أخباركم – أخبارنا / تقرير فلسطين السياسي
رجحت مصادر سياسية أن إسرائيل وحماس تتجهان مرة أخرى، نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار، من شأنه إنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهراً في غزة وإعادة العشرات من الإسرائيليين المحتجزين هناك كرهائن.
وأضافت تتعرض كل من إسرائيل وحماس لضغوط من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني، واقترب الجانبان من التوصل إلى اتفاق من قبل، لكن المحادثات انهارت بسبب خلافات مختلفة.
وقال مسؤولون إسرائيليون ومصريون ومسؤولون من حماس، إن الجولة الأخيرة من المفاوضات تعثرت بسبب الخلاف على أسماء الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى.
وبحسب المسؤولين، ستشمل المرحلة الأولى، المتوقع أن تستمر من ستة إلى ثمانية أسابيع، وقف القتال، الإفراج عن السجناء الفلسطينيين، وزيادة المساعدات لقطاع غزة المحاصر. أما المرحلة الأخيرة فستتضمن إطلاق سراح أي رهائن متبقين، إنهاء الحرب، وإجراء محادثات بشأن إعادة الإعمار ومن سيحكم غزة في المستقبل.
في المقابل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن تقدما حصل في المحادثات وتتم الآن مناقشة عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم مقابل الرهائن الإسرائيليين الذين تنطبق عليهم المعايير الإنسانية في المرحلة الأولى.
وعلمت الهيئة من مصادر مطلعة أن حماس باتت تطالب بتحرير عدد أكبر من الأسرى خلافا لما اتفق عليه سابقا وأضافت ذات المصادر أن إسرائيل لاتنوي تقديم ما سمتها تنازلات حيال القائمة الإنسانية.
إلى ذلك لم يتضح بعد إن كان رئيس الموساد دافيد برنياع سيغادر إلى الدوحة حيث تجرى مباحثات من أجل الصفقة فيما أوضحت جهات مقربة من المفاوضات لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن توجه برنياع منوط بتقدم حقيقي في المفاوضات التي لا تزال تواجه صعوبات مثل مسألة وقف الحرب والانسحاب وعودة سكان شمال غزة وإلا فلن يسافر عبثا.
وأكدت المصادر أن قضية سفر برنياع لا تعد بالضرورة مؤشراً على اختراق في المحادثات فقد شارك في هكذا مباحثات مرات كثيرة في الماضي، مضيفة أن ما قد يعد مؤشراً على الاختراق هو مشاركة رئيس “السي آي إيه” بيل بيرنز الذي لن يضيع وقته إلا من أجل تقدم ملحوظ.
وقال رامي إغرا، رئيس شعبة الأسرى والمفقودين في “الموساد” سابقًا، إنه يشعر بالتشاؤم من إمكانية التوصل إلى “صفقة تبادل”، مضيفًا أن نتنياهو يرغب في التوصل إلى اتفاق من أجل إرضاء دونالد ترامب، لكنه في ذات الوقت يواجه معضلة سياسية تتمثل في ضرورة تحقيق أحد أهداف الحرب، وهو القضاء على حكم حماس في غزة، وبالتالي لا يمكن التوصل إلى اتفاق الآن.
لكن، خلافًا، لهذا الادعاء، فإن المعارضة تتهم نتنياهو بعدم التوصل إلى اتفاق ليس بسبب أهداف الحرب، بل حرصًا على مستقبله السياسي. فرئيس حزب “هناك مستقبل”، يائير لابيد قال إن على نتنياهو “أن يفعل ما يصبُّ في مصلحة إسرائيل، وليس ما يخدم توازناته السياسية”. بينما قال زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، يائير غولان، إن الحرب على غزة انتهت منذ زمن، إلا أن حكومة نتنياهو لم توقفها “رغبة في البقاء بالسلطة وأوهام الاستيطان في غزة”.
وتظهر دقّة اتهامات المعارضة لنتنياهو، عند النظر إلى تصريحات مسؤولين في الائتلاف الحكومي برفضهم أي اتفاق يؤدي لنهاية الحرب. وأحدث هذه التصريحات لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن “الأولوية تكمن في الحفاظ على استمرار الحرب في غزة”، وأكد أن مواصلة الهجوم العسكري أهم من صفقة تبادل، وفقًا لما نقلت “يديعوت أحرونوت”. وفي لقائه مع عائلات أسرى مؤخرًا، قال سموتريتش إنه لا يستطيع أن يعدهم بإعادة أبنائهم أحياء من غزة.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن هناك انقسامًا في المنظومة الأمنية الإسرائيلية حول جدّية نتنياهو في المفاوضات، فهناك من يعتقد أنه يحاول أن يظهر أمام ترامب وكأنه جدي؛ بينما يعتقد آخرون أنه جدّيٌ للمرة الأولى.
من جهته، قال أسامة حمدان عضو المكتب السياسي في حركة حماس، إننا “لن نعتبر أي تصريح جدياً حول الصفقة قبل أن نرى الاتفاق جاهزاً موقعاً”.
وتابع خلال مؤتمر صحفي بالجزائر امس الثلاثاء، أن “وحدة الموقف الفلسطيني ليست ترفاً بل هي واجب الوقت، ولم نعد بحاجة لتفاهمات جديدة بل تطبيق ما اتفقنا عليه، ونريد حكومة وفاق وطني تدير المرحلة حتى يختار الشعب الفلسطيني قيادته”.
وقال حمدان “لدينا ترتيبات داخلية وإجراءات قد تفضي قريباً إلى إعلان عن رئيس للمكتب السياسي، الوضع التنظيمي يسير في الحركة بشكل طبيعي عن طريق المؤسسات، ولكن هناك إجراءات تنظيمية تقتضي تأخير الإعلان”.
وأشار إلى أنه “إذا كان متعذراً فلا أقل من لجنة وطنية تدير قطاع غزة، من نخب شعبنا المشهود لهم بالوطنية والنزاهة، لنقطع الطريق على كل حجة فاسدة تريد ظلم شعبنا”.
وأكد حمدان، أن “وزير الخارجية الأمريكي بلينكن شريك في حرب الإبادة وتصريحاته تضليلية ولا نثق بها وشراكته في الجرائم ضد شعبنا ستلاحق قانونيا”.
ولفت إلى أن تجربة التفاوض مع إسرائيل أثبتت أن الحل الوحيد لتحقيق حقوق شعبنا هو الاشتباك مع العدو وإجباره على التراجع.
وبشأن سوريا، تابع القيادي في الحركة القول “نرجو أن تكون سوريا دائماً بخير وأن تبقى في موقع المقاومة ليس لأننا فلسطينيون ونقاوم بل لأن العدو يحتل الجولان ووسع عدوانه واحتل مساحات جديدة من الأراضي السورية، ومن أهم القيم التي أطلقها طوفان الأقصى أن الشعوب لن تتحرر إلا بالمقاومة”.
في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن نشر حسابات رسمية تابعة لسلطات الاحتلال خرائط للمنطقة تشمل الأراضي الفلسطينية والعربية، ونشر تصريحات عنصرية تدعو فيها إلى ضم الضفة الغربية وإنشاء مستوطنات في قطاع غزة، هي دعوات مدانة ومرفوضة، وتشكل خرقاً فاضحاً لجميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وأضاف أن هذه السياسات الإسرائيلية المتطرفة هي التي أشعلت المنطقة، وأدت إلى الحروب التي نشهدها حالياً، لذلك فإن الأولوية الآن للوقف الفوري لإطلاق النار حسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وانسحاب قوات الاحتلال الكامل من قطاع غزة، وتسلم دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة في القطاع، كمقدمة لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وطالب الإدارة الأميركية القادمة، بالعمل على وقف جميع السياسات والأفعال والإجراءات الإسرائيلية التي لا تخدم الأمن والسلام في المنطقة.
وأشار إلى أن هذه الاستفزازات التي تقوم بها سلطات الاحتلال، والتي تترافق مع اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، والاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى المبارك، والتحريض المستمر على الشعب الفلسطيني وقيادته، تتطلب موقفاً دولياً عاجلاً لوقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، من حرب ودمار وقتل ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء شعبنا.
من جهته، وجه الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، صاحب خطة الجنرالات، انتقادًا لاذعًا إلى إستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في الحرب على غزة، مشيرا إلى أن الضغط العسكري وحده لم يكن كافيًا لتحقيق أهداف “إسرائيل”.
وقال آيلاند مهندس “خطة الجنرالات” الإسرائيلية التي تدعو إلى محاصرة شمال غزة وتهجير الفلسطينيين منه، الثلاثاء، إن الطريق إلى إنهاء حكم حماس في القطاع لا يكون بالحل العسكري.
وأوضح، أنَّ إسرائيل اختارت إستراتيجيات تقليدية تركز على الضغط العسكري فقط، وهو ما كان خطأ فادحا لأنها لم تأخذ في الاعتبار أن حماس أعدت نفسها لمدة 15 عامًا لمواجهة هذا النوع من الضغوط.
واستشهد الجنرال ببعض الأمثلة التاريخية من الحروب القديمة، مثل الغزو الفرنسي لروسيا بقيادة نابليون، حيث اعتقد نابليون أن جيشه القوي سيهزم الجيش الروسي “الأدنى”، وهو انتصار سيسمح له بتحقيق هدفه: قطع تحالف روسيا مع بوروسيا وإنجلترا.
وقال آيلاند إن نابليون لم يأخذ في الاعتبار حجم روسيا ولا الشتاء القاسي ولا احتمال أن يقرر الروس، بدلا من التصرف وفقا للسيناريو الذي ابتكره، التراجع أثناء خلق أرض محروقة.