أخباركم – أخبارنا/ابراهيم بيرم
أوردت جهات على صلة بـ”محور المقاومة” أن الأمين العام لفرع حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، علي يوسف حجازي، عاكف منذ فترة، وتحت تأثير الحدث السوري، على وضع توجه عام يرمي إلى:
1- استبدال اسم الحزب التاريخي باسم آخر جديد، وهو واحد من بين أسماء عدة مرشحة.
2- وضع نظام داخلي جديد للحزب يأخذ بعين الاعتبار مصير الحزب في سوريا، وإمكان أن يتلاشى ويُحظر عليه العمل السياسي في مهد الحزب، أي سوريا.
3- على أن يلي ذلك تقديم طلب إلى مديرية الشؤون السياسية في وزارة الداخلية لطلب تغيير الاسم والحصول على علم وخبر بذلك، بناءً على أن الحزب حاصل على رخصة للعمل السياسي منذ عام 1970، أي عندما رخص وزير الداخلية آنذاك كمال جنبلاط لأكثر من ثمانية أحزاب كانت تعمل بشكل سري ومخالف للقوانين.
وإذا كان ثمة من يقول بأن حجازي مستعجل “هذا الإنجاز”، أي الحصول على ترخيص جديد للحزب باسم مختلف، فإنه لا يخفي طموحه في الترشح للنيابة في الانتخابات المقررة مبدئياً بعد أقل من عامين.
لكن اللافت في هذا التطور السياسي، إذا حدث، أنه سيؤدي إلى سحب نهائي لإسم حزب البعث من قاموس التداول السياسي، مما يعني نهاية رحلة حزب قومي التوجه، أعلن انطلاقته الرسمية من دمشق في عام 1942 على يد نخبة من المفكرين أبرزهم ميشال عفلق، وصلاح الدين البيطار، وجلال السيد، تحت شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، أي العمل لوحدة متكاملة بين الأقطار العربية كافة، لاستعادة زمن “الإمبراطورية العربية” الكبرى ذات الوزن الكبير بين الأمم.
ومن يومها انطلق الحزب في رحلة انتشار وتمدد وصعود صاروخي، خصوصاً بعد أن انتشر في أكثر من 15 دولة عربية، وصولاً إلى موريتانيا في أقصى المغرب العربي، فضلاً عن لبنان والأردن والعراق والبحرين ومصر والسودان واليمن.
وتوّج الحزب صعوده هذا بحكم أكبر بلدين في المشرق العربي، هما سوريا والعراق. ونجح في الإمساك بسدة الحكم في الأولى عبر انقلاب عسكري بقيادة أمين الحافظ في عام 1963، وتولى الحكم في الثانية بانقلاب عسكري في عام 1968 قاده أحمد حسن البكر.
لكن الحزب سرعان ما عصفت به رياح الخلافات والانقسامات، حتى أنها أصبحت صفة تاريخية ملازمة له. وعلى الرغم من أن البعث حكم في كل من دمشق وبغداد، إلا أن حزبيّ البعث الحاكمين دخلا في صراعات دامية بينهما على مدى أكثر من عشرين عاماً، فانقسم الحزب إلى جناحين متصارعين.
ومع سقوط نظام صدام حسين على يد الغزو الأميركي في العام 2003، بادر فرع بعث العراق في لبنان، الذي كان له قوة وانتشار يومًا ما، إلى استبدال اسمه باسم “حزب طليعة لبنان الاشتراكي”، موليًا أمانته العامة للقيادي البعثي التاريخي عبد المجيد الرافعي.
لكن الحزب ما لبث أن اصطدم بواقع مختلف، لا سيما وأن الأيديولوجية القومية بدت وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة. ومع رحيل الرافعي قبل أعوام، بدا الحزب وكأنه دخل في مرحلة غيبوبة، إذ لم يسجل له أي نشاط أو حضور يعتد به، رغم أنه سمى أميناً عاماً جديداً له خلفًا للرافعي، هو المحامي حسن بيان.
ومن المعروف أيضًا أن لوثة الانقسامات قد عصفت بالبعث السوري في لبنان، على تواضع حضوره. فقد كان للحزب في فترة سابقة ثلاث قيادات قطرية تدعي كل منها أنها هي الشرعية. وظل الحال على هذا المنوال إلى أن فرض الرئيس السابق بشار الأسد، الذي يعد أميناً عاماً للحزب، على “بعث” لبنان أميناً عاماً جديداً هو البقاعي علي حجازي. فبدا الرجل متحمساً جداً لاستعادة الحزب ودوره وموقعه المفقود في المعادلة السياسية، مستفيدًا من الحزب المركزي، حيث أجرى تعديلات تنظيمية منح بموجبها فروع الحزب حرية الحركة.
لكن السقوط المدوّي لحكم البعث في سوريا أطاح بآمال حجازي، لا سيما وأن الحزب نفسه في سوريا قد قرر تجميد نشاطه كليًا، وسلم أمواله وممتلكاته الى الحكم الجديد في دمشق.
لكن حجازي، على ما يبدو، قد قرر أن يمضي قدمًا ولا يستسلم للأمر الواقع، ولو عبر مسمى جديد.
وفي كل الأحوال، يبدو حجازي وكأنه يحذو حذو تجربة البعث العراقي، حيث أنه يقطع صلته بالاسم القديم والتجربة التي توشك على الأفول، ولكن يبقي على رابط رمزي بالاسم وتلك التجربة، وهو إجراء لجأت إليه فروع البعث السورية والعراقية حيث لها تواجد وحضور.