أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد
غزة، المدينة التي لم تعرف الراحة يوماً، تستيقظ اليوم على واقع جديد لا يحمل معه سوى الأسئلة الثقيلة والقلق من المستقبل. مع انتهاء جولة الحرب المدمرة الأخيرة، يبحث سكان غزة عن جثث مفقوديهم بين الركام، ويجمعون ما تبقى من حياتهم وسط تساؤلات ملحة: من سيحكم غزة؟ وهل ستتكرر تجربة القتال؟ وهل ثمة أمل في حل سياسي حقيقي للقضية الفلسطينية؟
الواقع المأساوي بعد الحرب:
صحيفة “القدس” الفلسطينية وصفت اليوم الأول بعد الحرب بـ”يوم البحث عن بقايا الحياة”، حيث يواصل الناس إزالة الركام الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية. فيما أشارت صحيفة “الأيام” إلى أن غزة “تعيش بين الألم والخوف”، مع شبح المجهول الذي يسيطر على الأجواء السياسية والأمنية. فلا تزال الأسر تحاول العثور على جثث أحبائها، وتبحث عن مأوى بعد أن دُمّرت منازلهم بالكامل.
التحديات ليست مقتصرة على إعادة الإعمار فحسب، بل تتعداها إلى قضية الحكم في غزة. من سيتولى إدارة القطاع في ظل غياب رؤية واضحة؟ هل ستستمر الفصائل الفلسطينية في صراعها الداخلي، أم سيظهر طرف جديد قادر على توحيد الجبهة الفلسطينية؟ صحيفة “العربي الجديد” تطرقت إلى هذا السؤال الحاسم، محذرة من خطر “إعادة تدوير الصراعات الداخلية”، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل.
مخاوف من ترحيل مؤقت للفلسطينيين:
من بين السيناريوهات المثيرة للقلق التي بدأت تبرز، حديث عن إمكانية ترحيل سكان غزة مؤقتاً إلى دول عربية أو حتى أوروبية، لحين إنجاز عمليات إعادة الإعمار. صحيفة “الشرق الأوسط” نقلت عن مصادر دبلوماسية إشارات حول “مقترحات أممية لإعادة توزيع السكان بشكل مؤقت”. بينما وصفت صحيفة “الرسالة” المحلية هذا التوجه بأنه “نكبة جديدة تحت غطاء إعادة الإعمار”، محذرة من أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تغييب الشعب الفلسطيني عن أرضه ومحو هويته الوطنية تدريجياً.
الشارع الغزي متخوف من هذا الطرح، حيث يراه الكثيرون شكلاً من أشكال التهجير القسري المبطّن. المواطن الغزي سامي أبو خالد، الذي فقد منزله في الحرب، قال لصحيفة “معاً” الفلسطينية: “نحن لا نحتاج إلى تهجير جديد. هذه أرضنا، وسنبنيها بدمائنا إن اضطررنا. لكننا لن نغادرها، ولو كان الثمن حياتنا”.
قلق من تكرار القتال وانعدام الحلول السياسية:
إلى جانب الأزمة الإنسانية، يتجدد السؤال حول مستقبل القضية الفلسطينية ككل. هل سيكون هناك حل سياسي ينهي هذا الصراع المتجدد؟ أم أن الحرب ستظل دورة متكررة تعيشها غزة كل بضع سنوات؟ صحيفة “الحياة الجديدة” الفلسطينية وصفت المشهد السياسي الحالي بأنه “فراغ قاتل”، حيث لا تبدو أي مبادرات جدية قادرة على تحقيق سلام دائم.
في المقابل، نقلت صحيفة “النهار” اللبنانية عن خبراء سياسيين تأكيدهم أن استقرار غزة يتطلب تجاوز الحلول المؤقتة التي تُطرح بعد كل حرب، والعمل على مبادرة شاملة تضمن إنهاء الاحتلال وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة.
غزة التي اعتادت الحروب تبدو اليوم أكثر تعباً وقلقاً. يوم ما بعد الحرب ليس فقط يوماً للبحث عن المفقودين وإزالة الركام، بل أيضاً للبحث عن إجابات شافية لمستقبل شعب يعاني من الحصار والدمار منذ عقود. يبقى السؤال معلقاً: هل ستُمنح غزة فرصة للحياة والاستقرار، أم أن شبح الحروب والتهجير سيظل يلاحق أهلها، لتتحول معاناتهم إلى قضية مؤجلة على أجندة العالم؟