أخباركم – أخبارنا
لم تكن الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل مجرد مواجهة عسكرية أخرى بل شكلت نقطة تحول كبرى في تاريخ الحزب الذي صُنّف لعقود كأقوى قوة عسكرية غير نظامية في العالم لكن هذه القوة اصطدمت بمفاجآت لم تكن في حسبان قيادته أبرزها حجم الضربات التي تعرّض لها في بنيته العسكرية والقيادية والتردد الذي أبداه في استخدام أسلحته الاستراتيجية لا سيما الصواريخ الباليستية الدقيقة التي تحولت من ميزة ردعية إلى عبء سياسي وعسكري على الحزب وحلفائه في طهران
منذ اليوم الأول بدت إسرائيل مصممة على توجيه ضربات استباقية غير مسبوقة فيما تشير تقارير استخبارية إلى تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الهجمات الجوية مما أدى إلى انهيار العديد من مراكز تصنيع وتخزين الأسلحة والصواريخ بالإضافة إلى توجيه ضربات دقيقة قضت على أبرز قيادات الحزب العسكرية والأمنية فكيف تغيرت معادلات القوة ولماذا أحجمت إيران عن السماح لحزب الله باستخدام ترسانته الصاروخية الثقيلة وما تداعيات هذه الخسائر على مستقبل الحزب عسكريًا وسياسيًا
الضربة الأولى الغارات المكثفة وضربات نوعية استهدفت البنية التحتية العسكرية
في 23 أيلول 2024 أصدرت إسرائيل تحذيرًا لسكان جنوب لبنان لإخلاء مناطقهم قبل أن تبدأ أعنف حملة جوية في تاريخ النزاع بين الطرفين حيث نفذت ما يزيد على 800 غارة جوية خلال يوم واحد مستهدفةً مراكز القيادة ومخازن الصواريخ والمسيّرات إضافةً إلى مواقع الدفاع الجوي التابعة للحزب في الجنوب والبقاع وبعض مناطق جبل لبنان
لكن المفاجأة الكبرى كانت في حجم ودقة الاستهدافات التي طالت أنظمة الرادارات ومراكز القيادة الميدانية مما أدى إلى تعطيل جزئي لقدرة الحزب على إدارة المعركة بشكل متماسك مصادر عسكرية رجحت أن يكون الجيش الأمريكي قد شارك مباشرةً في تنفيذ هذه الهجمات عبر قواعده في قبرص واليونان إضافةً إلى حاملتي الطائرات يو إس إس ترومان ويو إس إس روزفلت
الضربة الثانية ضربات استباقية ضد القيادات البارزة
لم تقتصر الحملة على استهداف البنية التحتية العسكرية بل ركزت أيضًا على ضرب رأس القيادة العسكرية للحزب أبرز المحطات كانت
اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري البارز في الضاحية الجنوبية
تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي مما أدى إلى تعطيل التواصل الميداني وسقوط آلاف المصابين
اغتيال قائد وحدة الرضوان إبراهيم عقيل المسؤول عن العمليات الهجومية الخاصة
اغتيال الأمين العام حسن نصرالله ومسؤول جبهة الجنوب علي كركي في مقر الأمانة العامة في الضاحية
اغتيال خليفة نصرالله هاشم صفيّ الدين ومسؤولين أمنيين آخرين مثل مسؤول الاستخبارات حسين هزيمة ومسؤول وحدة الأماكن علي بحسون
10 آلاف مقاتل خارج الخدمة خسائر بشرية غير مسبوقة
إحدى أعنف الضربات التي تلقاها الحزب جاءت من خلال تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي التي أدت إلى إصابة 4000 مقاتل بإصابات بالغة في العيون والأطراف مما أخرجهم فعليًا من الخدمة القتالية
يُضاف إلى ذلك مقتل 800 مقاتل قبل 23 أيلول وإصابة 1500 بجروح خطيرة لكن الخسائر تضاعفت لاحقًا حيث قدرت التقارير الاستخبارية الغربية أن الحزب فقد بين 23 أيلول و26 تشرين الثاني ما يزيد على 2500 مقاتل إضافةً إلى إصابة أكثر من 4000 آخرين في الغارات والاشتباكات الميدانية
تفكيك البنية العسكرية ضربات قاصمة وإعادة التشكيل
لم يكن استهداف البنية العسكرية لحزب الله خلال الحرب الأخيرة مجرد ضربات جوية اعتيادية بل كان هجومًا منهجيًا يهدف إلى شلّ العمود الفقري العسكري للحزب عبر استهداف أنظمة القيادة والتحكم ومراكز الاتصالات ومستودعات الصواريخ والطائرات المسيّرة
📌 في اليوم الأول من التصعيد شنت إسرائيل غارات مركزة استهدفت مستودعات الذخيرة الرئيسية ومنصات إطلاق الصواريخ في الجنوب والبقاع وصولًا إلى بعض المواقع السرية في جبيل وكسروان وهو ما كشف أن بنك الأهداف الإسرائيلي لم يعد يقتصر على المناطق الحدودية بل بات يمتد إلى عمق الأراضي اللبنانية
📌 كما استهدفت إسرائيل ورش التصنيع والتطوير العسكري في البقاع والتي كانت مسؤولة عن تحسين قدرات الصواريخ الدقيقة والمسيّرات ما أدى إلى تعطيل جزء كبير من خطوط الإمداد اللوجستي التي يعتمد عليها الحزب لتعويض خسائره الميدانية
📌 أنظمة الدفاع الجوي التي سعى الحزب لنشرها في مناطق عدة تعرضت لضربات مكثفة أدت إلى شل قدرتها على التعامل مع الطائرات الإسرائيلية حيث تم استهداف أنظمة الرادارات في مرتفعات لبنان الجنوبية وبعض النقاط في جنوب سوريا التي كانت تُستخدم لمراقبة الأجواء
📌 وحدة الرضوان التي تُعدّ القوة الضاربة للحزب تعرضت لخسائر فادحة حيث تم اغتيال قائدها وتدمير معسكرات التدريب الرئيسية واستنزاف كوادرها المدربة ما أدى إلى إضعاف قدرتها على تنفيذ العمليات الخاصة
📌 بالإضافة إلى ذلك فإن اختراق شبكة الاتصالات الداخلية للحزب من خلال تفجير أجهزة البيجر كشف حجم الضعف الاستخباري لديه وأجبره على البحث عن وسائل اتصال جديدة أكثر أمانًا
📌 كما أن إحجام الحزب عن استخدام الصواريخ الدقيقة والثقيلة نتيجة الضغوط الإيرانية جعلته يخسر عنصر الردع الأساسي الذي طالما اعتمد عليه في مواجهة إسرائيل
إعادة التشكيل هل يعود الحزب إلى 1982
مع هذه الخسائر الضخمة بات الحزب مضطرًا إلى إعادة هيكلة منظومته العسكرية وفق استراتيجية دفاعية جديدة أبرز ملامحها
✅ الاعتماد على حرب العصابات التقليدية بدلًا من المواجهات المباشرة التي كشفت ضعف الحزب في القتال البري
✅ إعادة بناء شبكة الاتصالات باستخدام تقنيات أكثر سرية لتجنب الاختراقات الإسرائيلية
✅ تعويض الخسائر البشرية من خلال تجنيد مقاتلين جدد لكن ذلك يتطلب وقتًا طويلًا
✅ الحد من العمليات الهجومية والتركيز على إعادة التمركز في الجنوب والبقاع كتحضير لأي مواجهة مقبلة
لكن السؤال الأكبر هو هل سيبقى الحزب قادرًا على استعادة مكانته العسكرية أم أن هذه الضربات جعلته أقرب إلى نموذج 1982 حين كان مجرد تنظيم ناشئ يسعى لإثبات وجوده
يبقى القرار النهائي في يد طهران وواشنطن حيث أن طبيعة التحولات السياسية الإقليمية ستحدد مستقبل الحزب سواء بانكفائه أو إعادة تأهيله وفق معادلات جديدة