كتبت فاطمة حوحو لـ “أخباركم – أخبارنا”
ليست نجاة شرف الدين مجرد زميلة عادية، وهي اليوم قد تم تعيينها في منصب مستحدث كناطقة باسم الجمهورية اللبنانية. لقد استحقت هذا المنصب عن جدارة وكفاءة مشهودتين لها من قبل العديد ممن الذين واكبوا مسيرتها المهنية.
إنها إنسانة مثقفة، متواضعة، منفتحة، راكمت خبرة كبيرة وعملت على تطوير إمكانياتها، إذ قدمت وأعدت برامج تلفزيونية وإذاعية مميزة، كما أنها كاتبة ومحللة سياسية تمسك بالتفاصيل وما وراءها بعيدًا عن البروباغندا المعروفة والمتكررة في الإعلام اللبناني.
كثيرون استهجنوا تعيين الرئيس جوزاف عون لشيعية في هذا الموقع الحساس، وعرفوا عنها كونها زوجة الوزير السابق غازي وزني الذي كان وزيرًا للمال في حكومة الرئيس حسان دياب، وكان مقربًا من الرئيس نبيه بري. لكن ما عجزوا عن رؤيته حقًا هو أن نجاة، ابنة بلدة الطيبة في الجنوب اللبناني، لم تتبوأ هذا المنصب لكونها شيعية أو زوجة وزير، بل لكونها قادرة على التعبير عن سياسة العهد الجديد وبلورة مواقفه وتحليلها بشكل مقنع، بعيدًا عن الدعاية الرخيصة، وبعيدًا عن تبني ما قد يخلق توترات أو يسبب سوء فهم أو يقدم تفسيرات بعيدة عن الواقع، قد تسيء لموقع لبنان وهو يمر اليوم بمرحلة تاريخية. فإما أن تُبنى الدولة لتكون لجميع اللبنانيين، وأن تكون المواطنة الجامع الأوحد على تنوعهم واختلافاتهم، وأن يكون جيشهم فقط حاميًا لأرض الوطن وحدوده، وأن يكون لبنان حياديًا للحفاظ على استقراره وأمنه وعدم الدخول في مغامرات مكلفة، وأن يكون قادرًا على استعادة الثقة العربية والدولية بنظامه.
من المؤكد أن هذه الأمور هي قناعة ذاتية عند نجاة وعند العديد غيرها، وستكون الناطقة باسم رئاسة الجمهورية قادرة على التعبير عنها وصياغة مواقف هذا العهد الذي يحمل بشائر حلوة للبنانيين بأسلوب مرن وقادر على التواصل والإقناع، لأنه يأتي على لسان شخصية هادئة ورزينة ومعبّرة وعميقة.
لا شك في أن تعيين امرأة في هذا الموقع الحساس لأول مرة في تاريخ الجمهورية اللبنانية، يعكس أيضًا إمكانية أن تحصد النساء اللبنانيات مزيدًا من المواقع. فطالما أنهن كفؤات ورياديات وقياديات، فمن حقهن تولي أعلى المناصب وتحقيق النجاحات والإسهام في بناء الوطن.
ليست نجاة من أبناء العائلات السياسية، ولا هي من المنتميات إلى أحزاب أو مقربات من زعيم أو جهات سلطوية. هي مجرد إعلامية عانت من متاعب المهنة، وكوّنت خبرة على مر سنوات، ليس فقط على شاشة التلفزيون حيث بدأت عملها في تلفزيون المستقبل، بل أيضًا من خلال التواصل مع الإعلام الخارجي والتعرف على أساليبه ومواكبة تطوره عمليًا.
لم تكن نجاة في لحظة من اللحظات مجرد نجمة إعلامية أو مهووسة بحب الظهور. كانت تكره الماكياج الذي كانت تضعه لأنه جزء من عملها على الشاشة وليس جزءًا من شخصيتها. وكانت تحب وجهها على طبيعته. ونحن نحب نجاة على طبيعتها: نجاة الزميلة الرائعة، الطيّبة، التي تزن كلماتها بالميزان الدقيق ولا ترمي الكلام على عواهنه.
اليوم، هي وصلت بكفاءتها، وهي ليست بحاجة إلى شهادة من أحد على قدرتها على ملء هذا المنصب المستحدث. فلها كل التوفيق.
