أخباركم – أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي
مع اقتراب انتهاء مهلة الستين يومًا للهدنة بين حزب الله وإسرائيل، تتعاظم التحديات أمام الدولة اللبنانية. فالمعادلة السياسية والأمنية تضع البلاد أمام خيارات مصيرية تتراوح بين مواجهة الواقع أو الاستسلام له، وسط مطالبات متزايدة بضرورة استعادة الدولة لدورها الكامل، بعيدًا عن تأثير القوى المسلحة الخارجة عن إطار الشرعية.
مواجهة أم استسلام؟
هناك من يرى أن مواجهة الواقع الحالي مطلوبة، خصوصًا أن الشرعية الشعبية والسياسية متاحة، ومدعومة بغطاء خارجي يمنح الدولة القوة لاستعادة قرارها. لكن هذه المواجهة لا يجب أن تتحول إلى فوضى، بل ينبغي أن تكون مدروسة ومبنية على أسس واضحة، تبدأ اولا بتنفيذ الدستور الذي يعطي حصرية للدولة بالسلاح، و بإسقاط أي دور للسلاح خارج الدولة. أسقطت الناس بخيارها الاختيار ما بين السيء “مخزومي” والاسوء ” ميقاتي” وفرض الناس انتخاب الجيد ” سلام”، حان الوقت لخوض معركة ” السلاح”. الثنائي لن يستطيع اختزال الخيارات الوطنية من جديد بسلاحه، هناك دولة هي من ستتحمل مسؤوليتها وتحرر البلد وتعيد الاعمار.
وزارة المالية وحصان طروادة
في هذا السياق، هناك قلق متزايد من استغلال وزارة المالية كأداة بيد الثنائي الشيعي لعرقلة عمل الحكومة أو إسقاطها عند الحاجة. تحويل وزارة المالية إلى “حصان طروادة” يضعف الدولة ويمنح الثنائي القدرة على فرض سيطرته على القرارات المالية والاقتصادية. لذلك، يجب أن تكون هناك خطوات واضحة لضمان استقلالية الحكومة وقراراتها المالية بعيدًا عن أي ضغوط حزبية.
الحاجة إلى حكومة وطنية لإعادة الإعمار
التحديات التي تواجه لبنان اليوم تتطلب تشكيل حكومة وطنية حقيقية، قادرة على إعادة الإعمار واستعادة الثقة المحلية والدولية. هذه الحكومة يجب أن تكون خالية من الحصص الحزبية التي تعرقل الأداء الحكومي وتحول المؤسسات إلى أدوات في يد بعض القوى السياسية. المطلوب حكومة تمثل جميع اللبنانيين وتعمل على إنهاء سياسات التسلط التي تستهدف الجنوبيين وغيرهم، وتضمن المساواة بين جميع المناطق اللبنانية.
بين الواقع والانقلاب عليه
لبنان أمام خيارين: إما الاستسلام للواقع الحالي الذي تسيطر فيه القوى المسلحة على مفاصل الدولة، أو الانقلاب على هذا الواقع عبر استعادة الدولة لشرعيتها وسيادتها. التحدي الحقيقي يكمن في قدرة القوى السياسية والشعبية على اتخاذ قرار شجاع يعيد بناء الدولة بعيدًا عن الحسابات الضيقة، ويضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار. الحكومة المقبلة يجب أن تكون نقطة تحول نحو بناء لبنان الجديد، وليس استمرارًا للأزمات القديمة.
إستحقاقات منتظرة
استحقاقان يتقاسمان اهتمامات اللبنانيين هذا الاسبوع… تشكيل حكومة العهد الاولى برئاسة نواف سلام، شكلا ومضموناً، وانتهاء مهلة وقف اطلاق النار الاحد المقبل وما اذا كانت اسرائيل المستمرة في تمددها وخروقاتها في المناطق الحدودية ستنسحب منها ام تبقى متسببةً باشكالات جديدة، علما ان لجنة مراقبة الهدنة ستجتمع اليوم لمناقشة التطورات.
في المقابل تتوجه المنسقة الاممية في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت الى اسرائيل لحثها على تنفيذ التفاهم وتطبيق القرار 1701 .
اما التشكيل فتبدو طريقه معبدة وسط آمال متنامية بامكان ولادة الحكومة “السلامية” قبل نهاية الاسبوع الجاري، لاعطاء “إشارة إيجابية للخارج بأن لبنان بات على السكة الصحيحة” بحسب الرئيس جوزاف عون الذي اكد مجددا اليوم “ان على الجميع ان يكونوا على قدر المسؤولية ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية يجب الا يكون في سدتها. “
اذا ومع انتهاء مهلة اتفاق وقف النار الاحد المقبل، تستمر الخروقات الاسرائيلية . وامس بدأت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، زيارة إلى إسرائيل حيث من المقرر أن تلتقي بكبار المسؤولين الإسرائيليين. وستركز مناقشاتها على الخطوات التي يتم اتخاذها نحو تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، وكذلك على التحديات المتبقية. كما ستكون الحاجة إلى تحفيز تنفيذ القرار رقم 1701 (2006) الصادر عن مجلس الأمن موضوعًا رئيسيًا لمباحثاتها. وقبل رحلتها، رحبت المنسقة الخاصة بالتقدم المحرز من خلال انسحاب الجيش الاسرائيلي وإعادة نشر القوات المسلحة اللبنانية في مواقع في جنوب لبنان، فيما دعت الى استمرار الالتزام من قبل جميع الأطراف.
علي فياض
في الموازاة، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن حزب الله يترقب تاريخ السادس والعشرين من كانون الثاني الجاري، وهو اليوم الذي سيشهد وفقاً للاتفاق المعمول به انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من الأراضي اللبنانية. وفي حال عدم التزام العدو الإسرائيلي بهذا الانسحاب، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار آلية الإجراءات التنفيذية ونسف دور الأمم المتحدة في رعاية هذا الاتفاق، ما سيضع لبنان أمام مرحلة جديدة من الحسابات العسكرية والسياسية.
وفي حديثه خلال حفل تكريمي لشهداء بلدة الطيبة الجنوبية في حسينية مدينة النبطية، أشار فياض إلى أن هذه المرحلة تتطلب من اللبنانيين جميعاً التكاتف لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة، مؤكداً أن مسؤولية إخراج الاحتلال عن الأراضي اللبنانية هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة، الجيش، الشعب، والأحزاب، باستثناء من لا يهتم بأرض الجنوب اللبنانية. وأضاف فياض أن أي تعثر في مسار الانسحاب الإسرائيلي، وخصوصاً عدم عودة السكان إلى 52 بلدة لبنانية بأمان، سيهدد مسارات الاستقرار وإصلاح الدولة. كما أكد أن حزب الله سيتعامل مع أي بقاء إسرائيلي على الأراضي اللبنانية في حال خرق الاتفاق، مشدداً على ضرورة التزام المجتمع الدولي بوعوده تجاه لبنان.
القوات ترد على قاسم
ليس بعيدا، رأت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، في بيان ان حزب الله “يواصل التنكُّر لتوقيعه الواضح وموافقته الجلية على اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على نزع سلاحه وتفكيك بنيته العسكرية في لبنان كلّه، حيث اعتبر أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في كلمته الأخيرة أن “ستبقى المقاومة في لبنان عصية على المشروع الأمريكي – الإسرائيلي، وهي مستمرة وقوية وجاهزة وأمينة على دماء الشهداء لتحرير الأرض، لتحرير فلسطين”(…)، ويندرج هذا الكلام في سياق الانقلاب الموصوف على الترتيبات التي حصلت في 27 تشرين الثاني الماضي ووقّعت عليها الحكومة اللبنانية التي للحزب الهيمنة الكبرى على قرارها ويشارك فيها بشكل مباشر من خلال وزراء تابعين له. وبالتوازي مع تنكُّر الشيخ نعيم لتوقيعه فإنه يقطع بكلامه الطريق على الدعم العربي والدولي للبنان في اللحظة السياسية التي تعود المجموعة العربية والدولية فيها الى بيروت انطلاقًا من المناخ الوطني الجديد الذي يحمل عناوين سياسية سيادية وإصلاحية يشكل اتفاق وقف إطلاق النار أحد ركائزها الأساسية، ويشكل حاجة للبنان بعد كل ما ألحقه فريق الممانعة بالبلد من انهيارات بأشكالها المتعددة. وفي تجاهل تام لما ورد في مقدمة اتفاق وقف إطلاق النار كرّر الشيخ نعيم مقولته الخاطئة أنّ “الاتفاق حصرًا هو في جنوب نهر الليطاني”، فيما مقدمة الاتفاق وجوهره وروحه ونصه يتطرّق بوضوح الى نزع سلاح كل التنظيمات المسلّحة في لبنان باستثناء القوى الشرعية المسلّحة والتي يسميها بالإسم، كما أن الاتفاق ببنوده الأخرى يلحظ تفكيك كل البنية العسكرية لحزب الله “بدءًا بجنوب الليطاني” إلى كل لبنان. ويناقض كلام قاسم ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزيف عون حول “احتكار الدولة وحدها للسلاح”، وما ورد في كلمة الرئيس المكلّف نواف سلام بعد تكليفه لجهة بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وفق ما ورد في اتفاق الطائف. فكلام الشيخ نعيم بهذا المعنى ينتمي إلى مرحلة انتهت ويناقض النصوص المرجعية اللبنانية والدولية، كما يناقض كلام المرجعيات الرسمية اللبنانية”.
وسط هذه الاجواء، وفي وقت تستمر الاتصالات في الكواليس لانضاج الطبخة الحكومية مع ترجيح ولادتها قبل الاحد المقبل، اكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ان علينا ان نكون يدا واحدة لاعادة بناء البلد التي هي ليست بصعبة اذا ما صفت النوايا، مشددا على أهمية تشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات الشعب اللبناني وتمكن البلد من النهوض مجددا لا سيما اقتصاديا. واعتبر ان تشكيل الحكومة في اسرع وقت يعطي إشارة إيجابية للخارج بأن لبنان بات على السكة الصحيحة، معيدا التأكيد ان على الجميع ان يكونوا على قدر المسؤولية “ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية يجب الا يكون في سدتها “.
وإذ دعا الى تضافر الجهود لصالح المصلحة العامة، اعتبر ان لبنان يكبر بجميع ابنائه لأي طائفة انتموا، مشددا على تحفيز الطاقات في لبنان المقيم كما في بلاد الإنتشار لتكون في خدمته. كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل الظهر، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وكاثوليكوس بيت كيليكيا للارمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان الذين زاروه مهنئين.
من جهة ثانية، تمنى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، التوفيق والنجاح لقيادة اميركا نحو مزيد من التقدم والازدهار. وأشار في برقية تهنئة بعث بها الى نظيره الأميركي بعد تنصيبه رسمياً رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، الى ان وجود الرئيس ترامب في البيت الأبيض يعكس ارادة متبادلة على تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها في المجالات كافة، “لاسيما لجهة وقوفكم إلى جانب لبنان واستمرار مساعدته في مسيرة تثبيت استقراره وبسط سيادته واعادة النهوض بعد الظروف الصعبة التي مر بها في المرحلة الماضية. “
في غضون ذلك، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أننا “كنا حكومة مع الإنقاذ وسنبقى وواجهنا أزمات سياسية واسعة ومالية حادة ومتراكمة وعملنا على معالجة الصعوبات التي قاربت الكوارث كما دافعنا وناضلنا عن موقع لبنان وسنبقى بخدمته. عملنا على معالجة الصعاب التي قاربت الكوارث وتكاتفنا لحلّ الكثير وسنبقى في أيّ موقع كنّا حريصين على كلّ حقّ”، مشيراً الى “أن عقد المؤسسات الدستورية استكمل بوصول العماد جوزاف عون إلى الرئاسة الذي أراح اللبنانيين جميعاً وأفرح الدول الصديقة وفتح الآمال أمام الاستثمارات، متمنيا لفخامته عهداً ميموناً يستعيد فيه لبنان دوره الريادي”.
وشدد على ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام “شخصية وطنية ودولية مرموقة ذات بُعد حقوقي ودبلوماسي يعتز بها الوطن، متمنيا لدولته كلّ النجاح في مسيرة النهوض والإنقاذ وكلّ الخير وتشكيل حكومة على مستوى المرحلة مع كامل استعدادنا لدعم مسيرته الوطنيّة”. كلام ميقاتي جاء خلال الاحتفال التكريمي لوزراء حكومة “معاً للإنقاذ” في السراي الحكومي.
من جهة ثانية، صدر عن حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري البيان الآتي: “ينتشر في بعض الوسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كلام منسوب الى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يشير إلى أن “على المودعين تقبّل خسارتهم لودائعهم في المصارف”. ان تلك المقولة لا تمت الى الحقيقة بصلة وهي لا تعبّر عن موقف الحاكم او المجلس المركزي بهذا الخصوص. لقد عرض حاكم مصرف لبنان بالإنابة رؤية عامة لكيفية معالجة هذه الودائع في عدة مناسبات، ولم تتضمّن، بأي شكل من الأشكال دعوة المودعين إلى قبول خسارة او ما شابه ذلك، كما لا يمكن الاجتزاء من حديث على هذه الدرجة من الأهمية والحساسية. وفي كل حال فإن هذا الأمر لا يتماشى مع المبادئ التي عمل عليها الحاكم بالإنابة منذ استلامه مهامه لغاية اليوم. فاقتضى التوضيح”.