أخباركم – أخبارنا/ الكاتب السياسي يوسف مرتضى
لأول مرة منذ اتفاق الطائف في العام ١٩٨٩ انتخب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية من خارج صندوقة المنظومة ورغماً عنها، كما جرت تسميتك رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة بدفعٍ شعبيٍ عارم واكبته بإيجابية القوى الإقليمية والدولية. إن التحولات الكبرى التي طرأت على المنطقة بنتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان واتفاق وقف الأعمال القتالية مع العدو الصهيوني الذي خضع له الثنائي أمل- حزب الله، والذي برضاهما ترعاه اليوم وصاية دولية أميركية، تشرف على تنفبذه سياسياً مندوبة الرئيس الأميركي ترامب، السيدة مورغان أورتاغوس التي حلت محل السيد هوكشتين، وعسكرياً الجنرال جاسبار جينفرز. وبالتالي حسب تقديري بضوء ذلك، لن يكون بمقدور هذا الثنائي ولا القوى الآخرى في المنظومة من الانقلاب على تلك المعادلة التي فرضتها تلك التحولات ليس فقط في لبنان بل أيضاً في سوريا وتداعياتها على محور الممانعة برمته.
لقد وضعت يا حضرة الرئيس فور تكليفك المعايير الدستورية لتشكيل الحكومة للخروج من حكم الاستثناء الذي اعتمدته المنطومة منذ اتفاق الطائف وأدى بالنتيجة إلى دمار البلاد وإفلاسها.
إن الخروج من دوامة حكم الإستثناء وولوج مسار إعادة بناء الدولة على أسس قواعد الدستور والقانون وبما يحوّل خطاب القسم لرئيس الجمهورية إلى برنامج عمل للحكومة العتيدة، أرى أنه لا بد من الإقدام بالتوافق مع رئيس الجمهورية وبأسرع وقت ممكن على إعلان التشكيلة الحكومية من كفاءات وما أكثرهم في جميع المكونات اللبنانية وبما يصمن الميثاقية الدستورية وليس الحزبية، وبعيداً من معادلة المحاصصة، أو الخضوع للتهويل المتعمد من هذا الفريق أو ذاك لدفعك إلى الذهاب للقبول بآليات للتوزير تعيدنا بصور مختلفة إلى قبول اشتراطات أفرقاء المنظومة ما يؤدي بالنهاية إلى العودة للمحاصصة المقنّعة وإجهاض عملية التغيير التي استبشر فيها اللبنانيون خيراً بعد طول انتظار، بانتخاب العماد عون وتكليفك لرئاسة الحكومة.
كفى انتظاراً واستشارات ، لقد قمت بما هو واجب دستوري في الاستشارات النيابية غير الملزمة، وبعد ذلك أصبح موضوع تشكيل الحكومة هي من مهمتك حصراً بالتشاور مع رئيس الجمهورية، والأصول تقتضي اعتماد معايير واحدة في تسمية الوزراء من مختلف المكونات ، فلا ميزة لمكون على آخر ولا مكان للتفضيل بين المكونات الطائفية والمذهبية في ألية اختيار الوزراء .
إن تمثيل الكتل النيابية في الحكومة هو مطلب منطقي ويجب اعتماده بعد الانتخابات المقبلة ، أما في الحكومة الانتقالية العتيدة ليس بالضرورة اعتماد هذه القاعدة لأن الرئيس المكلّف لم يأت نتيجة توازنات داخلية بقدر ما جاء تعبيراً عن مومنتوم فرضته ظروف خارجية إقليمية ودولية. لذلك المطلوب الإسراع بإعلان التشكيلة الحكومية، وليعطي الثقة من يوافق عليها ويصطف في المعارضة من لن ترضيه التشكيلة الحكومة، وهذا هو المنطق السليم في بناء الدولة الديمقراطية التي تقوم على مبدأ الموالاة والمعارضة. بذلك فقط تتفعل عملية المراقبة والمحاسبة للسلطة التنفيذية ما يساعد في تصويب وتطوير عمل الحكومة والإدارة. إن الوقت ليس مفتوحاً أمامك يا دولة الرئيس المكلف ، مهمات جسام تنتظر انطلاقة الحكومة للتخفيف من أوجاع اللبنانيين، ليس أقلها تحرير كامل التراب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، وعشرات الألوف من اللبنانيين ينتظرون بفارغ الصبر العودة لبيوتهم التي تحتاج لإعادة إعمار، وإلى أملاكهم وأرضهم التي لوثتها قنابل العدو الفوسفورية، والتي هي بحاجة للاستصلاح وإعادة الحياة إليها. هذا فضلاً عن حاجة اللبنانيين للأمن وللاستقرار والإصلاح المالي والقضائي ، ليستعيدوا حياتهم الطبيعية.