
كتب مسعود محمد: تقاطعت كل المعلومات حول مسألتين أمس كان محورهما عين التينة الأولى انطلاق لقاءات المبعوث الرئاسي الفرنسي جون ايف لودريان منه حيث التقى الرئيس نبيه بري وخرج بري بعد اللقاء ليقول بتصريحات مفاجئة تحدث فيها عن أن اللقاء الذي جمعهما «فتح كوة في جدار أزمة الفراغ الرئاسي» المستمر في البلاد منذ تشرين الثاني الماضي. ما تظهر أمس كان بوضوح سقوط المبادرة الفرنسية الأولى وسقوط مدوي لخيار سليمان فرنجية والحزب يناور ويكسب الوقت لانضاج تسوية عنوانها في طهران، وفي ظل التغيرات الإقليمية والتوافق السعودي والإيراني هناك تردد سعودي بسبب طبيعة النظام الإيراني الذي يفاوض بالمفرق والسعودي يعلم ان اليد العليا في لبنان لإيران وهو لا يرغب بخوض مواجهة لا يمكنه تحقيق مكاسب فيها لذلك نجده غير مهتم بالملف اللبناني كفاية وهو ينفذ إرادة دولية بمنع الانهيار النهائي للبنان فلا احد يرغب بافغانستان او سوريا جديدة ويركز على انجاز ملف اليمن الذي يمس امنه القومي بالمباشر، ومن هنا نجد احياناً تخبط الفريق اللبناني المحسوب على السعودية للسبب نفسه وهو عدم قدرتهم على خوض مواجهة كاملة مع الحزب في ظل اختلال موازين القوى رغم نجاحهم الملفت حتى اللحظة عبر ما اسموه بالتقاطعات بفرملة اندفاعة الحزب دون النجاح بإيقافها.
الحزب يعمل بهدوء ويراقب بتوتر، ويحاول ترتيب أوراقه اقليمياً وداخلياً وتظهر ذلك من خلال حركة الحزب ما بين خيمته والحدود وإخراج دورية من قوات النخبة “الرضوان”، وهذا يذكر بحديث السيد حسن نصرالله الذي قال فيه “بتضربونا منضربكم بتجوعونا منجوعكم”، وبالتالي لا يمكن تجاهل الثمن الذي سيقبضه الحزب مقابل استمرار التهدئة. السؤال هل هناك إمكانية لتفجير الوضع مصادر خاصة قالت لموقعنا اخباركم اخبارنا “ليس هناك قرار بالتفجير لا من قبل الحزب ولا من قبل الإسرائيلي، ولكن باب المناورة والاستعراض يبقى مفتوحاً دون الوصول الى التفجير” ولفت نظرنا مصدرنا الى انه ما كان ليكون هناك ترسيم حدود لو كان هناك إرادة بالتفجير. وبالتالي لا افق بحل سحري سريع ينتج رئيساً وسيكون هناك محاولات لإنتاج حوار ما للوصول الى حل اما بالتفاهم واما قسراً.
السألة الثانية هي حاكمية المصرف المركزي. الكل يعلم ان الحامي الأول والاب الروحي لحاكم مصرف لبنان هو الرئيس نبيه بري لذلك هو معني بموضوع مصرف لبنان، ونائب الحاكم وسيم منصوري هو مقرب من بري، حتى اللحظة يبدو الحل ابعد من تعيين حاكم جديد وأقرب الى تسوية ضمن نواب حاكم المصرف مع فشل الرئيس بري بتأمين مظلة حماية لنواب الحاكم يشرع عبر مجلس النواب.
الخلاصة ستظهر خلال اليومين القادمين بالشراكة ما بين بري وميقاتي وغض نظر اشتراكي قواتي، وبركة الحزب لبري رغم التسويق القوي للتباينات ما بين الطرفين فالهدف النهائي للحزب اضعاف آخر معاقل “الشيطان الأكبر” الولايات المتحدة عبر تقليل سيطرتها على موقعي قيادة الجيش وحاكمية المصرف، وستواجه قرارات بري بمعارضة قوية للتيار الوطني تتعلق بحسابات ابعد من الموقع اذ هناك استشعار حقيقي بما يحصل من ناحية إعادة رسم المنطقة وللتيار رؤيته في هذا الموضوع وهو متموضع في حلف الأقليات الذي سيتمظهر شكله في المرحلة القادمة بوضوح اكثر وقد نكون في نهاية مرحلة سايكس بيكو وظهور مرحلة جديده عنوانها “الدويلات” بعنوان لميع “فيدراليات ولا مركزيات”، بدل الدولة المركزية وهذا ما يقلق بكركي.
حزب الله الذي كان وما زال الأكثر انتقاداً لهذا الموضوع كان اول من ترجمه من خلال تأسيس جيشه ومصرفه “القرض الحسن” وسلطاته الأمنية والسياسية وهو بكل ما تحمل الكلمة من معنى “دويلة داخل الدولة لا ينقص سوى إعلانها” وهي الحلم الذي اعلنه الحزب في بداياته عبر وثيقته التأسيسية وعبر خطابات شهيرة لنصرالله قال فيها انه ليس فقط يريد دولة إسلامية بل ان يكون لبنان جزئ من دولة إسلامية كبرى يحكمها “بديع الزمان”.