أخباركم – أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي
عطلة عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون تواصلت امس وشكلت هدوءا على الحركة الداخلية في البلاد، بعدما شهدت صخباً ملحوظاً خلال نهاية الاسبوع بفعل تشكيل الحكومة السبت واجتماع اركان الدولة في الذبيحة الالهية في كنيسة مار جرجس في وسط بيروت الاحد.
في حين بقيت الاهتمامات مركّزة جنوبا مع اقتراب موعد 18 شباط للانسحاب الاسرائيلي واستكمال الجيش اللبناني انتشاره ، في المقابل، يتحدث رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام في إطلالته الاولى من السراي الحكومي اليوم الثلثاء عند الساعة الثامنة والنصف مساءً عبر تلفزيون لبنان، وذلك في حوار مباشر يجريه معه عدد من الصحافيين.
وعشية اولى جلسات مجلس الوزراء الجديد المقررة عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا لالتقاط الصورة التذكارية وتشكيل لجنة اعداد البيان الوزاري، وانطلاق ورشة التسليم والتسلم بين الوزراء السلف والخلف، كما سُجل امس اجتماع لافت في معراب، أعقبته مواقف متقدمة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الرهانات المبنية على الحكومة الجديدة.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن “عمل هذه اللجنة سيتسم بالسرعة والحرفية في مقاربة كافة العناوين التي سيتناولها البيان، والنقاط الأساسية المتفق عليها، مثل تطبيق القرار 1701، موضوع السيادة، الانسحاب الإسرائيلي، والتطابق مع خطاب القسم”.
وترجّح المصادر أن يتم إلغاء كلمة مقاومة من الثلاثية التي كانت موجودة في البيانات الوزارية السابقة.
وستبدأ الجلسة بكلمة لرئيس الجمهورية، تليها صورة تذكارية في حديقة القصر كما جرت العادة، إلّا إذا حالت الظروف الجوية دون ذلك، ففي هذه الحالة سيتم التقاط الصورة داخل القصر، بعد ذلك، ستبدأ الجلسة، ويخرج وزير الإعلام ليتلو بيان الجلسة”.
اذا وبعد لقاء جعجع مع وزراء “القوات” يوسف رجي، جو صدي، جو عيسى الخوري وكمال شحادة، في حضور أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النواب: ستريدا جعجع، غسان حاصباني ورازي الحاج. وقال جعجع إنّ “الحكومة الحاليّة هي حكومة الأمل لأنّها الحكومة الفعليّة الأولى منذ فترة طويلة والمطلوب منها نقلنا إلى الاستقرار.
وأضاف بعد الاجتماع أنّ “الواجب الأول للحكومة هو إعادة تسليم القرار للدولة. يجب علينا كدولة أن نسيطر على حدودنا الشمالية والشرقية. أما فكرة أن الجيش لا يملك عديداً كافياً فهي فكرة خاطئة”.
وتابع أنّ “على الحكومة أن تباشر بتنفيذ الخطة الأوروبية والبريطانية لإنشاء أبراج المراقبة على الحدود لضبطها. كما يجب أن يكون موضوع مكافحة التهرب الضريبي جزءًا أساسيًا من الإصلاحات الحكومية”.
أما في موضوع وزارة المهجرين، فقال جعجع: “لو لم تكن هناك وزارة للمهجّرين، لكان من الضروري استحداثها مجددًا للاهتمام بإعادة الإعمار، من الجنوب إلى البقاع بعد الحرب الأخيرة”. وأضاف: “يجب البدء “على بياض” مع الحكومة الجديدة، وننتظر مشاريع الوزراء. نحن غير مستعدين للعودة إلى الوراء، ولا مجال لبقاء السلاح خارج نطاق الدولة”.
وتوجّه جعجع إلى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، وقال له: “ارتياحك لوجود حزب القوات اللبنانية في الحكومة الجديدة هو في محلّه. فهدفنا الوحيد هو بناء دولة فعلية لكل لبنان، وليس لمنطقة أو لطائفة بعينها”. وتابع: “حصلنا على كل الضمانات اللازمة من الرئيس سلام لضمان عدم وجود أي عرقلة لعمل الوزارات من قِبَل وزارة المالية”.
في المقابل، أشار رئيس تكتل بعلبك الهرمل عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن، إلى أن “ما قالته نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ليس جديداً، وهي عندما تتحدث عن شكر العدو الإسرائيلي لأنه هزم حزب الله بحسب تعبيرها، فهذا تأكيد متجدد عن التماهي الأميركي الكامل مع العدو الصهيوني”، مشدداً على أن “حزب الله لم يهزم، وهو مع باقي حركات المقاومة متجذر في الأرض، علماً أن هذا الكيان الغاصب الذي شكرته، سيزول يوماً من الوجود، ونحن لم ولن تتغيّر قناعتنا مهما اشتدت المحن والظروف”.
وسط هذه الاجواء، أعلن صندوق النقد الدولي أنّ “هناك مشاورات مكثّفة مع أصدقاء لبنان لتقديم المساعدة ومستعدون للتحرّك بشكل سريع”. أضاف أنّ “لبنان بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية والوضع الآن يدعم القيام بذلك”.
أتى ذلك بعد أيام على تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة الرئيس نواف سلام، هي الأولى في عهد رئيس الجمهورية جوزف عون، والتي تواجه تحدّيات اقتصادية ومالية وسياسية وأمنية جمّة.
في سياق منفصل، قال صندوق النقد الدولي، “نتوقع انتعاش نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3,6 في المئة هذا العام بدعم من تعافي إنتاج النفط وانحسار النزاعات الإقليمية”. واعتبر أنّ “النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2025 سيتجاوز المتوسط العالمي”، مضيفاً: “لم نجرِ أي تواصل مع سوريا منذ 2009 ومنفتحون على مساعدة البلاد”. وأكد أنّ “ننتظر موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على صرف تمويل إضافي لمصر بقيمة 1,3 مليار دولار ضمن برنامج الصلابة والاستدام”. الى ذلك، أشارت “رويترز” الى ان سندات لبنان الدولية ترتفع بأكثر من سنت ليجري تداولها عند أكثر من 18 سنتًا للدولار بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
فجر الحدود: الجيش اللبناني يفرض معادلة جديدة شرقًا
استعادة السيادة: الجيش اللبناني يتحرك لحسم ملف الحدود الشرقية
سجّلت تحركات الجيش اللبناني في اليومين الماضيين تطورًا استراتيجيًا مهمًا، حيث باتت مؤشرًا واضحًا على المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان مع اكتمال تكوين السلطة التنفيذية. وتركّزت هذه التدابير العسكرية على الحدود الشرقية مع سوريا، بعد التدهور الأمني الخطير الذي شهدته تلك المنطقة خلال الأسابيع الماضية.
ضبط الحدود بعد عقود من الفلتان
تأتي هذه التحركات كجزء من إعادة بسط سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها، بعد أن شهدت المناطق الحدودية انفلاتًا أمنيًا حادًا خلال العقود الماضية، بفعل التهريب، وانتشار المجموعات المسلحة، وتغلغل نفوذ القوى غير الشرعية. وتؤكد مصادر عسكرية أن الجيش اللبناني يمتلك الإمكانات والخطط اللازمة لفرض الأمن وضبط الحدود، رغم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
تنفيذ القرار 1701: نحو سيادة متكاملة
تنخرط هذه العمليات العسكرية ضمن إطار تطبيق القرار الأممي 1701، الذي لا يقتصر فقط على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، بل يشمل كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا. وبحسب مصادر أمنية رفيعة، فإن تطبيق القرار 1701 بشكل كامل سيضمن ضبط المعابر غير الشرعية، وتفكيك البؤر الأمنية الخارجة عن سيطرة الدولة، وإغلاق طرق التهريب التي كانت تشكل شريانًا اقتصاديًا للقوى غير الشرعية.
إجراءات عسكرية صارمة واستهداف للمهربين
شملت التدابير التي نفذها الجيش اللبناني في الساعات الأخيرة نشر وحدات مدرعة على امتداد الحدود الشرقية، وإقامة نقاط مراقبة متقدمة، وتعزيز الدوريات الليلية في المناطق الجبلية الوعرة، حيث كانت تتحرك سابقًا شبكات التهريب والمجموعات المسلحة بحرية.
وبحسب مراجع عسكرية مطلعة، فإن العمليات الأخيرة استهدفت محاور حيوية يستخدمها المهربون لنقل المحروقات والسلع المدعومة والأسلحة، وتم خلالها توقيف عدد من الأشخاص المشتبه بتورطهم في شبكات التهريب، إضافة إلى ضبط كميات من المواد المهربة والأسلحة غير الشرعية.
دعم دولي لجهود الجيش اللبناني
مع تصاعد المخاوف الأمنية على الحدود، أبدت جهات دولية دعمها للجيش اللبناني في مساعيه لإعادة فرض سلطة الدولة على أراضيها. وتشير معلومات إلى أن بعثات عسكرية من الاتحاد الأوروبي، ومن بينها بريطانيا وفرنسا، أرسلت تقارير ميدانية إيجابية حول قدرة الجيش اللبناني على ضبط الحدود في حال تلقى الدعم اللازم.
كما لفت مصدر أمني إلى أن بعض الدول العربية والغربية على استعداد لتقديم مساعدات لوجستية وتقنية لتعزيز الأمن الحدودي، تشمل معدات مراقبة متطورة، وأجهزة كشف عن التهريب، إضافة إلى دعم لوجستي لتعزيز القدرة القتالية للوحدات المنتشرة على الحدود.
مستقبل المنطقة الحدودية: اختبار حقيقي لسلطة الدولة
يُنظر إلى هذه العمليات العسكرية على أنها اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها على كامل أراضيها، خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي أكدت مرارًا على أولوية ضبط الأمن وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة.
وبحسب المصادر الأمنية، فإن الأيام المقبلة ستشهد مزيدًا من الإجراءات التصعيدية ضد المجموعات الخارجة عن القانون، مع استمرار الجيش في تنفيذ خططه لإعادة ضبط الأمن ومنع استغلال الحدود لأغراض غير مشروعة.
مرحلة جديدة في ضبط الأمن الوطني
تحركات الجيش اللبناني الأخيرة ترسم ملامح مرحلة جديدة في التعامل مع التحديات الأمنية، حيث يبدو أن قرار الحسم قد اتُخذ، وأن أي محاولة للعودة إلى الفوضى السابقة لن يُسمح بها. ومع تطبيق القرار 1701 بجميع مندرجاته، يبدو أن لبنان على طريق استعادة سيادته الكاملة على حدوده، وفرض معادلة أمنية جديدة تمنع أي جهة من استخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لتصفية الحسابات أو تنفيذ المخططات غير الشرعية.