الجمعة, يناير 17, 2025
15.4 C
Beirut

إيران عند مفترق الطرق: فرصة تاريخية للتغيير .. دروس من الماضي ورؤية للمستقبل!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا / مسعود محمد

تعيش إيران لحظة تاريخية مفصلية مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الحاكم نتيجة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة والقمع المستمر. هذه الاحتجاجات، التي تستمد قوتها من غضب شعبي عارم، تواجه تحديات هيكلية تحول دون تحولها إلى حركة تغيير فعلي. في الوقت ذاته، تتراجع هيمنة إيران الإقليمية بعد الهزائم التي لحقت بحلفائها حزب الله وحماس في أعقاب أحداث 7 أكتوبر، مما أضعف النفوذ الإيراني وأتاح فرصة ذهبية للضغط على النظام لإضعافه.

لكن هذه الفرصة لن تكون ذات جدوى ما لم تتم مواجهتها برؤية شاملة وخطة استراتيجية تركز على دعم المعارضة الإيرانية وتعزيز قدرتها على قيادة الشارع، مع ضمان عدم تكرار أخطاء الماضي التي أجهضت الثورات الأخرى في المنطقة. التغيير في إيران يحتاج إلى قيادة حكيمة وتحالفات دولية وإقليمية فعالة تدعم الشعب الإيراني دون فرض أجندات خارجية قد تؤدي إلى تفكك المعارضة وعرقلة مسارها.

في هذا السياق، سأحاول تقديم رؤية للتعامل مع الواقع الإيراني الحالي، مستعرضًا أبرز التحديات التي تواجه المعارضة، والفرص المتاحة لتحويل الاحتجاجات إلى مسار تغييري مستدام يعيد إيران إلى موقعها الطبيعي كدولة تخدم شعبها بدلًا من استنزافه في مغامرات إقليمية خاسرة.

الحركة الاحتجاجية الإيرانية: جذور عميقة وتحديات قائمة
مع استمرار الاحتجاجات في إيران نتيجة الأزمات الاقتصادية والمعاناة الاجتماعية، تبدو هذه الحركة بعيدة عن التوقف رغم خفوتها في بعض المناطق واندلاعها في أخرى. إلا أن غياب القيادة الواضحة والمنظمة يُعد العائق الأكبر أمام تحويل هذه الاحتجاجات إلى تغيير فعلي للنظام. المعارضة الإيرانية تعاني من تحديات عميقة، أبرزها:
1. فقدان الرمزيات القيادية: لا تملك المعارضة شخصيات كارزمية قادرة على توحيد الصفوف، سواء على مستوى الأحزاب الكردية، أو البلوش، أو مجاهدي خلق. غياب شخصيات بحجم عبد الرحمن قاسملو أو فؤاد سلطاني يُضعف مصداقيتها ويجعلها عاجزة عن تقديم مشروع جامع للشعب الإيراني.
2. ضعف المعارضة الكردية والبلوشية: المعارضة الكردية محاصرة في شمال العراق، وتتلقى ضغوطًا من القيادات الكردية العراقية التي تخشى ردة فعل إيرانية. أما المعارضة البلوشية فهي مقموعة، ومعظم قادتها منتشرون في المنافي دون قدرة فعلية على قيادة الحراك الشعبي.
3. مشكلة مجاهدي خلق: رغم أنها التنظيم الأكبر، تعاني من أزمة مصداقية داخلية، حيث يُنظر إليها كشريك غير مرحب به بسبب طبيعتها الديكتاتورية، وشبهات ارتباطها بأجندات خارجية.
4. هيمنة النظام واستناده لتحالفات دولية: النظام الإيراني ما يزال قويًا بفضل تحالفاته مع روسيا والصين، إضافة إلى تمدده الإقليمي في العراق ولبنان واليمن عبر أدواته المتمثلة في حزب الله والحوثيين.
5. التردد الدولي والعربي: لا يزال هناك غياب للقرار الجاد بمواجهة إيران بشكل حاسم. ففي حين تُسمع التصريحات القوية من قادة العالم، تتراجع أفعالهم تحت وطأة المصالح الاقتصادية والسياسية.

هزيمة 7 أكتوبر وتأثيرها على النفوذ الإيراني
بعد الأحداث التي أعقبت السابع من أكتوبر، والهزيمة التي مني بها حلفاء إيران، مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان، تعرّض الدور الإيراني الإقليمي لضعف ملحوظ. كانت هذه الأحداث بمثابة ضربة استراتيجية لسياسة “الهلال الشيعي” التي اعتمدت عليها إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة. تراجع الأداء العسكري لحلفاء إيران، وازدياد الانتقادات الداخلية تجاه استنزاف الموارد الإيرانية لدعم هذه التنظيمات، خلقا فرصة ذهبية للضغط على النظام الإيراني لإضعافه وتغييره.

يجب أن تكون هذه المرحلة بداية لتحرك دولي وإقليمي أكثر حسمًا لكسر النفوذ الإيراني في المنطقة، وحرمان النظام من استخدام حلفائه كأدوات لممارسة الإرهاب الإقليمي، وإعادة توجيه هذه الضغوط نحو دعم الشعب الإيراني والمعارضة لتحقيق تغيير داخلي حقيقي.

خارطة طريق للتغيير: رؤية متكاملة

لتجاوز العوائق الحالية واستغلال الضعف الإيراني بعد السابع من أكتوبر، يجب تبني رؤية جديدة تشمل:
1. بناء تحالف كردي عريض: توحيد الأحزاب الكردية المسلحة للدفاع عن الشعب الإيراني، دون عسكرة الانتفاضة.
2. جبهة وطنية شاملة: تشكيل تحالف يضم الكرد، البلوش، الأهواز، تحت شعار “إيران أولًا”، لقيادة مرحلة انتقالية.
3. تصعيد الضغط الدولي والإقليمي: استثمار تراجع النفوذ الإيراني وحالة الارتباك الداخلي لتعزيز الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام، ودعم المعارضة بشكل مباشر.
4. رفض الاعتماد الكامل على الغرب: الحذر من السياسات الغربية الميكافيلية، التي قد تؤدي إلى حلول جزئية تُبقي على النظام في السلطة.
5. تحالف عربي قوي: بناء شراكة استراتيجية مع الدول المتضررة من الإرهاب الإيراني، لدعم المعارضة بشكل مدروس وموجه، دون فرض أجندات تؤدي إلى تفكيكها.
إن ضعف النفوذ الإيراني بعد السابع من أكتوبر يشكل فرصة غير مسبوقة لتغيير النظام. لكن هذا التغيير لن يتحقق إلا من خلال رؤية موحدة، قيادة حكيمة، وتحالفات دولية وإقليمية فعالة. الشعب الإيراني أثبت شجاعته في مواجهة القمع، والمطلوب الآن هو دعم هذا الشعب بوسائل عملية تحول الاحتجاجات إلى حركة تغيير شاملة تُنهي حقبة ولاية الفقيه وتعيد إيران إلى موقعها الطبيعي كدولة تحترم القانون الدولي وتخدم مصالح مواطنيها، بدلًا من الانغماس في مغامرات خارجية مدمرة.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

غوتيريش وصل إلى بيروت

أخباركم-أخبارنا وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على رأس وفد أممي إلى مطار رفيق...

جنبلاط يبحث المستجدات مع السفيرة الاميركية

أخباركم - اخبارنابحث الزعيم وليد جنبلاط في كليمنصو اخر المستجدات مع السفيرة الاميركية ليزا...

بولا يعقوبيان: الخارج كان يريد ميقاتي

أخباركم ـ أخبارنا استؤنفت الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب في جولتها...

حماقات: الاستاذ نبيه مسؤول عن الزعران .. ماذا عن جوزف عون و والقاضي نواف سلام! (فيديو)

أخباركم = أخبارنا في حماقات سنشاهد زعران نعتبر الاستاذ نبيه بري مسؤول عنهم كما...

More like this

ما هي تبريرات “اللقاء التشاوري المستقل” لانتخاب عون رئيسًا وتسمية سلام رئيسًا مكلفًا؟

كتب إبراهيم بيرم لـ"أخباركم – أخبارنا"لم يكن "اللقاء التشاوري المستقل"، الكتلة النيابية الرباعية التي...

عن نجاة شرف الدين .. بشرى الرئيس الحلوة

كتبت فاطمة حوحو لـ "أخباركم - أخبارنا"ليست نجاة شرف الدين مجرد زميلة عادية، وهي...

هل نذهب الى أزمة نظام في لبنان؟ حزب الله بين التصعيد والانخراط .. العتب على بري!

أخباركم - أخبارنا/ مسعود محمد يشهد لبنان مرحلة مفصلية في تاريخه السياسي والاقتصادي، حيث...