أخباركم – أخبارنا / جميل داري
درّست اللغة العربية طوال خمسين عامًا ، وكتبت آلاف المقالات والقصائد ورسائل الحبّ بها ، ولم أشعر أنّها غريبة عنّي ، بل كنت وما زلت أتقنها أكثر من لغتي الكردية الأمّ ، عدا ذلك قمت بتدقيق مئات الكتب، وصوّبت لكبار الأدباء العرب أخطاءهم ، وجعلتهم يفرّقون بين الضاد والظاء، والسين والثاء، والدال والذال.
والسؤال : لماذا العنصريون العرب -وما أكثرهم- يكرهون هذه اللغة، ويناصبونها العداء ، بل إنّ البعض أخذته حمية الدناءة إلى القول: إنّ أهل هذه اللغة الكرد هم إسرائيل الثانية؟
أهكذا يُكافأ مَن يخدم العربية، ويدافع عن حقوق العرب قولًا وفعلًا أكثر من العرب أنفسهم؟
مرة كنّا مجموعة من زملاء التدريس نتناقش حول مسألة اللغة الكردية ووضعها في سوريا، انبرى أحد الأصدقاء الكرد من عامودا، وهو مدرّس اللغة العربية، أطال الله عمره، وقال:
هذه الظاهرة غير موجودة حتى في عالم الحيوان، فلا العواء يمنع المواء، ولا المواء يمنع الثغاء، ولا النهيق يمنع النقيق، علمًا أنّ النهيق من أنكر الأصوات كما جاء في القرآن، بل كلّ هذه الأصوات تشكّل سمفونية، أين منها سمفونيات بتهوفن؟
وأردف : إنّ الإنسان الذي يكره لغة الآخر، ويحاربها هو دون مستوى الحيوان.
ثمّة أغنية عربية تراثية رائعة تقول بدايتها:
هربجي كرد وعرب رمز النضال
هربجي: يعني يعيش
هنا تمّ الدمج بين الكردية والعربية في بوتقة الفنّ، لكن فقط للأسف على مستوى الأغنية، أمّا على أرض الواقع فالعنصريون جميعًا:
“إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا”
في ظلّ البعث المقبور إلى الأبد حوربت الكردية، وحورب نوروز، وحورب الكرد منذ 1963 حتى يومنا هذا .
نتمنّى في العهد القادم الجديد أن تكون الكردية أختًا للعربية على مبدأ :
لا فرق بين عربي وأعجمي إلّا بالتقوى.