كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1915 على بدء ثورة الكرامة
عودة ميقاتي إلى رئاسة الحكومة إنقلاب كامل على خطاب القسم ونحر لآمال الناس بأن لبنان دخل مدار التغييرمع إنتخاب جوزاف عون رئيساً وخطاب القسم المميز!
عودة نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة تعني نهاية العهد الجديد قبل أن يبدأ. صحيح أن الكتل النيابية هي التي تسمي، لكن رئيس الجمهورية مع هذا الزخم الشعبي ومع شبكة الأمان الإقليمية والدولية التي دعمت وصوله، مطالب بسلاح الموقف الذي من شأنه التوافق على رئيس حكومة ينسجم مع مقتضيات البرنامج الذي عبر عنه خطاب القسم، فيتم تجاوز خطر الوقوع بفخ المحاصصة الطائفية ويربح لبنان قيام سلطة تنفيذية تتبنى حقيقة خطاب القسم كبرنامج لها. وتتبنى الأجندة التي تضمنها إتفاق وقف النار تنفيذاً للقرار الدولي 1701. لأنه بدون ذلك لا سلام للبنان ولا أمن للجنوب ولا عودة للنازحين. لقد تحدث الرئيس جوزاف عون بوضوح “عن حق الدولة في إحتكار حمل السلاح”، منسجماً مع الدستور ومع وثيقة الوفاق الوطني ومع إتفاق وقف النار الذي بصمت عليه حكومة ميقاتي، لكن ميقاتي مرشح الثنائي المذهبي بري وحزب الله، نسف أمس من القصر الجهوري هذه المسالة المحورية بتبنيه مقولة نعيم قاسم عن السلاح جنوب الليطاني، أي تبنى دولته بقاء سلاح الدويلة الذي لم يحمي ولم يبني وتسبب بدمار البلد!
بوضوح كامل كل الأوساط الشعبية التي إبتهجت بإنتخاب جوزاف عون، تخشى من أن تؤدي تسمية ميقاتي الآن العودة إلى المربع الخطير مربع الفساد. تكفي الإشارة إلى أن خطاب القسم حمل عهداً بحماية حقوق المودعين، فيما كانت حكومة حزب الله التي يرأسها ميقاتي قبل 48 ساعة من الإنتخاب بصدد تدبير يستكمل نهب الودائع لمصلحة تحالف البنكرجية السياسي الميليشياوي.
إن الرسالة التي يريدها المواطن وقد أهانته وأذلته منظومة الفساد، تكون بالخروج من المستنقع فيما تسمية ميقاتي ستعني للمواطن أن لا أمل وما في نوى.. وعودوا إلى الشارع. إن المطلوب اليوم وطنياً وبإلحاح إبتداع الآلية التي تضمن قيام حكومة تضع خطاب القسم كبرنامج قيد التطبيق.
لقد إرتاح المواطن لجملة تعهدات أطلقها الرئيس ومنها التعهد بالعمل لقيام قضاء مستقل وعدم السماح بالتدخل في القضاء وهذا لا يستقيم مع ميقاتي والمنظومة التي ينتمي إليها.. وكذلك التعهد بإحياء المؤسسات وإستقطاب النخب وهذا لن يتحقق مع المنظومة إياها!
كان واضحاً رئيس البلاد عندما وصّف الأزمة بأنها أزمة حكم وحكام، فهل هناك سبيل للخروج من الأزمة مع الوجوه عينها، التي إن نجحت بإعادة ميقاتي فحكومتهم ستقوم بأخطر التعيينات: حاكم مصرف لبنان، قائد الجيش، قادة في قوى الأمن، مجلس القضاء، كما تعيين العشرات في مواقع مدراء الفئة الأولى والفئة الثانية إلى عشرات السفراء وغيرها وغيرها..وتشرف على الإنتخابات البرلمانية التي تفترض قانوناً يضمن عدالة التمثيل!
لا يستطيع اللبناني اليوم أن يتخيل أن يكون رئيس حكومة لبنان أحد ودائع نظام الأسد البائد؟ كيف يمكن للمواطن اللبناني أن يتخيل أنه في زمن الزلزال الذي ضرب لبنان والمنطقة، هناك من يشد بلبنان للبقاء في المستنقع؟ من غير المقبول أن يكون للمقيم في السراي مع إنطلاقة هذا العهد من لديه ملفات قضائية عالقة في لبنان والخارج، وإقتربت منها العقوبات الدولية مراراً. ليعالج ماكرون مشاكل فرنسا وكفى هذا التدخل الماكروني الذي عوّم منظومة الفساد بعد تفجير المرفأ، ويروج اليوم لبقاء نجيب ميقاتي في رئاسة الحكومة؟ إن المواطن اللبناني الموجوع والمقهور يرفض أن ينتكس العهد الجديد، يرفض أن يكون لبنان رهينة لقوى مانعة للتغيير!
ربع اللبنانيين على الأقل إقترعوا عقابياً في الإنتخابات الأخيرة، ووجهوا بذلك رسالة مدوية بأن مسار الإنقاذ الحقيقي هو مسار التغيير، وإبتهجوا مع الأكثرية بما تضمنه خطاب القسم الذي عكس تطلعات المناخ التشريني الذي شمل ملايين المواطنين. في هذا التوقيت نعم لترشيح إبراهيم منيمنة نائب العاصمة ولبنان لرئاسة الحكومة. منيمنة منحته العاصمة أعلى نسبة أصوات تفضيلية تجاوزت 13300 صوت، ينبغي أن يكون اليوم في موقع مرشح رئاسة الحكومة مرشح النخب والشباب والنساء والرجال وخصوصاً الأوساط الواسعة من اللبنانيين الذين تم السطو على جني أعمارهم. منيمنة مرشح التغيير شخصية قادرة على تأليف حكومة كفاءات تكون قادرة على إستعادة ثقة الداخل وإحترام الخارج لإستكمال التحرير فقط عن طريق الدولة وقواها الشرعية، وعودة النازحين دون شروط، ووضع لبنان على سكة التعافي كما أمل رئيس العهد في خطاب القسم!
مرة أخرى اليوم منظومة الفساد، “كلن يعني كلن” لا ينبغي إسثناء أي منهم!
