القائد السياسي العام” الذي يشرف على عمل رئيس اللجنة الجنرال الاميركي جاسبر جيفرز عند تكليفه غداة التفاهم على تجميد العمليات العسكرية في الجنوب في 27 تشرين الثاني الماضي.
وتقول معلومات ان هوكشتاين سيؤكّد أنّ تعذّر إرسال الجيش ١٠ آلاف جندي الى جنوب الليطاني يعني أن لجنة المراقبة ستتحرك من أجل تفريغ جنوب الليطاني من سلاح حزب الله وسيطرح تمديد الاتفاقية ٦٠ يوماً إضافياً.
في غضون ذلك يبدو ان حزب الله نسي او تناسى ما حل به جراء الضربات التي تلقاها من اسرائيل وذكر على لسان قياديه انه تعافى وكانه يقول انه جاهز لمعركة جديدة والدولة غائبة عن السمع…وهذا ما يقلق اللبنانيين من تجدُّد اندلاع المواجهة بين تل أبيب والحزب..
من جهة ثانية وقبل مغادرته لبنان التقى الوفد السعودي عددا من النواب والشخصيات الفاعلة وخرجوا بمسلمات أبرزها أن لا خيار لدى المملكة حالياً سوى قائد الجيش، وبالطبع هذا الخيار مقرون بصفقة متكاملة ترتبط ببناء الدولة في لبنان وإعادة الإعمار بما يمكن وصفه على حد التعبير السعودي “خلاص لبنان”.
إلا أن البارز فيما لمسه النواب خلال اللقاء أن الوفد السعودي كان حريصاً وبشكل صريح على أن يتم انتخاب الرئيس يوم الخميس تحديداً وليس في الدورات المتلاحقة في الأيام التي تليه كما كان يروج، بهدف تفويت الفرصة على أي تهريبة محتملة من بعض الأفرقاء وقطع الطريق على أي خيار آخر يمكن أن يشق طريقه إلى صفوف النواب بإيعازات خارجية تزاحم المملكة على الملف اللبناني.
في المقابل،أشار مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزبالله وفيق صفا، في كلمة من موقع اغتيال الأمين العام السابق لحزبالله السابق حسن نصر الله، الى أن “المقاومة أفقدت الأمان للعدو في الداخل ونحن كنا وسنبقى في خدمة المقاومة ومع شعبها وسنمنع اي أذى عنهم في الداخل”.
وأكد صفا، أن “حزبالله لم ولن يهزم وهو كما قال السيد حسن نصر الله خلق وعلى جبينه النصر وهو أقوى من الحديد وأقوى مما كان”، مشدداً على أن “ليس لدينا “فيتو” على قائد الجيش و”الفيتو” الوحيد بالنسبة لنا هو على سمير جعجع لأنه مشروع فتنة وتدميري في البلد”.
تصريحات صفا، أثارت موجة من ردود الفعل الغاضبة من قيادات “القوات” وحلفائهم. فالنائب ستريدا جعجع، بدورها، لم تتأخر في الرد. وكتبت عبر منصة “إكس”:”إلى وفيق صفا: أين الفتنة لدى سمير جعجع؟ هل في استقبال بيئتكم الحاضنة في معاقل القوات اللبنانية؟ أم في سياساتكم التي أفقرت البلد وشردت اللبنانيين؟”. وختمت برسالة قاسية:
“وفيق صفا، استفِق. لقد ولّى زمن رفع الفيتوات من قبلكم. أنظر إلى نفسك وتذكّر أفعالك”.
النائب غادة ايوب ردت بكلمة واحدة: تأدب”. بدورها قيادات “الجمهورية القوية” توالت ردودهم على تصريحات صفا. النائب جورج عقيص وصف الوضع بأنه “اختلال تقدير الأحجام”، معتبرًا أن “فيتو صفا انتصار وهمي للحزب، وانتصار حقيقي لجعجع”.
النائب فادي كرم اتهم “حزب الله” بتدمير كل شيء في لبنان، وقال عبر “إكس”:”لم يبقَ شيء لم تدمروه، وحتى العقول لم تسلم منكم. معارضتكم لجعجع ليست إلا محاولة لإبقاء لبنان في حالة دمار”.
وقال رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية”، الوزير السابق ريشار قيومجيان، شدد على أن “الفيتو الحقيقي لدى حزب إيران في لبنان هو ضد قيام الدولة الفعلية”. وأضاف:”سمير جعجع يُشرّف المؤمنين بالدولة والسيادة، وأنتم لستم منهم”.
من جانبه، دعا رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض إلى ترشيح جعجع رسميًا للرئاسة، مؤكدًا أن “الفيتو على جعجع هو محاولة لإقصاء أكبر كتلة نيابية تمثل شريحة واسعة من اللبنانيين”.
النائب غياث يزبك شن هجومًا لاذعًا على صفا، قائلاً:”وقَف وفيق، نقيض الصفا، فخورًا بأحدث سمبوزيوم للدمار الشامل من توقيع حزبه. أما شبعتم موتًا؟”.
النائب إلياس اسطفان اعتبر أن “الفيتو على جعجع هو فيتو على مشروع سيادة الدولة والحرية”، مؤكدًا أن الشعب اللبناني لن يخضع لخطاب الترهيب.
والنائب ميشال ضاهر قال: تعبنا يا حج”… اما النائب ميشال الدويهي فقالك زمن الفيتو انتهى”.
اما الرئيس العماد ميشال سليمان، فقال: “بدعة ديموقراطية جديدة في لبنان هي اشهار الفيتو بوجه مرشح للرئاسة او اكثر”، معتبرا ان “جرح مشاعر اللبنانيين في ثقافتهم الديموقراطية يضاهي التنكر للدستور والتعامل معه كوجهة نظر”.
من جهة ثانية، تلقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية جمهورية مصر العربية د. بدر عبد العاطي، تداولًا خلاله في تطوّرات الأوضاع في لبنان والمنطقة، واستحقاق رئاسة الجمهورية اللبنانية وجلسة الإنتخاب المرتقبة في التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥.
وتطرّق البحث إلى المستجدات على الساحة السورية، وجرى التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وأن يتمكّن السوريون من رسم المسار السياسي في بلدهم من دون أي تدخلات خارجية.
في سياق آخر، اعتبر البطريرك الماروني في عظة الاحد انه “أربعة أيّام تفصلنا عن التاسع من هذا الشهر، يوم يلتئم المجلس النيابيّ لإنتخاب رئيس للجمهوريّة يكسب ثقة المواطنين وثقة الأسرة الدوليّة، ويعمل على المصالحة الوطنيّة، ويوطّد الوحدة الداخليّة، ويزرع الرجاء في القلوب، والسلام في النفوس، ويستمدّ أفكاره ومبادئه من سنة اليوبيل الكبير المقدّس، ومن يوم السلام العالميّ”.
وختم: “فلنصلِّ معًا، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء من أجل هذه النوايا، وعلى نيّة الكتل النيابيّة من أجل نجاح مشاوراتها حول شخصيّة مثل هذا الرئيس. ولله كلّ مجد وشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.
من جهته، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، واعتبر في عظته ان “لبنان بحاجة إلى توبة حقيقية يقدمها نوابه وقادته بسبب إهمال واجباتهم تجاهه. اللبنانيون ينتظرون بأمل جلسة انتخاب الرئيس بعد أيام، ويخشون أن تكون كسابقاتها. أملنا أن يحزم نواب الأمة أمرهم ويتمموا ما كان يجب أن يتمموه منذ أكثر من سنتين، ولا يتركوا قاعة المجلس قبل الوصول إلى إعلان اسم الرئيس المنتخب. نسأل الله أن يلهمهم انتخاب رئيس يكون أمينا للبنان، حاميا فعليا للدستور، يطبقه ويمنع تجاوزه، يعمل بوحي إيمانه بالله وأمانته لوطنه، بتواضع ونزاهة وانفتاح وحزم، على بناء دولة عصرية عادلة، خالية من الفساد، ويؤسس لنهج جديد فلا تكون محسوبية في عهده ولا استزلام ولا استقواء ولا ظلم، ولا تسويات وصفقات على حساب لبنان، بل القوانين تطبق على الجميع، والمحاسبة تطال الجميع”.