أخباركم – أخبارنا
كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1941 على بدء ثورة الكرامة
خرج من الباب الخلفي وفشل بري في تكرار مشهد 6 شباط، عندما وجد أمامه في موقع رئاسة الحكومة القاضي الذي يعرف جيداً حدود الدور والصلاحيات التي رسمها الدستور. أفهم البري بأن المرونة لا تعني التنازل عن المباديء ولا التنازل عن صلاحيات لصيقة حددها الدستور لرئيس الحكومة. فأسقط نواف سلام محاولة تكرار 6 شباط1984 التي أطلقت زمن الخراب، وكشف حقيقة الدور التعطيلي لأتباع الممانعة، وكسر مخطط أحادية التمثيل لتفخيخ الحكومة وتطويق العهد!
وإنفجر غضب منظومة الفساد، المافيا الإجرامية لأخطر تحالف سياسي بنكرجي ميليشياوي، فأطلقت حملة تطاول على قامات: نواف سلام وطارق متري وغسان سلامة، وبلغ الصلف حد طرح إسم محكوم نائباً لرئيس الوزراء في إستخدام وسيلة إعلامية عامة لترويج الإفتراءات، يفترض بدورها تقديم خدمة عامة.
بهذا السياق كتب ميشال سماحة ( إقتصادي وسياسي مستقل معروف) عن مهازل الأخوين غانم: “آل غانم هما من مأجوري أسوأ تيار مصرفي في المنطقة والعالم. برنامج الغوانم كان من اللحظة الأولى مصمم كأداة لتشويه وعي “جماهير 14 آذار” .. ويضيف: ” من هنا كانت سردية المؤامرة أنشودة آلـ غانم كما كانت أنشودة الممانعة منذ 2019. ومن هنا كان التحالف الكبير بين الميليشيا والمافيا وعلى رأس هذه الأخيرة جزء كبير من شبيحة المصارف”.
ويتابع أن هذا “التحالف الجهنمي يفسر ضياع المافيا خلال وبعد الحرب. هزيمة حزب الله أربكت المصارف. فالحزب كان حارس هذه المزرعة في وجه الداخل والخارج. الفزاعة الضرورية لجعل الناس تقبل بهذه العربدة الإقتصادية والمالية والخدماتية والمصرفية. من هنا بدأت الأموال تأـي ساعة لجنود الرب، وساعة لجماعة الهوياتيين، وشخصيات إعلامية. ما الفرق بين عدوان ووهاب حول المصارف؟ لا شيء.”
الآن مفيد التدقيق. نواف سلام المتمسك بثقة الناس سيشكل حكومة تأسيسية للإنقاذ والتحرير وبسط السيادة وإعادة الإعمار لتأمين عودة كريمة مستدامة للنازحين. حكومة تفتح أبواب أوكار الفساد وتأمين العدالة للبنانيين، مودعين وموجوعين وضحايا التفجير الهيولي وضحايا ثورة تشرين الذين فقئت عيونهم عمداً. لم يعد التأليف إلى المربع الأول، بل سقط أخطر أفلام إدمان “الثنائي المذهبي” على التعطيل، وإرتسم خط واضح بين محاولات رموز مرحلة الممانعة إبقاء البلد أسير الإستبداد وفسادهم، ومنحى النهوض إستناداً إلى ثقة شعبية تضاعفت يوم أمس عندما أدرك المواطن ما يخطط له من لحظة الخروج من الباب الخلفي نهاراً إلى حفلة ترويج الأكاذيب ليلاً.
منذ العام 1992 لم يواجه نبيه بري كما حدث أمس. فوجيء بإصرار الرئيس المكلف على تسمية الوزير الخامس الشيعي لدى عرضه إسم المرشحة لوزارة التنمية الإدارية لميا مبيض على نحو لا يقبل أي جدل، لأن هذه التسمية أساسية من بين معايير ومسلمات عملية التأليف، لحماية شرط أساسي كان سلام قد أعلن الإلتزام به وهو منع قيام أي حالة تعطيلية من داخل الحكومة. فكشف إنفعال بري حساباته التعطيلية، وربما صعقه تغييراً كان فَرَضَ إتباعه في التأليف عندما كان يحمل في اللحظة الأخيرة أسماء الوزراء الشيعة ولا يطلع عليها مسبقاً لا رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية! إن تصويب مسار التأليف جزء لا يتجزأ من قيام حكومة لبنان المرتجاة بديل حكومات محاصصة المزارع وتغطية الموبقات!
وبعد، سينشغلون اليوم عن التأليف مع وصول الوفد الأميركي برئاسة مورغان أورتاغوس، مبعوثة الرئيس ترمب، التي إستبق وصولها إعلان بأنها تحمل رسالة حازمة بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المقيد لحزب الله وحلفائه على تشكيل حكومة جديدة. وأن لبنان سيواجه عزلة ودماراً إقتصاديا ما لم يشكل حكومة ملتزمة بالإصلاحات والقضاء على الفساد والحد من قبضة حزب الله. ونقلت رويترز عن مسؤول أميركي: “كانت هناك حرب وهزم حزب الله ويجب أن يظل مهزوماً.. أنت لا تريد شخصاً فاسداً. إنه يوم جديد للبنان. الحكومة الجديدة بحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد”.
نعم لم يحدث في تاريخ تأليف الحكومات ما أقدم عليه بالأمس نبيه بري، وخصوصاً في بداية عهد واعد بإخراج لبنان من المستنقع. لكن التمعن بالحدث وجملة الردود والمواقف والمواقف الخارجية أظهرت أن بري قلب الطاولة على رأسه، فسقطت محاولة إنقلاب ثنائي التعطيل، ولوقت طويل سيبقى في الأذهان مشهد الهروب من الباب الخلفي!
ومنظومة الفساد من مافيا بنكرجية وإعلامية، “كلن يعني كلن” وما تستثني حدن منن.