كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال١٩٢٥ على بدء ثورة الكرامة
نتمسك بالوضوح الذي كان في ثورة “١٧ تشرين” وبرز بقوة في التصويت العقابي يوم ١٥ ايار في الانتخابات العامة.. ونحترم بقوة مشاعر مواطنينا في جهات لبنان الاربع الطامحة للتغيير . سنقاوم بكل الأشكال الديموقراطية مع اهلنا والمناخ التغييري الممتد على طول البلد كل محاولات تدوير قوى بعينها، كالثنايي المذهبي (حركة امل وحزب الله)مسوءولة درجة اولى عن الخراب العميم ..والثقة كبيرة بان غالبية مواطنينا يرفضون تعويم القوى اياها وبقاء نفس الوجوه، او ممثلين عنها، تتصدر المشهد العام للبلد.
أتبنى في يوميتي ما خطه د علي مراد الذي عبر بقوة ووضوح وشفافية عن المناخ الحقيقي لقوى التغيير .
كتب الدكتور علي مراد: ان تشكيل الحكومة ليست مسألة حزبية وطائفية ومناطقية مجزأة أو قابلة للتجزئة، بل هي قضية وطنية تعني الجميع سيما وان كل وزارة من الوزارات مسؤولة عن عموم اللبنانيين واللبنانيات وليس فئة منهم. وعليه لا بد ان يذهب التشكيل باتجاه لا يشبه ما كان سائداً.
سياسياً، كان الثنائي حزب الله -أمل الفريق السياسي الأبرز في أسوأ مرحلة سلطة شهدها البلد. هو المسؤول بشكل مباشر عن تعطيل المؤسسات الدستورية منذ العام 2006 ، وهو من وقف بوجه إرادة التغيير عام 2019 وسمح لبقية الاطراف ان تتلطى خلف فائض قوته العسكري والسياسي والمؤسساتي، كما وتسبب برهاناته وخياراته الخاطئة والمتفردة وارتباطاته الاقليمية في الحاق خسارة أمام العدو الاسرائيلي وآلته الإجرامية، وما نتج عنها من نكبات اقتصادية ودمار شامل في الجنوب والضاحية والبقاع وباقي لبنان. لذلك، من غير المنطقي اليوم ان يتم حصر التمثيل الشيعي بالثنائي حزب الله – أمل والتعامل مع هذه المسألة بصفتها شأناً طائفياً بل هو قضية وطنية بامتياز لا يمكن نقاشها مع الطرفين فقط.
أما على المستوى التمثيلي، هذا الثنائي لم يعد يعكس كامل المزاج الشيعي العام كما كان الحال عليه في انتخابات 2022 بعد سلسلة الأزمات التي تسبّب بها داخلياً وخارجياً، والتي ألقت بظلالها الكارثية على المستوى الوطني. هذا لا يعني بتاتاً انه لم يعد لديه تمثيلا وتاييدا واسعاً، لكننا نرى يوميا كيف ان الناس بدأت تتحرر من قيود الاستلاب والتخوين والزبائنية وهي بدأت تطرح الأسئلة وتستعد للمحاسبة كلّ على طريقته ومن موقعه. ماذا سيكون الانطباع الذي سوف تتلقاه الناس في حال اعطي للثنائي ما يريده؟
صحيح أن انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة جاءا في سياق ظروف محلية وإقليمية تتجاوز إرادة المجلس النيابي وتوازناته، وهو المجلس الذي فشل طوال ثلاث سنوات في تحمل مسؤوليته تجاه القضايا الوطنية الكبرى، بما فيها التعامل الجدي مع الانهيار المالي. لكن التسليم برغبات الثنائي في هذه اللحظة سوف يؤدي عملياً إلى زيادة الضغوط على تشكيل الحكومة ليس فقط من قبل بقية القوى السياسية التي ستمنح الحكومة الثقة وحسب، بل أيضاً من قبل الجهات وشبكات المصالح التي تصدت لكل محاولات الاصلاح وعطّلته في السنوات الأخيرة والتي سوف تجدها فرصة للانقضاض للدفاع عن مصالحها على حساب الناس.
ان تجديد حصرية التمثيل الحكومي تحت ذريعة الميثاقية والتمثيل البرلماني هو بمثابة مكافأة لهذه السياسات الفاشلة التي أوصلت البلد الى حيث وصل. ان إنهاء الاحتكار ليس دعوة لإلغاء أحد، وهذا أمر واضح لا جدال فيه، وقد عبر عنه ليس فقط رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بل ايضا العديد من القوى السياسية المعارضة للثنائي. لكن في المقابل، لا يمكن أن يتحول هذا الامر الى ورقة ابتزاز لتكريس الاحتكار الصريح. فإذا كانت الواقعية السياسية والتوازنات الطائفية تقتضي اعطاء وزارة المال للشيعة، الا ان المبدئية تفترض عدم التسليم لهما باحتكار تسمية وزير/ة المال (على طريقة تسليم الاسماء في قصر بعبدا) او الرضوخ لمطلب الاستئثار بكامل الحصة الطائفية.
الى جوزاف عون ونواف سلام، آمال الناس وثقتها بكما كبيرة وهي ترى اننا أمام فرصة غير مسبوقة لإحداث تغيير حقيقي في واقع البلد وهو ما عبر عنه خطاب القسم وكلمة الرئيس المكلف من قصر بعبدا.
اسمعوا للرأي العام الذي دعم وتفاءل بوصولكما، وأعلما أنه سيكون الى جانبكما في كل مرة تتصادما مع اركان المنظومة السياسية والمالية والطائفية، وفي كل مرة تخوضان فيها المواجهات القاسية والضرورية لصالح الناس