أخباركم – أخبارنا
كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1910 على بدء ثورة الكرامة
قبل حديث وفيق صفا كان المشهد العام أكثر من رمادي، وتلبد أكثر مع حديث المسؤول الهمام الأقوى من الحديد. معه حق أن الوضع لا يُحتمل، يعرف جيداً أن الجمرة تحرق محلها، حرقت في الجنوب والضاحية والبقاع، ولا يملك وفيق أي ردٍ على عشرات ألوف الأسر التي بنتيجة حرب حزب الله رغماً عن أنف اللبنانيين، فقدت السقف الذي يأوي وفقدت كل سبل الحياة، وكل النازحين من جنوب الليطاني لا يعرفون إن كان هناك من عودة لهم إلى بلداتهم المدمرة. هنا حاذر وفيق أن يذهب إلى ما ذهب إليه ميشال عون عندما صبّ غضبه على الشعب “المرت”، فقصف بإتجاه آخر برفع الفيتو بوجه حقٍ مشروع لسياسي (سمير جعجع) بالترشح للرئاسة، وما من ترشيح رسمي بعد. من حق صفا ألا يقترع نوابه لهذا أو ذاك، لكن عليه أن يفهم أن زمن هذه العنجهية قد أفل، والفيتو الفعلي ينبغي رفعه بوجهه وهو صاحب شعار “القبع”، وممارسة السلبطة على القضاء لمنع العدالة في جريمة العصر!
نعم المشهد رمادي إن بالنسبة لمصير جلسة 9 كانون الثاني لإنتخاب رئيس ينهي الشغور الرئاسي الذي مضى عليه 26 شهراً، ومعطيات هذا النهار ترجح أن الجلسة ستكون مناسبة لغربلة أسماء وحرقها.. ولن تشهد الجلسات الممتالية أي إنتخاب، إذ يرفع الفيتو بوجه الآخر كل من فريقي موالاة نظام المحاصصة ومعارضته: الثنائي المذهبي، أمل وحزب الله، يقاتل لمنع ترجمة الهزيمة سياسياً…معارضو الثنائي يريدون فوزاً صافياً كثمرة لهزيمة لا دور لهم فيها وحتى أنهم لا يمارسون دوراً سياسياً الآن لفرض تنفيذ إتفاق وقف النار!
كذلك بالنسبة لتنفيذ القرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة بحيث توحي كل المؤشرات بعدم وجود رغبة لدى بقايا السلطة، وواجهتها بري وميقاتي ومعهما حزب الله، بتنفيذ الإتفاق والدليل الأبرز أن حكومة حزب الله التي يرأسها نجيب ميقاتي لم تتخذ قراراً واضحاً بتكليف الجيش مهام التنفيذ. ومع إقتراب النهاية لفتارة وقف النار التجريبي التي تنتهي بعد 3 أسابيع فقط، ولم يتم تنفيذ أي خطوة جدية من إتفاقٍ ملزم للبنان فاوض عليه حزب الله بواجهة هي نبيه بري وأبرمته حكومته برئاسة ميقاتي ولم يعرض حتى على المجلس النيابي، وهنا يطول الحديث عن أحد أسوأ المجالس النيابية التي لا هم للأقليات الكبيرة فيه سوى تسلطها وتمتين نظلمها الطائفي على حساب إعادة بناء الدولة الجامعة التي تحمي الجميع وتضمن حقوق الجميع!
بعد 9 كانون الثاني سيكون لبنان أمام المجهول، نعم المجهول. سيكون العدو الإسرائيلي الذي يمتلك كل المبادرة في موقع تكثيف العدوان، وما حدن يخبرنا أن “المقاومة” ترهبه، ما تحضر له طهران مقلق ومخيف من تجدد “مقاولة” ستتسبب بدمار الأخضر الباقي وتزهق الأرواح، لكن طهران التي تستعد لمفاوضات صعبة مع إدارة ترمب تستفيد منها جزئياً في خدمة ملفاتها: مصير النووي، مصير السلاح الباليستي، ومصير المتبقي من أذرعها في المنطقة. نعم مستبعد أن يكون هناك أولوية خارجية لبلد تحترف فيه منظومة التسلط تضييع الفرص، منظومة تؤكد كل المعطيات والتجارب أنها تعيش غياباً مرضياً عن حس المسؤولية الوطنية، وآخر همها إتاحة الفرصة لإستعادة الدولة والمؤسسات.
كلما تأخر تظهير الصوت البديل المعبر عن المصالح الحقيقية للبلد وأهله يستمر منحى تضييع فرصة للإنقاذ لا تتكرر .
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
