خاص: أخباركم – أخباركم
في لحظة فارقة في المشهد السياسي اللبناني، عاد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى بيروت صباح اليوم، قبل أيام من الذكرى العشرين لاغتيال والده، رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في 14 شباط 2005. وبينما كانت البلاد قد اعتادت على غيابه منذ أن جمّد نشاطه السياسي وأوقف عمل تيار المستقبل في يناير 2022، تأتي هذه العودة في توقيت حساس سياسيًا، حيث تتزايد التكهنات حول إمكانية عودته إلى العمل السياسي من بوابة الانتخابات أو التفاهمات الداخلية.
على مدى عامين، بدا أن الفراغ في الساحة السنية لا يزال دون بديل حقيقي، رغم محاولات عدة قوى شغل هذا الدور. واليوم، مع حكومة نواف سلام التي تحظى بدعم دولي، تُطرح تساؤلات جوهرية: هل ستؤدي عودة الحريري إلى إعادة ترتيب البيت السني؟ وهل سيشكّل تحديًا مباشرًا لحكومة سلام أم أنه سيتخذ موقفًا آخر؟
احتفالات في الشارع بعودة الحريري
وصل سعد الحريري إلى مطار بيروت الدولي مساء امس، وكان ملفتاً خروج مناصريه إلى الشوارع احتفالًا بعودته، رافعين رايات تيار المستقبل وصوره إلى جانب والده رفيق الحريري.
وبالتزامن مع عودته، غرّد النائب وليد البعريني عبر منصة إكس (تويتر سابقًا) قائلاً:
“نرحب بالرئيس سعد الحريري في ربوع الوطن، وندعو إلى أوسع مشاركة في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط.”
تعكس هذه الحفاوة الشعبية استمرار التأثير السياسي والشعبي للحريري، رغم غيابه عن المشهد السياسي لسنوات.
خطاب 14 شباط.. لحظة الحقيقة؟
تتجه الأنظار إلى الخطاب المرتقب للحريري في ذكرى اغتيال والده، والذي من المتوقع أن يكون مفصليًا في تحديد وجهته السياسية المقبلة.
هناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة حاليًا:
1. إعلان العودة الكاملة إلى الحياة السياسية، مما يعني إعادة تنظيم تيار المستقبل استعدادًا للاستحقاقات المقبلة.
2. البقاء خارج المشهد السياسي المباشر، مع الحفاظ على دور استشاري أو توجيهي دون خوض غمار المعارك السياسية.
3. دعم شخصيات سنية جديدة لتولي القيادة، في خطوة قد تعيد ترتيب المشهد السني دون عودته شخصيًا إلى رئاسة الحكومة أو أي موقع رسمي.
لكن في جميع الحالات، لا يمكن إنكار أن عودته تعيد خلط الأوراق في الشارع السني، حيث شهدت المرحلة الماضية محاولات عدة لملء الفراغ الذي تركه الحريري.
هل يدخل الحريري في منافسة مع نواف سلام؟
تأتي عودة الحريري إلى بيروت في ظل وجود حكومة يرأسها نواف سلام، الذي يعتبره البعض أحد الأسماء التي طُرحت لتمثيل الطائفة السنية في الحقبة الجديدة بعد انسحاب الحريري.
وبالتالي، تُطرح الأسئلة التالية:
• هل سيشكل الحريري تحديًا لحكومة نواف سلام؟
• هل سيحاول استعادة الدور القيادي داخل الطائفة السنية؟
• أم أنه سيختار موقعًا مختلفًا، داعمًا للاستقرار دون خوض مواجهة سياسية مباشرة؟
تداعيات العودة على المشهد السياسي اللبناني
سواء قرر الحريري العودة إلى السياسة أو البقاء في موقعه الحالي، فإن عودته إلى بيروت لن تمر دون تداعيات، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان.
الأسئلة الكبرى التي تفرض نفسها:
• كيف ستتفاعل القوى السياسية، لا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر، مع إمكانية عودته؟
• هل سيحصل الحريري على دعم خليجي إذا قرر العودة إلى العمل السياسي؟
• هل تشكل عودته فرصة لإعادة ترتيب البيت السني السياسي بعد سنوات من التراجع؟
الخاتمة: هل نحن أمام عودة الحريري إلى الحكم؟
تترقب الساحة اللبنانية خطاب 14 شباط في بيت الوسط، والذي سيكون لحظة حاسمة في تحديد ما إذا كان سعد الحريري يعود إلى السياسة بشكل كامل، أم أنه يكتفي بدور المراقب في هذه المرحلة.
لكن مهما كان قراره، يبقى واضحًا أن غيابه لم ينجح في تغيير المعادلة السنية اللبنانية، كما لم يتمكن أي بديل من فرض نفسه كزعيم أوحد.
وبالتالي، يبقى السؤال الأبرز:
هل نشهد في الأيام المقبلة عودة تدريجية للحريري إلى الحكم، أم أن زعامته ستبقى في إطار الرمزية دون ترجمتها إلى خطوات سياسية فعلية؟