كتب إبراهيم بيرم لـ “أخباركم – أخبارنا”
لم يكن مستغربًا أن يحيط “حزب الله” بستار من الكتمان والغموض بكل ما يتعلق بـ “صفقة تبادل” محتملة تُنسَج خيوطها في الخفاء وتتضمن إطلاق 7 أسرى من الحزب وقعوا في قبضة الاحتلال الإسرائيلي أثناء حرب الـ 33 يومًا الأخيرة التي دارت على الجبهة بين لبنان وإسرائيل.
فهناك مصادر على صلة بالحزب، ترى أن هناك أسبابًا عدة تفرض عليه هذا السلوك المعتم حيال ملف بهذه الحساسية. فالمعلوم أن الحزب يفتقد إلى أوراق قوة وضغط يعتمد عليها في رحلة سعيه إلى “إقناع” الإسرائيلي بإتمام هذه الصفقة وتأمين عودة أسراه، على غرار التجربة التي سجلت بعد حرب تموز 2006، عندما كان الحزب يحتفظ بجثث أسرى إسرائيليين (تبيّن لاحقًا أنهم قتلى) سبق لمجموعات من الحزب أن أسرتهم ونقلتهم إلى الداخل اللبناني خلال كمين نصبه الحزب لدورية إسرائيلية كانت تمر في منطقة خلة وردة المحاذية لبلدة عيتا الشعب، التي هي إحدى بلدات الحافة الأمامية.
ومما يذكر أن الحزب، وبعد سريان اتفاق وقف النار الأخير، انتظر طويلاً ليحصل على إحصاء بالعدد النهائي لأسراه، إذ من المعروف أن وضع مجموعاته المقاتلة على الحافة الأمامية في ذروة الهجوم البري الإسرائيلي كان غامضًا، خصوصًا بعدما فقد الاتصال بتلك المجموعات لأيام عدة. لذا، لم يكن لديه علم دقيق بعدد الأحياء منهم والشهداء والأسرى حتى الأيام القليلة الماضية، لا سيما وأن الاحتلال الإسرائيلي بقي مسيطرًا على عشرات بلدات الحافة الأمامية ورفض دخول فرق الدفاع المدني لانتشال الجثث من تحت الأنقاض، فظل الوضع غامضًا لدى الحزب، فضلًا عن أنه أخفق في الحصول على أسرى إسرائيليين أحياء أو على جثث ليجعلهم مادة للتفاوض مع الاحتلال لاحقًا لضمان صفقة تبادل تعيد له أسراه ومفقوديه.
وهكذا، قبل أقل من أسبوع، تمكن الحزب من الحصول على قائمة نهائية بأسماء أسرا ه الأحياء فبادر بعدها إلى تسليم هذه القائمة للجهات الدولية المعنية. وهم: كامل وضاح يونس (أسر في بليدا)، حسن خليل جواد، يوسف موسى عبد الله، إبراهيم منيف الخليل، محمد عبد الكريم جواد، حسين علي شريف، وجميعهم أسروا في عيتا الشعب.
ومن المثير أن الحزب لم يضع ضمن تلك اللائحة اسم القبطان البحري عماد فاضل أمهز الذي أسرته قوة كوماندوس إسرائيلية جاءت بحراً إلى مقر إقامته في البترون، المدينة البحرية.
بعد ذلك، انطلق الحزب في رحلة شاقة وطويلة للبحث عن أوراق قوة تمكنه من الضغط على إسرائيل لضمان إطلاق أسراه السبعة. وكانت خطوته الأولى في هذا السياق التواصل مع الجانب الفلسطيني الحليف، حركة “حماس”، لتدرج أسماء أسراه في لوائح صفقة التبادل مع الإسرائيليين. لكن جواب حماس كان: “أعذرونا، لم نفلح”. ثم كانت هناك أيضًا عملية “جس نبض” مع الجانب الحوثي في اليمن الذي كان بحوزته عدد من البحارة الإسرائيليين الذين ضبطتهم صنعاء بعد هجوم على باخرتهم التي كانت تمخر باب المندب في طريقها إلى ميناء إيلات، لكن الجواب اليمني لم يكن أيضًا إيجابيًا.
وقبل أيام، سرت معلومات مفادها أن الحزب وجد ضالته المنشودة لدى العراقيين. فمن المعلوم أنه تمّ القبض في بغداد على باحثة إسرائيلية كانت تزور العراق بجوازها الروسي، وكانت في مهمة تجسسية باسم “إليزابيث سوروكوف”، مما رفع من منسوب آمال الحزب هو أن سوروكوف هذه وقعت في قبضة مجموعات عراقية مسلحة على صلة بالحزب (الحشد الشعبي)، فضلاً عن أن السلطات الإسرائيلية أبدت اهتمامًا كبيرًا بهذه الباحثة وباستعادتها مهما كان الثمن.
ومما عزز هذا الانطباع، أن قناة “كان” العبرية، أوردت تحقيقًا في الآونة الأخيرة استنتجت فيه أن “ثمة صفقة محتملة للإفراج عن سوروكوف الأسيرة في العراق مقابل مقاتلي الحزب الأسرى عند تل أبيب، بما فيهم القبطان البحري أمهز”.
والجدير بالذكر في هذا الإطار، أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ذكر في البيان الذي وزعه مكتبه الإعلامي، عن أن بيروت تبلغت من واشنطن رغبة إسرائيل في تمديد مهلة انسحابها من الجنوب حتى 19 شباط الجاري، وأن الأميركي تعهد بالعمل مع الإسرائيليين لبدء مفاوضات تفضي إلى إطلاق أسرى الحزب.
لاحقًا، أوحت معلومات بأن إسرائيل تريد ثمناً باهظًا لتسليم الحزب أسراه، مثل سكوت لبنان والحزب على احتفاظ إسرائيل ببعض التلال الحاكمة في المنطقة الحدودية، وهو مطلب صعب للغاية.
