كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1924 على بدء ثورة الكرامة
شدوا الأزمة، يعود الرئيس الأميركي ترمب إلى البيت الأبيض اليوم، مدججاً بالسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ وأكثرية الحكام والمحكمة العليا. يوم لا يشبه أي يوم سبقه، سيتسمر العالم أمام الشاشات لمتابعة حدث التنصيب، وسيتابع العالم القرارات التنفيذية الأولى من رجل غير عادي باسم البلد المتربع على قمة العالم. إنه عصر ترمب، رجل الصفقات القابض على القوة حيث يدرك الجميع أنها حجر الزاوية في رسم مشهدٍ جديد يطال كل المسرح العالمي. وسيكون لمنطقتنا نصيبها ولمسار مستقبلها ودور نظام الملالي المحتمل وحتى البقاء داخل حدود بلاد فارس!
ويمر اليوم الأول على غزة بدون إطلاق نار. أوقف الإتفاق حرب الإبادة لكن القلق كبير، وستكون النتائج غير مرضية لو ظنت حماس أن الإبتهاج بوقف القتل والإبادة بمثابة دعم لها من الغزاويين. فمشهد إستعراض المسلحين الملثمين فوق أنقاض غزة، حيث ما زالت ألوف الجثث مطمورة أمر لا يبشر. فرح أبناء غزة حقيقي، يفرحون لأنهم أحياء وما زالوا موجودين فوق أرضهم.. وتعرف حماس ومن هم على شاكلتها أنهم باتوا خارج المشهد والحساب مع الناس آتٍ ولن يتأخر!
الحدثان لن يصرفا الإهتمام عن الداخل، عن جهود الرئيس المكلف لإخراج صيغة حكومة العهد الأولى إلى النور. الأسئلة كبيرة جداً والبلد مليء بالكلام ولم يتمكن أي كائن من أن ينسب لنواف سلام أي أمر، وقد تحول منزل الرئيس المكلف لزيارات حج متكررة من الحاج محمد رعد والحج علي حسن خليل! نواف سلام خير من يمثل المناخ التشريني وهم التغيير الذي حملته الثورة التي رشحته منذ بدايتها، وكان لنواب التغيير والمناخ التشريني، وهو مناخ بوسع البلد، الدور المؤثر في فرض تكليفه على برلمان تجرعت أكثريته مرتين كأس السم فإنتخبت مكرهة جوزاف عون وسمّت نواف سلام لتأليف الحكومة.
صحيح أن الإنطلاقة تتطلب الدعم من برلمان عصي على محاولة ولوج البلد زمن التغيير، إنطلاقاً من الدستور، فإنه بقدر ما هو مفيد ترسيخ ثوابت من نوع أن التفاهم وعدم الإستبعاد لا يعني ثلثاً معطلاً ولا إستئثاراً، وعدم الجمع بين النيابة والوزارة، وعدم توزير شخصيات حزبية وأيضاً وجوه مستفزة، وإلتزام من كل الوزراء بعدم الترشح للإنتخابات البرلمانية.. فإن التسميات مطلوبة أساساً من الرئيس المكلف بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، وغير ذلك سيحمل مخاطر أن تعكس تركيبة الحكومة صورة سياسية حزبية. مطلوب قدر محترم من الوجوه القادرة، من أصحاب الكفاءة التي تحمل قيم الدولة والجمهورية، وجوه ترضي مناخ التغيير الطامح للإصلاح الحقيقي، لتساعد بإستعادة الثقة بالسرعة المطلوبة، وفي دفع منحى كشف مغاور الفساد، ويكفي بهذا السياق إلى مغاور وزارة المال، المراسيم الفاسدة التي تتخذها هذه الأيام حكومة حزب الله ورمزها نجيب ميقاتي غير المدرك كما يبدو أين أصبح؟
بالتأكيد نشهد الكثير من محاولات إعادة تدوير وجوه كالحة، يعرفها نواف سلام، ويعرف أكثر من سواه أن تسلل بعضها سيعرقل نقل لبنان إلى رحاب مرتجاة.. ويعرف أن تطييب الخاطر لا يكون على حساب الدستور ولا يعني تفويت الفرص. كبيرة ثقة الناس برئيس الجمهورية وبالرئيس المكلف تشكيل الحكومة بأنهما، رغم أن البلد في مرحلة إنتقالية محفوفة بكل المخاطر، سيدفعان الوضع نحو لبنان آخر: الجميع تحت سقف القانون، “لا حمايات” و”لا حصانات” و”لا إفلات من العقاب”، وهنا التحدي الحقيقي بأن تضمن الحكومة التي لا ينبغي تأخير إعلانها منحى يحمل شفافية في المساءلة والمحاسبة.. ليسهم بشكل أم بآخر بوضع البلد ككل على مدار إصلاح حقيقي مالي وإقتصادي وإجتماعي وإستكمال الإصلاحات السياسية المنصوص عنها في إتفاق الطائف.
واليوم مطلوب الكثير من قوى التغيير وقد إمتد مناخ تشريني على وسع البلد. منصة ” المنبر الوطني للإنقاذ” مطالبة بالإنتقال من أن تكون محطة إعلان موقف ضروري في المناسبة والتوقيت، لإستكمال خطوات الذهاب لبلورة “شبكة أمان وطنية” لديها رؤيتها السياسية – الإصلاحية، وبرنامجها المنطلق من عناوين قالتها الثورة وما إستجد إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة وكذلك الزلزال اللبناني..فتحث الحكومة على الإستجابة للمتطلبات الوطنية والشعبية التي لا يجوز إغفالها. ليتبلور وتظهير “قطب شعبي” وطني كعنوان لا يقبل التأجيل. لقد دخل البلد مدار الإنتخابات العامة، والإنطلاقة لا تقبل التأجيل لجعل الإنتخابات البرلمانية محطة محورية لتكريس التغيير.
ومنظومة الفساد والإرتهان والتبعية الطائفية “كلن يعني كلن” وما تستثني حدن منن.