أخباركم – أخبارنا
حزب الله في مواجهة الانهيار: ضغوط داخلية وخارجية تهدد مستقبله
نشرت مجلة “Foreign Affairs” الأميركية تقريرًا تحليليًا يتناول الوضع المتأزم لحزب الله، مشيرة إلى أن الحزب الذي هيمن لعقود على المشهد السياسي والعسكري في لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة بعد عام من الحرب مع إسرائيل، والتي أدت إلى خسائر فادحة في بنيته التحتية وقيادته العسكرية.
وبحسب التقرير، فإن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته حزب الله مع إسرائيل في نوفمبر الماضي، والذي تلاه انسحابه من جنوب لبنان، جاء في سياق ضغوط متزايدة، تفاقمت مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مما أدى إلى قطع خطوط إمداده من إيران. كما أن الحزب يواجه اليوم تحديات داخلية متزايدة، حيث بدأ يفقد الدعم داخل الطائفة الشيعية التي كانت تشكل قاعدته الشعبية الأساسية.
تراجع حزب الله.. فرصة للبنان؟
تعتبر المجلة أن تراجع حزب الله يشكل فرصة نادرة للمسؤولين اللبنانيين لإعادة ترسيخ دور الدولة واستعادة سيادتها، مشيرة إلى أن الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام وحلفاءهما لديهم فرصة للحد من نفوذ الحزب. ومع ذلك، يحذر التقرير من أن حزب الله، رغم ضعفه الحالي، لا يزال يمتلك أوراقًا سياسية، حيث يسيطر مع حلفائه على 53 مقعدًا في البرلمان اللبناني، ما يمكنه من عرقلة القرارات الرئيسية.
وأكدت المجلة أن مفتاح المرحلة المقبلة سيكون إعادة إعمار جنوب لبنان، موضحة أن نجاح الدولة في تولي هذه المهمة قد يؤدي إلى خسارة الحزب في الانتخابات النيابية المقبلة عام 2026، مما يدفعه إلى مزيد من التراجع، بينما قد تؤدي أي أخطاء أو تقاعس إلى منحه فرصة لإعادة بناء نفسه.
“رهان خاسر”.. لماذا فشل حزب الله في الحرب؟
استعرض التقرير كيف بدأ حزب الله هجماته على إسرائيل بعد عملية 7 أكتوبر 2023 التي شنتها حماس، حيث أطلق الصواريخ على إسرائيل بمجرد دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة. إلا أن قادة الحزب، وفقًا للمجلة، أخطأوا في تقدير رد الفعل الإسرائيلي، إذ كانت إسرائيل قد جهّزت نفسها جيدًا لمواجهة الحزب، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوفه.
وفي سبتمبر الماضي، قصفت إسرائيل آلاف أجهزة الاتصال السرية التابعة لحزب الله، ثم اغتالت عددًا من كبار قادته، من بينهم إبراهيم القبيسي، فؤاد شكر، علي كركي، وإبراهيم عقيل. وفي 27 سبتمبر، تلقى الحزب ضربة قاصمة باغتيال أمينه العام حسن نصر الله، مما أدى إلى حالة من الارتباك داخل التنظيم.
وأضافت المجلة أن الحزب اختار لاحقًا نعيم قاسم أمينًا عامًا جديدًا، إلا أن الأخير لا يتمتع بنفس الكاريزما والخبرة القيادية التي كان يتمتع بها سلفه، كما يفتقر إلى رؤية واضحة لإعادة بناء الحزب، مما أدى إلى انخفاض الروح المعنوية داخل صفوفه.
وأشارت المجلة إلى أن الخسائر لم تقتصر على القيادة، بل امتدت إلى خسائر بشرية كبيرة خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، بالإضافة إلى فقدان آلاف الأسلحة والذخائر. كما أصبح الحزب، بعد فقدانه لخطوط إمداده من سوريا، أقل قدرة على استعادة نفوذه الإقليمي، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن إيران قد تقلل دعمها له، خاصة بعد النكسات العسكرية والإخفاقات الاستخباراتية التي تعرض لها.
حزب الله والجبهة الداخلية.. محاولات لترسيخ النفوذ
رغم خسائره على الصعيدين الإقليمي والعسكري، أكدت المجلة أن حزب الله لا يزال يحتفظ بقوة داخلية كبيرة، ومن المرجح أن يحاول تعزيز نفوذه المحلي خلال الأشهر المقبلة، مستفيدًا من ضعف الدولة اللبنانية وانقسام الطبقة السياسية.
“إنهاء المهمة”.. هل انتهى حزب الله حقًا؟
ترى المجلة أن إضعاف حزب الله بشكل نهائي لا يزال يتطلب جهودًا إضافية وقد يستغرق سنوات، إلا أن الوضع الحالي يوفر فرصة غير مسبوقة لإنهائه كقوة مهيمنة.
وبحسب التقرير، فإن الحزب أصبح معزولًا عن الدعم الدولي، ويواجه صعوبات في الحفاظ على ولاء قاعدته المحلية. وفي ظل ذلك، ترى المجلة أن الجيش اللبناني أصبح قادرًا على فرض الاستقرار بطريقة تعجز عنها الميليشيا، إلا أن العامل الحاسم يبقى في قدرة القادة اللبنانيين على استغلال هذه الفرصة سياسيًا.
وتختم المجلة تساؤلها: هل يمتلك القادة اللبنانيون الإرادة السياسية لإنهاء حزب الله، أم أن الحزب سيتمكن من إعادة بناء نفسه مجددًا؟