كتب باسل عيد: بعد سنتين على إطلاق مصرف لبنان لمنصة صيرفة، فإن كثراً من اللبنانيين لا يدركون حتى الآن ما هي طبيعة عملها، وما هي الأهداف التي أنشئت من أجلها، وما مدى صوابية قرار حاكم المركزي في حينه بإنشائها، وما هو واقعها الحالي في ظل نخر الفساد كل ركن من أركان هذا البلد.
وبات حديث نواب حاكم مصرف لبنان عن اتجاههم لالغاء “صيرفة” والاتجاه نحو إطلاق منصة جديدة، الشغل الشاغل لمعظم المستفيدين من تلك المنصة، من التجار وذوي الدخل المحدود على السواء، خصوصاً موظفي القطاع العام، التي تؤمن لهم “صيرفة” بعض الدولارات الاضافية، قياساً لرواتبهم المتدنية بالليرة اللبنانية. فما هي “صيرفة” وما هي طبيعة عملها راهناً؟
في هذا الإطار، أوضحت الصحافية المتخصصة بالشأن الاقتصادي عزة الحاج حسن لموقع “أخباركم أخبارنا”، بأن الهدف من إنشاء “صيرفة” كان “السيطرة على عملية التداول في السوق وضبط الأسعار من خلال بيع وشراء الدولارات من خلال تلك المنصة”. ورأت أن صيرفة “لم تحقق ذلك الهدف بشكل تام، وأصبحت فقط تبيع الدولار الى الناس والتجار ولا تشتريه منهم”.
وأوضحت بأن عمل صيرفة اليوم “هو باتجاه واحد، أي بيع الدولار من دون شرائه، وهذا الأمر استنزف العملة الخضراء لدى مصرف لبنان من خلال الضغط على الاحتياطي الموجود لديه، وجعل المصرف المركزي مجبراً على التدخل بشكل دائم عبر ضخ الدولار في السوق، وبالتالي فإن مصرف لبنان أصبح يستخدم صيرفة كمضخة للدولار، وكأداة للتدخل في السوق السوداء بهدف السيطرة على سعر الدولار”.
وعن دور الصيارفة في السوق وفي “صيرفة” على السواء، أكدت الحاج حسن، أنه من الناحية النظرية “ليس من المفترض أن يكون هناك ارتباط بينهم وبين المنصة، ولكن في الواقع فإن مصرف لبنان كان يضخ الدولارات عبر صيرفة ويشتريه من الصرافين ومن السوق السوداء لبيعها عبر صيرفة، وبالتالي أصبح الصرافون زبائن صيرفة، وبعضهم أصبح كموظفي المصارف ومدرائها، وحققوا الارباح بعد استخدامهم صيرفة كأداة للمضاربة بشكل أو بآخر”.
وعن توقعاتها لمصير ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، انتهاء أو تمديداً، قالت: في الواقع يجب ألا يتم التمديد لسلامة بعد انتهاء ولايته. أما في حال عدم تعيين حاكم جديد، فيجب على نواب الحاكم، تحديداً الحاكم الأول، بأن يتحملوا مسؤولياتهم ويقوموا مقام حاكم المصرف”.
وأضافت الحاج حسن: “لا أحد يتمنى أن تمدد ولاية سلامة، ولكن في المقابل، لا أحد يضمن السلطة السياسية عندنا، وعلينا ترقب ماذا سيحدث”.
ورداً على سؤال عن تأثير نهاية ولاية الحاكم على الوضع الاقتصادي والمالي، لا سيما في ظل عدم تعيين حاكم جديد، أشارت الى أنه في حال حصول فراغ في ذلك المنصب واستقالة نواب الحاكم الأربعة، فإن هذا الأمر “سيشكل كارثة على الاقتصاد وسينعكس بشكل فوري على السوق من خلال إحداث خضة وردة فعل سلبية”.
في المقابل، اعتبرت الحاج حسن انه “في حال انتقلت سلطة الحاكم الى نائبه الأول بشكل سلس وطبيعي، وتم ايقاف صيرفة بشكل تدريجي، فإنه بذلك يكون قد تم امتصاص أي صدمة في السوق بشكل يمنع حصول أي انفلات فيه”.
وعن حديث نواب حاكم مصرف لبنان عن إلغاء “صيرفة” وتأثير ذلك على الواقع الاقتصادي، رأت ان الغاء صيرفة من حيث المبدأ موقف سليم، موضحة أن نواب حاكم مصرف لبنان “يرفضون صيرفة بشكلها الحالي، لانها تفتقر الى الشفافية والحوكمة والرقابة، وعدم وضوح مسارات الدولارات التي تضخ عبر تلك المنصة ومن يستفيد منها”، مشيرة الى تلك المسألة جعلت من صيرفة “معبراً لتبييض الأموال ولتحقيق ارباح غير مشروعة”.
إلا انها رفضت إيقاف “صيرفة” بشكل مفاجىء من دون خطة بديلة. ورأت ان هذا الأمر سيكون “أسوأ من صيرفة نفسها”.
ودعت نواب الحاكم لأن يكون لديهم منصة بديلة “قادرة على التدخل، وأن تسيطر وتنظم سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بشكل تستطيع من خلاله توحيد هذا السعر بشكل تدريجي على المدى المتوسط. أما على المدى القريب، فيجب عدم ايقاف صيرفة كلياً، بل تغيير آلية تطبيقها تدريجيا”.