أخباركم – أخبارنا/ فاطمة حوحو
“بالعشرين ع ساحتنا راجعين”، تحت هذا العنوان سيُجرى التجمع الكبير المنتظر في 14 شباط بمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وسيكون معهم “الطيب” سعد الحريري. ومن المتوقع أن يلقي خطابًا يُعلن فيه عودة “تيار المستقبل” إلى العمل السياسي، استعدادًا للانتخابات البلدية والنيابية. هذه العودة تثير الكثير من التكهنات والتحليلات السياسية حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية قد أعطت الضوء الأخضر، أم أن الإمارات العربية المتحدة قد تناغمت ضمن الحدود المرسومة سابقًا، أم أن المناسبة نفسها هي من فرضت العودة.
بعيدًا عن كل ذلك، لا يمكن الجزم بحقيقة هذه العودة، التي تهدف إلى رفع الهمم وتنشيط التيار السياسي في ظل التطورات الحالية في لبنان والظروف الإقليمية المضطربة، والتي تتأثر بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإعادة رسم الخرائط التي فاجأت العالم.
وخلال الأسابيع الماضية، لوحظ أن ماكينة التيار تعمل عبر الأمين العام للتيار أحمد الحريري والنائبة السابقة بهية الحريري، التي فتحت دارة مجدليون على مصراعيها لاستقبال الفعاليات والناشطين في صيدا. بالإضافة إلى الزيارات التي قام بها أحمد الحريري في المناطق، مبشّرًا بعودة سعد الحريري، ساعيًا إلى حشد مستقبلي في ساحة الشهداء، حيث انطلقت التظاهرات اللبنانية في 14 آذار للمطالبة بالحقيقة والعدالة، مما أدى إلى إسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي وإخراج الاحتلال السوري من لبنان في نيسان، ليُحقق ما سُمي بـ “الاستقلال الثاني”.
لا يمكن الشك في أن 14 شباط سيكون يومًا مميزًا، والجميع يترقب كلمة سعد الحريري بشغف، فربما يوضح الصورة ويعطي الضوء الأخضر لبدء مرحلة جديدة من العمل السياسي بخطاب تجديدي يقبله الجميع على المستوى الوطني، ويشكل رافعة للطائفة السنية التي غُبنت في الماضي وعانت من الضياع بسبب غياب الممثل القوي لساحتها.
ومع إعلان العودة، كثُرت الأخبار والتوقعات. لكن مصادر متابعة في التيار أكدت لموقعنا أن “الكثير من الأخبار المتداولة غير موثوقة، ومنها ما تردد عن إعادة فتح تلفزيون “المستقبل”. ولا أحد في التيار يعرف حقيقة ما سيعلنه سعد الحريري في خطابه، ولا القرار الذي قد يتخذه بشأن عودته إلى لبنان ليكون إلى جانب جمهوره بشكل دائم”. وأكدت المصادر أن “التيار ينشط حاليًا لتجييش هذا الجمهور وتأمين حشد كبير للاستماع إلى الخطاب السياسي المنتظر، ليبنى على الشيء مقتضاه”. وأضافت: “الصورة لا تزال غير واضحة، كما أن قرار إعادة فتح تلفزيون “المستقبل” قبل عودة الحريري إلى العمل السياسي غير وارد، خصوصًا أنه يتطلب إمكانيات مادية ومالية كبيرة غير متوافرة. ما يمكن تأكيده هو أنه في رمضان سيتم بث بعض البرامج من استوديو مخصص لذلك”.
تفسر المصادر أن فتح تلفزيون المستقبل يرتبط بنجاح العودة إلى العمل السياسي وتشكيل كتلة برلمانية في انتخابات 2026، وهو ما يتطلب فك أسر التيار من قرار تعليق العمل السياسي. لكن يبقى السؤال: هل ستكون عودة سعد الحريري دائمة، أم سيعود إلى الإمارات لمتابعة عمله، مع استمرار قيادته للتيار السياسي من هناك؟ لا أحد يعرف الحقيقة.
ولا تستبعد هذه المصادر أن ينجح الحريري في انتخابات 2026 ويشكل كتلة نيابية قادرة على التأثير. فهو لا يزال الرئيس المحبوب في الساحة السنية، ولم يتمكن أحد من ملء الفراغ الذي تركه. جرت محاولات عدة من شخصيات مختلفة، لكن جمهور رفيق الحريري ظل وفياً لسعد، حتى أن بهاء الحريري لم ينجح في الترويج لنفسه رغم الوعود التي أطلقها ثم اختفى.
وتشير المصادر إلى أن نشاط أحمد الحريري كان بهدف تأمين حضور فعاليات وشخصيات وناشطين، لكنه لم يقدم معلومات واضحة في الاجتماعات الداخلية للتيار حول رؤية وخطة العمل المستقبلية، وكانت العناوين السياسية التي تمّ طرحها مكررة ومعروفة لدى الجمهور.
وتلفت المصادر إلى أن الأمور تغيرت اليوم بعد سقوط نظام بشار الأسد، مما سيوفر زخمًا جديدًا للعمل السياسي في التيار. لكن ما يجب أن نأخذه في الاعتبار هو أن الإمكانات المادية للتيار لم تعد كما كانت سابقًا.
ورغم ذلك، تؤكد المصادر أنه في السابق كان هناك دعم سعودي واضح، لكن إذا كانت هناك عودة للعمل السياسي الآن، فإن التيار سيعتمد على ذاته وعلى دعم بعض النواب السابقين والمقربين الذين قد يرشحون أنفسهم للانتخابات أو يدعمون لائحته. وبالتالي، ستكون اللائحة قادرة على تغطية نفسها. وبهذه الطريقة، يثبت سعد قدرته على الاستقطاب والتمثيل لجميع الأطراف في الداخل والخارج. كما أن بعض الراغبين في خوض الانتخابات قادرون على التغطية المالية، سواء كانوا من عائلة الحريري أو من المقربين، بينما ماكينة التيار الانتخابية ستكون قادرة على العمل من دون أن يتحمل سعد وحده العبء المالي.
حتى الآن، الجميع في ترقب لما سيكون عليه حال “تيار المستقبل” بعد خطاب الحريري المنتظر، وان غدًا لناظره قريب.