كتب باسل عيد: مع اقتراب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبانتظار البت بالقرار النهائي، سواء لجهة التمديد لتلك الولاية أو إنهائها، والأدوار اللاحقة لنواب الحاكم، بات الشغل الشاغل لجزء كبير من اللبنانيين مصير “صيرفة”، وإمكانية استبدالها بمنصة أخرى، وما قد يستتبع ذلك من أدوار مطلقة للصيارفة في السوق السوداء، مشابهة لتلك الحقبة التي سبقت إنشاء تلك المنصة، التي أطلقها المصرف المركزي منذ سنتين.
ومع اقتراح نواب حاكم مصرف لبنان الـ 4 بعد الاجتماع بأعضاء لجنة الادارة والعدل في مجلس النواب، التحول بالكامل إلى تعويم سعر الصرف “بطريقة مدارة”، والتزام المصرف بصياغة القواعد واللوائح اللازمة “لتحريك سعر الصرف إلى عائم” أيلول 2023، مع القدرة “على التدخل عند الضرورة”، الى جانب إنشاء منصة إلكترونية جديدة للصرف الأجنبي، طرح هذا الامر جملة تساؤلات عن نتائج تلك الاقتراحات، وما سينجم عنها على صعيد سعر الدولار في السوق السوداء.
وللإجابة عن كل تلك التساؤلات، الى جانب الدور الذي اضطلع به سلامة منذ توليه رئاسة حاكمية المصرف المركزي، وعلاقات “حزب الله” مع كبار الصرافين، أجرى موقع “أخباركم أخبارنا” لقاء مع الإقتصادي روي بدارو، فرأى ان الصرافين “يتفقون على ما يشبه الموجة بالنسبة لسعر الدولار في السوق السوداء، فيرفعون سعره في مكان، فتبيع الناس دولاراتها، ومن ثم يقومون بتخفيضه لاحقاً، وهي لعبة باستطاعة أي كان أن يلعبها، وليس الصرافين فحسب، إلا أن السؤال المهم كيف تتم تلك اللعبة”؟
وتابع: “اللعب يتم من خلال منصة صيرفة، لأن أحداً في لبنان لا يعرف كيف تدار تلك المنصة، إلا من يقوم شخصياً بإدارتها، وهو حاكم مصرف لبنان والمجموعة التي حوله”، معتبراً ان “نواب الحاكم أنفسهم لا يعلمون كيف تدار صيرفة، وممنوع عليهم ذلك”.
ووصف بدارو تلك العملية ب”العلبة السوداء”، مبدياً شكوكه حول صحة ارقام عمليات الشراء والمبيع في تلك المنصة، “لأن ثمة اشخاصاً يستفيدون منها من خارج المطلوب من السوق”، كاشفاً ان في منصة صيرفة “جزءاً للتلاعب ولتوزيع الغنائم يوميا”.
وشدد على ضرورة إنشاء منصة جديدة بديلة عن “صيرفة”، معتبراً أن هذا الأمر من شأنه “إراحة صندوق النقد الدولي والمصارف المراسلة للبنوك اللبنانية في أميركا وانكلترا وسويسرا وغيرها من البلدان، من خلال معرفتهم بشكل دقيق حجم التداول، لا سيما وان مصرف لبنان، وبطلب ما، فتح التعميم رقم 165 من أجل إدخال المصارف في النظام النقدي أو الفريش”.
واضاف بدارو: “بهدف إنشاء سوق صاف قدر الإمكان في عملية العرض والطلب، يجب عدم السماح للصرافين بامتلاك ال bloomberg، وايداع اموالهم في المصارف اللبنانية وفقاً للتعميم 165، على ان يقوموا بعمليات البيع والشراء من خلاله في حال وجود الطلب، والمطلوب عندها من لجنة الرقابة على المصارف ان تطلب من كل مصرف، بأن يرسل لها يومياً من قام بالطلب ومن باع ومن اشترى الدولار، وما هي أسباب ذلك”.
في المقابل، رأى أن إرادة المراقبة “غير موجودة”، مستبعداً ان تكون الطبقة السياسية “قابلة للكشف عن كل شيء”، مشدداً على أهمية تطبيق بند إلغاء السرية المصرفية بشكل كامل على كل من تعاطوا الشأن السياسي منذ العام 1997 وحتى اليوم، وإلا “فإن الجرم لا يزال موجوداً حتى الآن ولن يتم كشفه”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان “حزب الله” يحمي حاكم مصرف لبنان عكس ما يعلنه في الظاهر، اعتبر بدارو انه “اذا لم تكن تلك الحماية مباشرة، فإنها تكون بشكل غير مباشر”، موضحاً أن سلامة “لعب على أكثر من إطار واحد. فعندما يريد شخص ما أن يصل الى سدة رئاسة الجمهورية، فإنه على استعداد لإرضاء جميع المسؤولين في لبنان”.
ورأى أن مشكلة سلامة الأساسية كانت “عناده في تثبيت سعر صرف الدولار، ورغبته في ان يكون رئيسا”، مشيراً الى ان “جنون العظمة لديه أدت به وباللبنانيين الى الانهيار، وأن حياته الشخصية المضطربة لم تكن لتؤهله ليكون حاكما للمصرف المركزي لو كان في بلد آخر غير لبنان”.
واستغرب بدارو “استماتة البعض في الدفاع عن سلامة بعد محاكمته في الخارج، وذلك بسبب استفادة هؤلاء من الحاكم لقاء ما حققه لهم من مطالب مالية وسياسية، وهو أمر بالغ الخطورة بالنسبة لأخلاقيات لبنان”.
وشدد على ضرورة “ألا يتم التمديد لرياض سلامة حتى ليوم واحد أيا كانت تداعيات عدم التمديد”، وقال: “أي حل يبقى أفضل من التمديد لهذا الرجل”.
وعن علاقة “حزب الله” بالصرافين في لبنان ومدى سيطرته عليهم، قال بدارو: الحزب ليس لديه قدرة السيطرة على الصرافين الصغار، ولذلك هو يذهب باتجاه صرافي “جملة الجملة” أو “السوبر” الكبار، وعددهم ما بين 2 – 3، في حين انه لا يتعامل مع أولئك في المراتب الوسطى او الصيارفة الصغار.
ورفض تحميل “حزب الله” الدور الأكبر في الأزمة الاقتصادية الراهنة، لكنه رأى بأن الحزب “استفاد من الواقع، والقرض الحسن لما كان أنشىء لولا غباء المجموعة الحاكمة”، لافتاً الى انه كان على المصارف منذ سنوات “انشاء مؤسسة للتمويل الصغير، التي لو انها انشئت حينها لما استطاع القرض الحسن من الظهور، لأن الحزب يحصل على ضمانات عينية من الناس كالذهب والاراضي وغيرها، في مقابل إقراضهم المال. وهذا الأمر من شأنه أن يولد استياء لدى هؤلاء لاحقا”.