أخباركم – أخبارنا
كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1914 على بدء ثورة الكرامة
بإنتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية طويت صفحة الشغور، وطوى الإنتخاب زمن التسلط الإيراني وتحكم أيتام النظام السوري وتلقت صفعة مدوية سائر قوى نظام المحاصصة الطائفي، التي تمنعت وماطلت وناورت وراهنت بعضها على البعض الآخر للعودة بالبلد إلى رئيس يتم محاصصته ويضمن للمتحاصصين حماية مصالحهم الضيقة.. وكم بدت واسعة جداً مروحة الخاسرين.
مؤسف أن يتكرس منحى الإنتقال من اليرزة إلى بعبدا، لكن ما حدث كرّس فشل المتسلطين وفضح الوضع المأزوم لهذه القوى. لم يتوافقوا على الإقتراع له، بل أرغموا على ذلك، أمام يقظة شعبية عبرت عنها إستطلاعات رأي، وأمام ضغط دولي كبير منع المتسلطين الطائفيين من تفويت الفرصة. عن صدق كان هناك حديث عن الدستور، وعن خبث حملت أوراق إقتراع الفريق العوني إسم السيادة والدستور، وتاريخهم يشهد على تماديهم في إستتباع البلد وتبعيتهم لبندقية لا شرعية وفرت لهم المكاسب والإستئثار والرئاسة فتقدموا مع حزب الله كل الآخرين في أخذ البلد إلى الجحيم.
سيدخل يوم 9 كانون الثاني كصفحة مضيئة في تاريخ لبنان مع خطاب قسم لم يعهد مثله المواطن اللبناني منذ إتفاق الطائف. خطاب حمل ملامح الإصرار على إعادة بناء الدولة التي تحمي الجميع وقيام القضاء المستقل والمؤسسات التي ينبغي أن تستقطب النخب، بعد عقود من إبعاد الكفاءات..فيما بدا محاكات لما قام به يوماً فؤاد شهاب باني دولة المؤسسات والدستور وإلتزام القوانين.
خطاب القسم بكل العهود التي تضمنها يصلح لأن يكون برنامج الحكم للسنوات ال6 الآتية، ينبغي إدراجه في البيانات الوزارية لحكومات العهد الجديد، وفيه برنامج عمل كل وزير. في خطاب القسم وقف جوزيف عون ليعلن، لأول مرة بعد الطائف، عن “حق الدولة في إحتكار حمل السلاح”، ولأول مرة تغيب كلمة “مقاومة”، وأول رئيس يوجه صفعة لكل أطراف نظام المحاصصة عندما تحدث عن “أزمة حكم وحكام”، وأطلق دعوة إلى تغيير الأداء السياسي، ويذهب بعيداً في التأكيد لا حمايات ولا محسوبيات ولا بؤر أمنية ولا تهريب مخدرات ولا تدخل في القضاء والجميع تحت سقف القانون والقضاء مع إطلاق وعد بالعمل لبت إستقلالية السلطة القضائية. وكم كان الكلام الوعد في موضعه عندما أكد على حق الدولة ، وحدها الدولة التي تستثمر في جيشها مسؤولة عن الدفاع والتحرير وتطبيق القرارات الدولية.
حاكى رئيس البلاد في خطاب القسم طموحات ثورة تشرين وما شهدته ومن أجله كان التصويت العقابي الجارف. نعم لعهد بناء دولة حكم القانون وعهد العدالة وإلتزام وثيقة الوفاق الوطني والدستور، والحسم والحزم على إسترداد الدولة.. وكانت مشاهد صور تجهم نواب “الثنائي المذهبي”، خير تعبير عن أبعاد حدث 9 كانون الثاني 2025.
رسم الإنتخاب ملامح مرحلة تغيير كبيرة لا تستكمل إلاّ بحكومة كفاءات من خارج منظومة الفساد، وزخم الإنتخاب كفيل بدفع هذا المنحى دون التقليل من حجم العقبات التي يمتلكها التحالف المافياوي السياسي الميليشياوي والبنكرجي. لن يقلع البلد مع الرئيس إلاّ بحكومة قادرة على إستعادة ثقة المواطنين وإحترام الخارج لكي تكون قادرة على إتخاذ قرارات كبيرة قد تكون قاسية وموجعة لكن عادلة لوضع لبنان على سكة التعافي. حكومة برئيسها وأعضائها ينبغي أن تكون من شخصيات كفؤة، غير مطعون بأخلاق أعضائها وغير ملاحقة قضائياً وليس لديها دعاوى عالقة ولا برءاة بمرور الزمن، تكون عنوان نزاهة وإصرار على مكافحة الفساد. حكومة تقطع مع زمن حكومات “الوحدة الوطنية” الكاذبة، وحكومات المحاصصة والحكومات الواجهة، وآخر الأمثلة حكومة حزب الله الحالية التي يترأسها نجيب ميقاتي التي حاولت في جلسة الثلاثاء إستكمال نهب جني أعمار الناس بتكبيد المودعين هيركات يتجاوزال80% وتقسيط الفتات المتبقي على 15 سنة فيما حمل خطاب القسم عهدا رئاسياً بحماية الحقوق وتمكين أصحابها من إستعادتها.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
