كتب وسام سعادة عبر صفحته للتواصل الاجتماعي فيسبوك:
من مجازر دمشق 1860 ضد الروم في الشام، إلى ابادة الاتحاد والترقي لأرمن الأناضول 1915-1916 ومذابح سيفو ضد السريان والأشوريين وضد يوناني البنط وسميرنة إلى مذبحة سميل ضد الأشوريين 1933 في العراق إلى التمييز الثقيل والمزمن والمستند إلى خزان من عنف مجتمعي – ثقافي ضد الأقباط في مصر، واحدة من أكبر الأقليات حرمانا لها من تمثيل برلماني متناسب ولو بنسبة ١/١٠ من حجمها .. إلى ما كابده مسيحيو المنطقة على يد الحركات الإسلامية … كل هذا لا يريد “العقل المستقيل والعبيط والمستريح”، المختبىء حينا وراء عبارة “الدين لله والوطن للجميع” وحينا آخر وراء حصر الشر بالاستعمار وحصر التطهير الاثني والاقتلاع من الأرض باسرائيل عنه شيئاً؛ وهناك طبعا من لا يرى إلى تاريخ هذه المنطقة الا من باب وقائع هذا الاضطهاد على أساس ديني واثني فيها، كما لو لم يكن هناك تاريخ، بل فقط مصنع اضطهاد ينتج البضاعة نفسها كل صباح. لكن الأمور ليست نسبية برأيي هنا: ثقافة المكابرة على شناعة هذه الصفحات التي يراد تهميشها أو القفز عليها هي المشكلة الأكبر في هذا الصدد. وهنا أيضا يظهر كم أن الموارنة كانوا بعمق وبجد حالة فريدة بين مسيحيي الشرق، تتمتع بقدرة على المراوغة والتصبر والكر والفر والاندثار والتجدد أكاد أقول عجيبة.
مسألة مسيحيي الشرق، بخاصة اليسار في المنطقة، لم يرد يوما مقاربتها بالشكل الصريح والعميق والتاريخي الاجتماعي الذي لا يختزل كل شيء إلى تفسيرات “اقتصادوية مبتذلة” ولا إلى تعليلات “أنتي امبريالية جوهرانية” ولا إلى تقليعة الكونستروكتيفيزم المضللة في العلوم الاجتماعية، التي تلعب لعبة أنه ما دامت الهويات غير معطاة “طبيعيا” وإنما مركبة “اصطناعيا”، هجينة من وراء ادعاءات الأصالة، فهي بالتالي ليس لها جذور متماسكة، نفخها من نفخ [الاستعمار، الرأسمالية التبعية، الخ الخ] ويمكن اطفاؤها بنفخة أخرى [التركيز على ما يجمع، ومطاردة سحرة “الثقافوية”] بكل استهتار بالتاريخ الذي يهرس هرساً تحت أنيابه ثنائية “الطبيعي والاصطناعي”.