أخباركم – أخبارنا / مسعود محمد
هناك قوى سياسية من باب الخباثة، تحمل فخامة الرئيس جوزاف عون مسؤولية تعيين نجيب ميقاتي رئيسًا للحكومة، وهذا الكلام غير دقيق، إذ إن هذه الصلاحية تعود حصريًا إلى مجلس النواب اللبناني وفقًا للدستور اللبناني. عملية تسمية رئيس الحكومة تمر عبر استشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية مع أعضاء مجلس النواب، ويُطلع فخامة الرئيس رئيس مجلس النواب على نتائجها. وبالتالي، فإن رئيس الجمهورية يلتزم بهذه النتائج دون أن يفرض أي خيار شخصي، ومن هنا كل كلام عن سقوط العهد نتيجة تعيين ميقاتي هو كلام لا قيمة له من سقط ويسقط هو هذه الطبقة السياسية التي انتجتها الناس وبالتالي هي مسؤولة عن تغيير الطبقة السياسية من خلال الانتخاب.
الدستور اللبناني، وتحديدًا المادة 53 منه، ينص بوضوح على أن رئيس الجمهورية يُسمي رئيس الحكومة المكلف بناءً على نتائج هذه الاستشارات، مما يعكس توازنات الكتل النيابية المختلفة. لذا، فإن مسؤولية تعيين نجيب ميقاتي تقع على عاتق الكتل النيابية التي شاركت في هذه الاستشارات وقررت دعم ترشيحه.
من ناحية أخرى، ساهم نواب التغيير في تشتيت الأصوات عبر ترشيح إبراهيم منيمنة، مما أدى إلى تراجع فرص تقديم بديل قوي أمام ميقاتي. كذلك، تتحمل قوى المعارضة مسؤولية ترشيحها لفؤاد مخزومي الذي لم يكن يمثل خيارًا أفضل من ميقاتي. في المقابل، كان الخيار الأمثل برأيي هو نواف سلام، إلا أن التوازنات النيابية القائمة حالت دون تحقيق هذا الخيار، هل تتوافق المعارضات وترشح نواف سلام لحماية خطاب القسم؟.
يُعد انتخاب الرئيس جوزاف عون خطوة متقدمة، لكنه يبقى غير كافٍ في ظل غياب أدوات حكم فعالة، وأبرزها مجلس نيابي قادر على إنتاج حكومة تتماشى مع خطاب القسم وتوجهات الرئيس. لذلك، قد يكون الحل الأنسب هو الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة لإعادة تشكيل المجلس النيابي بما يسمح بإنتاج حكومة تعكس تطلعات اللبنانيين.
النظام السياسي اللبناني هو نظام برلماني ديمقراطي قائم على توازن دقيق بين السلطات وتوزيع المناصب الرئيسية وفقًا للطوائف الدينية. هذا النظام يجعل من عملية تعيين رئيس الحكومة مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الدستورية، ولا يمكن تحميل رئيس الجمهورية منفردًا هذه المسؤولية. إن احترام الأطر الدستورية والقانونية ضروري للحفاظ على استقرار المؤسسات وضمان مبدأ الفصل بين السلطات.
بالتالي، يجب أن يتركز النقاش حول دور الكتل النيابية وتوازن القوى داخل البرلمان في عملية اختيار رئيس الحكومة، مع التأكيد على أن الرئيس جوزاف عون التزم بواجباته الدستورية ولم يتدخل في توجيه خيارات النواب. هذا الالتزام يعكس احترام الأعراف الديمقراطية ويضمن استقلالية المؤسسات الدستورية.