كتبت ناديا شريم: لا يستطيع لبنان أن يستفيد من النفط والغاز- أن وجد في بحره- في ظل الانهيار المؤسساتي والبنيوي والسياسي، كما أن الشركات المعنية لن تكون مهتمة بالاستثمار في ظل الهدر الكبير الموجود في لبنان لان هذه الشركات لن تخاطر بأموالها ،هذا ما تؤكده خبيرة النفط والغاز لوري هاتايان لموقعنا على مسافة عشرين يوما من وصول القاعدة اللوجستية لشركة توتال إلى مرفأ بيروت .
وتقول هاتايان :”ان القاعدة اللوجستية التي ستصل الى المرفأ هي من ضروريات العمل لمرحلة ما قبل الحفر وعند الحفر وبعده وهي تابعة للشركة لنقل معداتها خصوصا وأن سفينتان أو ثلاثة آخرين سيكونون مع سفينة الحفر وذلك لنقل كل الاحتياجات وهذه تتنقل بين الحفارة والمرفأ وهذا أساسي ، هذه القاعدة ليست جديدة وكلنا يتذكر أن توتال كان لديها قاعدة في المرفأ احترقت عند الانفجار وتسبب ذلك في خسائر كبيرة،اذا القاعدة هي من عدة الشغل ولا إمكانية للحفر بدونها ،لكن الأهم من كل ذلك هو أن نعرف أن هذا الحفر هو حفر استكشافي لمعرفة ما اذا كان هناك من نفط وغاز ، وبناء على التقييم الذي يضعه المختصون تصل المنصة الثابتة لاستخراج النفط والغاز،اذا الحفارة هي حفارة استكشاف ستبقى تسعين يوما كما قال الوزير لكنها ليست لاستخراج النفط أو الغاز.”
وأضافت هاتايان :” أما بالنسبة لوجود الكميات التجارية ام عدم وجودها فهناك دراسات كثيرة طبقوها في المناطق المحاذية في قبرص ومصر وإسرائيل لكنها تبقى دراسات جيولوجية بإنتظار التقييم ، والحفر وحده هو الذي يحدد الكمية ويجزم ما اذا كان هناك من غاز بكميات قليلة أو بكميات كبيرة قابلة للإنتاج والتطوير،بالطبع الدراسات تساعد الشركة كي يكون لديها رؤيا ما أو تصور ما ليس اكثر،و بالنسبة للتصدير فهذا قرار يعود للشركة والحكومة معا وذلك ضمن خطة تضعها الشركة لتحديد ما إذا كانت وتستعمل الغاز والنفط في الداخل او للتصدير إلى الخارج وهناك إمكانية لان تستعمل الحكومة الغاز والنفط في الداخل او أن تصدره إلى الخارج للاستفادة من الاموال،هذه الامور كلها مؤجلة إلى ما بعد الاستكشاف ومعرفة كل ما هو موجود في البحر من غاز ونفط والاهم معرفة ما اذا كانت الكلفة مناسبة لاستخراجهما فإذا كانت الكلفة كبيرة والكميات قليلة يقفل الحقل لعدم وجود ارباح…”
وعما يحكى عن أن في البلوك رقم 4 لا يوجد كميات تجارية فقالت :” ان هذا الكلام صحيح لكن وبناء للنتيجة التي صدرت في نيسان2020 و بعد الدراسة الكاملة التي سلمت للدولة من شركة توتال تبين ان هناك نظام هايدرو كاربوني وهذا يرجح أن يكون في البلوك رقم 4 أو بالقرب منه نفط وغاز ،ولكن في المكان التي حفرت فيه توتال لم تجد أي شيء وهو ما أكده التقرير اللبناني وما أكده وزير النفط والغاز منذ أيام ،ذلك ان الشركات لا تعمل بناء على التحويلات والتقديرات السياسية ومن الطبيعي أن تقوم الشركات في بعض الأحيان بالحفر ولا تجد نفطا أو غازا فليس كل حفر يعني وجود هاتين المادتين.”
وهل يمكننا تقدير النتائج تقول الكبيرة الاقتصادية :”لقد اجريت مسوحات ثنائية أو ثلاثية الابعاد على نسبة 80 بالمئة من البلوكات الموجودة في لبنان كما وتابعت هيئة النفط كل الدراسات التي صدرت عن الدول المحيطة وطبقتهم على المنطقة الاقتصادية في لبنان كما أجريت بعض الدراسات لكن كل هذا لا يحسم النتائج بل أن الحفر وحده هو من يحسم ،فالعملية عملية علمية تقنية بحتة والمنطقة الاقتصادية في لبنان هي منطقة عميقة ومعقدة وتحتاج للكثير من العمل.”
وعن الكميات تقول :”بالنسبة للكميات الموجودة في البحر اللبناني فلا أحد يستطيع تحديدها خصوصا واننا ما زلنا نتكلم عن بلوك واحد ، أن الحفر هي الطريقة الوحيدة القادرة على تحديد الكمية الموجودة والارباح ونسبة أرباح وهذا بحسب العقد الموجود بين الشركة الدولة اللبنانية ،أما في موضوع ما اذا كان لبنان قادرا على تسديد ديونه فهذا الأمر كان قبل العام 2019.
اليوم لدى لبنان خسائر تفوق المئة مليار دولار بين ديون وأموال المودعين،لكن الأهم من كل هذا هو أن يتركز العمل على انتظام المؤسسات السياسية والاقتصادية وإجراء الإصلاحات البنيوية لاحتواء المال الذي يدخل من قطاع النفط وغيره كي لا تذهب الأموال هدرا فبدون الإصلاحات لن يستفيد أحد من النفط بل المستفيد الوحيد هم الموجودون في السلطة كما في السنوات الماضية و اذا بقينا على حالنا دون إصلاحات فلن نستفيد ابدا ،هذا إضافة إلى ضرورة الحفر في البلوكات الأخرى في الأشهر المقبلةاليوم نحن أمام بلوك واحد وجولة التراخيص الأخرى مؤجلة منذ2019 وما زالوا يؤجلونها حتى تشرين الأول 2023 والشركات التي كانت مهتمة لم تعد مهتمة بباقي البلوكات بسبب انتشار الانهيار الذي يبعد المستثمرين،مقابل هذا افتتحت إسرائيل جولة التراخيص الرابعة في كانون الثاني كن العام 2023 واقفلته في هذا الشهر وقدمت تسع شركات عروض، منها خمسة جديدة تدخل الأسواق الإسرائيلية في قطاع النفط بالمقابل ما زال لبنان يمدد جولة التراخيص كل ستة اشهر ولا تأتي إليه أي شركة بسبب الانهيار المؤسساتي والمالي.”
وختمت هاتيان مؤكد “ان الحل يكمن في وضع خطة اقتصادية واضحة ومعالجة الفساد والا سيستغل المسؤولين بعض الأحداث كما حصل في ترسيم الحدود ،فقد وافقوا عليها مقابل أن تستثمر شركة توتال الحقل وقد ترافق ذلك مع ضغوط فرنسية رسمية على توتال لاستئناف عملها ،بالمختصر لا يوجد ثقة بهذه الطبقة السياسية وهذا اساس المشكلة.”