كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1936 على بدء ثورة الكرامة
على مسافة أيام قليلة من إعلان التشكيلة الحكومية (ربما بين 48 ساعة و72) ومع تقاطع معلومات سلبية عن التركيبة، التي ستحمل ولا شك إلى جانب سلام أسماء شخصيات مشهود لها، لكنها ستبقي ثقة الناس معلقة مع وجود محاصصة طائفية قد تحول دون تنفيذ خطابي القسم والتكليف..، حدثان عشية الإعلان عن تأليف حكومة العهد الأولى يجدر التوقف عندهما لدقة الأسئلة التي يطرحانها، والمخاوف من أن يكون قد تقدم في مكانٍ ما، مقولة أنه ممنوع الإصلاح وممنوع التغيير. الحدثان إرتبطا بالعدالة والحقوق وخطرهما كبير لما يمكن أن تترتب عليهما من أبعاد تضرب كل المسيرة اللاحقة.
1– على مسافة يومين من الذكرى الرابعة لإغتيال المناضل لقمان سليم (يتم إحياء المناسبة بعد ظهر اليوم الأحد) هل تعرض لقمان الشجاع لإغتيال ثانٍ؟ عند الإعلان عن ختم التحقيق وتسجيل الجريمة ضد مجهول، لـ”عدم وجود الأدلة الكافية” ما يعني أن العدالة لم تتحقق! ورد في القرار الظني لقاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي “أن مجموعة من الأشخاص المجهولين قاموا بخطف سليم وقتله”! وورد أن طلباً بمساعدة خارجية من ألمانيا لم تتم تلبيته. لكن المحامية ديالا شحادة وكيلة الدفاع فندت القرار وقالت “لم يكن قاضي التحقيق حيادياً بل إمتنع عن البت بطلبات الجهة المدعية، وإمتنع عن التوسع بالتحقيقات، ورفض التعاون مع القضاء الألماني وأصر على تسمية سليم يالمتوفي بظروفٍ غامضة وليس بالمقتول”!
أووف ما هذه الهدية المسمومة في هذا التوقيت؟ ما هذه الصدمة القضائية؟ ماذا تقول بيروت ضحية التفجير الهمايوني؟ ماذا يقول ضحايا العاصمة التي ستبقى عصية؟ ماذا يقول الضحايا الأحياء المئات ممن فقئت أعينهم عمداً خلال ثورة تشرين وخصوصاً يوم 8 آب 2020 يوم الرد الشعبي على جريمة تفجير مرفأ بيروت؟
2– وعشية إعلان الحكومة العتيدة، وبحجة مرور الزمن ( 3 سنوات)، أصدر قاضي التحقيق إياه بلال حلاوي قرارات بمنع محاكمة 8 ضباط من رتبة عميد وما فوق، من بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي، مدعى عليهم بالإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، على خلفية فضائح تلقي رشاوى لتسهيل دخول طلابٍ إلى الكلية الحربية.
لفت الإنتباه ما أوردته “المفكرة القانونية” حول المسألة: “لا بد من الإشارة إلى خطورة هذا النهج، والذي من شأنه أن ينطبق على مئات قضايا الإثراء غير المشروع الحاصل قبل سنة 2020، وقد يكون من ضمنها قضايا التحقيق مع رياض سلامة”. ما يلفت الإنتباه هنا أن حلاوي نحى منحى القاضي المتقاعد شربل أبو سمرا بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عندما إستبعد تطبيق قانون الإثراء غير المشروع الجديد، والذي أعلن أن الإثراء غير المشروع لا يسقط بمرور الزمن( المادة 13) بحجة أن الوقائع موضوع التحقيق حصلت قبل إقراره!
وبعد، عودة للتأليف المنتظر، إذ يبدو أن هناك قدرات تمنع حلول ما بعد زمن الزلزال اللبناني والزلزال السوري، وما يستوجبه على أكثر من مستوى في لبنان. عبثاً تجري محاولة في وضح النهار لحجز مسار التاريخ، يعلم القاصي والداني وخصوصاً من بيدهم الحل والربط أن أي نجاحٍ سيبقى مؤقتاً، لكن الأثمان ستكون أكبر على شعب أُرغم على دفع أكلافٍ مخيفة. اليوم والناس، النخب والكفاءات، شهود هرقة ممن كانت لهم مواقف ضد ما يسمى “حكومات وحدة وطنية” ولم تكن يوماً لا حكومات وحدة ولا حكومات وطنية، فيريدون التمثل في نسخة جديدة مستنسخة عما كان وفي ظل تسلطها إرتكبت الكبائر. والكبائر هي اليوم الحال التي يعيشها المواطن والحال التي دُفِع إليها البلد، في عصر “الإفلات من العقاب”، وما في لزوم لأي نقاش آخر يروج لرؤية النصف الملآن من الكأس فهي رؤية وهمية في زمن تغيير الأقنعة!
ستبقى كبيرة الرهانات على شخص نواف سلام، الله يعينك فهل هناك قدرة بعد بالإمكان بعد على تجاوز حقل ألغام القوى المذهبية والطائفية. ينبغي القول أن الذين إستأثروا وأثروا على حساب حقوق الناس قادرون على إقفال باب حكومة “الوحدة” بوجه الإصلاح الحقيقي فكيف التغيير المرتجى والذي شكل حلماً للكثيرين مع مجيء جوزاف عون ونواف سلام إلى سدة السلطة من خارج منظومة الفساد. توحدوا، موالاة نظام المحاصصة ومعارضته، في السعي لتناتش الحقائب لمنع قيام الدولة المرتجاة، دولة المواطنة التي تريدها يا دولة الرئيس. الناس من موقعها الذي أرغم برلمان يفتقر للمشروعية الشعبية على تسميتك للتأليف، يعلمون علم اليقين، أن وجود ممثلين عن جهات مسؤولة عن الخراب في مجلس الوزراء ستحاصر أي خطوة إصلاحية، ووجود ممثلين عن ميليشيا مسلحة بعد قرار وقف النار وما تضمنه من بنود لا تقبل اللعم فإن عقبات كبيرة ستنتصب بوجه حصر السلاح بيد الشرعية، وعندها ماذا سيبقى من خطابي القسم والتكيف؟
خسارة ثقة اللبنانيين لا تعوضه ثقة برلمانٍ فاقدٍ للشرعية الشعبية!
من نهب لن يعيد المنهوب!
ومن أفسد لن يصلح الوضع!
ومن إستدرج الإحتلال وتسبب بالدمار ليس عنواناً للتحرير وإعادة الإعمار!
ومن إستخدم توقيع وزارة المال كفيتو على الدولة لن يتيح تفكيك أوكار الفساد!
ومنظومة الفساد والإرتهان والتبعية “كلن يعني كلن ” وما تستثني حدن منن.
