أخباركم – أخبارنا
كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ 1946 على بدء ثورة الكرامة
بدا الحوار المتلفز مع نواف سلام من على شاشة تلفزيون لبنان ليل أمس كأنه من زمن آخر. سادته الجدية والدقة البعيدة عن الإستعراض، فقدم الحقائق للناس ببساطة وهذا حقهم. شملت الإجابات كافة القضايا التي أثيرت فغابت كلياً مشاهد الهرج والتقزز التي تميز برامج وشاشات تنتهك بيوت الناس. وأغلب الظن أن لبنان الذي تمسمر أمام الشاشة الصغيرة، غلبته الدهشة أمام ما قدمه رجل الدولة الذي لم يعرفه لبنان منذ عقود طويلة.. وبعض ما تسنى لكاتب هذه السطور متابعته، على وسائل التواصل الإجتماعي، يشي بأن رئيس السلطة التنفيذية مرشح قوى التغيير لرئاسة الحكومة من بدايات ثورة 17 تشرين، حامل هم الإصلاح لإنقاذ البلد، حاز على ثقة كبيرة تفوق الموجة الشعبية التي حملت إليه موقع رئيس مجلس وزراء لبنان.
إسترجع القاضي رجل القانون والسياسة الرصينة طيف فؤاد شهاب باني الدولة الحديثة، إحترم العقل وهو يتحدث بلغة الناس. راح يقرأ في الدستور مؤكداً أن نصوصه ليست حبراً على ورق وراح يشرح للناس إتفاق الطائف مدافعاً عن الإلتزام بهما. ببساطة متناهية فجر بعض ألغام التطاول الطائفي السياسي على الدستور منذ العام 1992، بدءاً من رفع عدد النواب من 108 إلى 128 لإرضاء السوريين وجماعتهم، إلى قوانين الإنتخابات المتصادمة مع الدستور، كما التخويف من تشكيل هيئة وطنية لدراسة وبحث وتقديم إقتراحات للبرلمان والحكومة بشأن إلغاء الطائفية.. إلى المجلس الدستوري الذي كان ينبغي أن يحصر به تفسير الدستور، وليؤكد أن إتفاق الطائف كل متكامل لا يمكن تجزئته. وحذر من مخاطر سياسات تفويت الفرص.
إستمع إلى الأسئلة، وبدا مدرك للوجع يعرف حجم الكارثة التي دُفِع إليها البلد ويعرف حجم المسؤولية التي تواجه حكومته، الحكومة التأسيسية، ويتحملها شخصياً، لوضع لبنان على سكة التعافي. التحرير أولوية والحكومة ستقوم بكل ما لديها من قدرات سياسية وديبلوماسية وإمكانات لجعل التحرير قبل 18 الجاري، وفي موضوع السلاح، شمال الليطاني وجنوبه الأمر واضح فعلى إمتداد مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة يجب بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها. نبه سلام إلى أن الكل؛ أحزاب وطوائف راهنوا على الخارج وحان الوقت لنراهن كلبنانيين على بعضنا. وشدد على ثنائية الإصلاح السياسي والإصلاح الإقتصادي وإستقلال حقيقي للسلطة القضائية. أورد مواقف لكبار من قضاة لبنان وحديث أحدهم عن التدخل الوحشي للسياسيين في القضاء، وليعلن أنه بدون قضاء مستقل لا حماية للحريات ولا إستعادة للحقوق ولا إستقطاب للإستثمارات. وهنا كان واضحاً أن الثقة منعدمة بالمصارف فالمواطن يضب فلوسه في البيت وأن إصلاح هذا القطاع أولوية مع الإصلاح المالي، وليعلن بقوة أنه ينبغي شطب فكرة شطب الودائع!
بالتأكيد سيحمل ما بعد ليلة 11 شباط 2025 الكثير من التحديات، لن تستكين وتستسلم منظومة الفساد التي تمتلك الكثير من مفاتيح عرقلة المسار المبشر الذي أطلقه خطاب القسم وخطب سلام والدقة في تناول الأساسيات كما جرى في اللقاء المتلفز. لقد شهد البلد تكاتف بعض أطراف المنظومة لفرض شكل من المحاصصة ولفرض إستنساخ بعض مناخات ماضي حكومات الفساد. إنهم وفق تعبير الصديق طانيوس دعيبس يسنون السكاكين، لكن المواجهة اليوم مع هذه المنظومة لحماية منحى الإصلاح الضروري أكثر من ممكنة والمسؤولية كبيرة الملقاة على عاتق قوى التغيير. في ثورة تشرين قالت قوى التغيير :”نواف سلام يمثلنا”، وفي الليلة المتلفزة تأكد الأمر وتبلور السياق المفترض، هذا رغم أكثر من عيب شاب تأليف حكومة “الإصلاح والإنقاذ” إن بإبعاد القوى التشرينية التي تمتلك قدرات وكفاءات، وإن بجوانب التركيبة التي قدمت حضور الممثلين المباشرين للبنكرجية!
وبعد، يمكن للرئيس نواف سلام ويجب أن يكون هو الناطق باسم الحكومة، وما من أمر يقول أن هناك ما يحول دون ذلك أو يحصر الأمر بوزير الإعلام. نواف سلام الذي فاجأ الناس بتقديم مواقف مكتوبة رصينة في كل إطلالة له، وهذا ما ينبغي أن يكون خصوصاً بعد جلسات مجلس الوزراء. والحقيقة أن وزير الإعلام بول مرقص في أول إطلالة له بعد جلسة مجلس الوزراء، أثار أسئلة سلبية عندما إختصر ما قاله رئيس الحكومة في مجلس الوزراء بعبارة “الفصل بين العمل العام والعمل الخاص”، وأسقط الفقرة الرئيسية التالية: “ومنعاً لأي إلتباس طلبت من الوزراء التفرغ الكامل لعملهم الوزاري والإستقالة من رئاسة أو عضوية أية مجالس إدارة لشركات تجارية أو مصارف”! إلى إشادته في مكان آخر بالسيد ميشال غبريال المر، في حرصٍ من معاليه على الإسم الثلاثي للسيد المر، متجاوزاً ما قامت به قناة المر التي إمتنعت أمس عن بث اللقاء مع رئيس الحكومة.
ومنظومة الفساد من كارتل بنكرجي سياسي وميليشياوي “كلن كلن وما تستثني حدن منن.
