أخباركم – أخبارنا/ ميشال ن. أبو نجم
لا شك أنها أحد أغرب وأكثر الجلسات الرئاسية إثارة للتشويق اللبناني منذ انتخابات 1970، بعدما اعتادت الجمهورية الثانية أن تحسم نتائج جلسات الإنتخاب قبيل انعقادها. ضخ دعائي لبناني داخلي كبير لصالح العماد جوزف عون، يتوازى مع كلمات سر خارجية، في مقابل إصرار مناوئي هذا الترشيح على الإحتفاظ بأوراقهم حتى اللحظات الأخيرة.
الساعات الأخيرة تحفل بالكثير من البوانتاجات وبمحاولات الضغط والإستقطاب والترغيب. لم تخلُ الجلسات الإنتخابية منذ الجمهورية الأولى من هذه المحاولات المعروفة. تدخلات أميركية ومصرية، و”نهج شهابي” مدعوماً من “الشعبة الثانية” في مواجهة “الحلف الثلاثي” و”الكتلة الوسطية، وصولاً إلى انتخابات الـ1989 وفرض الياس الهراوي رئيساً من بوابة السيطرة العسكرية السورية على لبنان.
واليوم، لا تشذ الجلسة عن هذه القاعدة، على الرغم من تصاعد المساحة الداخلية للإختيار. فالتأثيرات الأميركية والسعودية والقطرية والفرنسية بالغة الوضوح، وقسم كبير من الطبقة السياسية يتعاطى مع هذه التأثيرات على قاعدة التجاوب، أما القسم الآخر فيتحرك بناء لدوافع ذاتية ويحاول أن يطرح البدائل، من دون أن تكون بالضرورة في موقع مواجهة عبثية للقوى الخارجية التي تحتفظ وحدها بالقدرة على مساعدة لبنان في مرحلته المقبلة على الكثير من التحديات.
جوزف عون أم مرشح آخر؟ هذا السؤال الذي يشغل جميع اللبنانيين والقوى الفاعلة، في الـ48 ساعة المتبقيتين.
والصراع الأساس، يدور حول سقف الـ86 صوتاً الذي حدده بري لتجاوز عون عتبة تعديل الدستور، ليعبر إلى الرئاسة من دون عوائق تُذكر. هنا، تشتد الضغوطات، مع صعوبة حصول عون على هذا الرقم، إن ثبت الثنائي الشيعي على معارضته العلنية والصريحة لانتخابه.
ومن هنا، يقول المراقبون إن مايسترو البرلمان نبيه بري، يحتفظ ب”أرنبه”، حتى انتهاء الدورة الأولى، وهذا “الأرنب”، يتقلب بين ساعة وأخرى على محك النجاح والفشل. فالساعات الأخيرة، أعادت إحياء آمال المعسكر المناوئ لعون، على اختلاف حساباته ومنطلقاته، بإحباط ترشيح عون من الدورة الأولى، للعبور إلى ضفة الدورة الثانية مع مرشحٍ آخر أو مرشحين يمكن التوافق عليهما، أو الإتيان برئيس بالـ65 صوتاً، على ألا يكون رئيس “مواجهة” بطبيعة الحال.
و”أرنب” الحل، على ما يقول مطلعون، يشمل أسماء عدّة باتت لائحتها صغيرة، تمتد من الياس البيسري إلى جورج خوري وصولاً إلى جهاد أزعور، وربما إسم آخر مخفي حتى الساعة.
لذلك، تبقى كل الإحتمالات مفتوحة. حتى هذه الساعات، لا يزال تعديل الدستور لصالح عون صعباً جداً، ما دفع حتى بآموس هوكشتين للقول صباح اليوم إن عون “ليس الوحيد” من بين المرشحين الذين “تستحسنهم” الولايات المتحدة.
وكل هذا المشهد، يزيد من إمكانية انقلاب كل المعادلات في اللحظات الأخيرة، لصالح انتخاب رئيس بالتوافق وليس بالتحدي، أو بالفرض الخارجي، كما يبدو اليوم من السياق الرئاسي العام.