أخباركم – أخبارنا / مسعود محمد
لو كان حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، على قيد الحياة وشهد لحظة وقف الحرب في غزة، اعتقد او ربما أتمنى انه كان سيعي وكان خطابه سيكون مزيجاً من رسائل الدعم للمقاومة الفلسطينية والإشادة بصمودها، لكنه ربما كان بلحظة وعي وهو المعروف عنه ككريزماتي قدرته على قول الأمور رغم صعوبة الموقف، وربما كان امام هول ما حصل، سيُضطر إلى مواجهة حقيقة جديدة: خديعة إيران التي استغلت المقاومة لتحقيق مصالحها الإقليمية، ثم تخلت عنها في اللحظة الحرجة. وفي لحظة صدق مع النفس ومع الشعوب، قد يجد نفسه أمام اعتراف مشابه لما قاله عام 2006 بعد حرب لبنان: “لو كنت أعلم.”
“لو كنت أعلم”: الاعتراف الذي يتكرر
مقولة نصرالله الشهيرة في عام 2006، “لو كنت أعلم أن عملية الأسر ستؤدي إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً”، كانت اعترافاً واضحاً بأن حسابات حزب الله لم تأخذ في الحسبان الثمن الباهظ الذي دفعه لبنان. هذه الجملة قد تتكرر اليوم، ولكن بمعانٍ أعمق وأوسع، تمتد لتشمل أخطاء استراتيجية طويلة الأمد في تحالفاته وسياساته الإقليمية.
خطاب متوقع: رسائل النصر والتضامن
لو كان نصرالله حياً، لكان قد استهل خطابه بتهنئة المقاومة الفلسطينية على صمودها:
“نبارك لشعب غزة البطل ومقاومته الباسلة هذا الصمود الأسطوري الذي أثبت للعالم أن إسرائيل، رغم جبروتها، لا تستطيع كسر إرادة الشعوب.”
كما كان سيؤكد على وحدة محور المقاومة ودور حزب الله كجزء من هذا المشروع:
“إن المقاومة في غزة ولبنان وإيران وسوريا واليمن هي جسد واحد وروح واحدة. إسرائيل التي اعتادت الانتصارات السريعة تواجه اليوم محوراً يثبت يوماً بعد يوم أنها كيان مؤقت.”
الاعتذار الذي لم يُسمع:
ولكن في ظل انكشاف الحقائق الإقليمية والدور الإيراني، ربما كان نصرالله سيقف أمام الشعوب ويعترف بأخطاء حزبه، قائلاً:
“لو كنت أعلم أن إيران ستستغلنا بهذه الطريقة، لو كنت أعلم أن دعمنا لنظام الأسد سيؤدي إلى تدمير سوريا، لو كنت أعلم أن شعارات المقاومة ستتحول إلى عبء على لبنان، لما اخترنا هذا الطريق.”
- الاعتذار للبنان:
“أعتذر من الشعب اللبناني الذي وثق بنا لنكون درعاً له ضد الاحتلال، لكننا حولنا بلدكم إلى ساحة معارك إقليمية، وأدخلناه في عزلة سياسية واقتصادية. السلاح الذي كان يفترض أن يحمي الوطن بات عبئاً عليكم.” - الاعتذار لفلسطين:
“أعتذر من الشعب الفلسطيني لأنني صدقت أن إيران تدعمكم لأجل تحرير فلسطين، لكنني أدركت متأخراً أن دعمها كان مشروطاً وموجهاً لتحقيق طموحاتها الإقليمية. غزة تستحق دعماً صادقاً لا يُستخدم كأداة للمساومة.” - الاعتذار لسوريا:
“أعتذر من الشعب السوري لأننا دعمنا نظاماً قتل شعبه ودمر بلاده، وكان يجب أن نقف إلى جانبكم في مطالبكم المحقة. لقد تورطنا في حرب لم تكن من أجل المقاومة، بل من أجل أجندات لا تخدم إلا المصالح الإيرانية.”
إيران وخديعة المقاومة:
“لو كنت أعلم أن إيران ستستغل شعارات المقاومة لتحقيق هيمنتها الإقليمية، وأنها ستتركنا نواجه مصيرنا وحدنا، لما وضعت حزب الله في خدمة مشروعها.”
ما لم يدركه نصرالله أثناء حياته، وربما كان سيواجهه لو كان حياً، هو أن إيران لم تكن تسعى لتحقيق مشروع المقاومة بصدق. إيران استخدمت حزب الله كأداة لتحقيق طموحاتها، ثم تخلت عنه عندما أصبحت مصالحها مهددة.
لو أدرك نصرالله السقوط الإيراني:
مع سقوط نظام الأسد وتراجع الدعم الإيراني، ربما كان نصرالله سيعيد التفكير في كل تحالفاته:
“لو كنت أعلم أن دعم إيران لنظام الأسد سيُفقدنا احترام الشعوب، وأن شعارات المقاومة ستتحول إلى أداة سياسية، لما اخترنا هذا الطريق.”
لو كان حسن نصرالله حياً، ربما كان سيجد نفسه في لحظة تاريخية أمام خيار الاعتراف بالخطأ. مقولته الشهيرة “لو كنت أعلم” لم تكن مجرد اعتراف في 2006، بل قد تصبح جملة تختصر مواقف كثيرة في مسيرته. الاعتذار للشعوب اللبنانية والفلسطينية والسورية عن أخطاء حزب الله وتحالفاته مع إيران كان سيشكل خطوة شجاعة، ولكنها متأخرة، تؤكد أن المقاومة الحقيقية لا تخدم مشاريع دولية، بل تخدم الشعوب التي تؤمن بالحق والحرية.