شارك الدكتور كاوا محمود سكرتير للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني في الجلسة الختامية حول افكار شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في منطقة نيغيشيا ذات الحكم لقومية هوي وكانت له الكلمة التالية حول تجربتها في الحكم الذاتي.
وجاء في الكلمة، تحية المحبة و الصداقة و السلام و النضال من شعبنا في كوردستان العراق!
أود في البداية أن أهنئ منطقة نيغيشيا بقرب الذكرى الخامسة و الستين لتحويلها الى منطقة ذاتية الحكم، والتي ستحل في سبتمبر المقبل.
تشهد هذه المنطقة تغييرات هامة في مجال التنمية الشاملة. فقد جرى توطيد الوحدة العرقية و المساواة القومية، وتم خلق بيئة جميلة وحياة ثرية، اضافة الى حماية البيئة الايكولوجية المحلية و ترويض الصحراء وتطوير السياحة فيها. وقد شاهدنا أمس قاعدة نينغوندنغ للطاقة و الصناعات البتروكيمياوية، وهي منطقة تنموية حيوية على المستوى الوطني، اضافة الى بيت الحكمة التي تعتبر صرحا ثقافيا متميزا. لقد أصبحت هذه المنطقة منصة هامة لتعزيز بناء الحزام الطريق بين الصين و الدول الواقعة على المبادرة، ولاسيما دول غرب آسيا و شمال أفريقيا.
أن سر الانجازات التي تحققت في هذه المنطقة والمناطق الأخرى من الصين، يكمن في أفكار الرفيق شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد. وستتعزز هذه الانجازات عبر التمسك بمقررات المؤتمر العشرين للحزب بشكل مبدع، لتحقيق الحلم الصيني الذي يستند على ابداع مفكر ماركسي متميز في القرن الواحد و العشرين، يقود الدولة وهو الرفيق شي جينبينغ، ووجود حزب متميز بانضباط صارم، الحزب الشيوعي الصيني الذي يقود شعباً منتجاً مبدعاً.
أيتها الرفيقات أيها الرفاق!
تأتي عقد الدورة الرابعة لمؤتمر الحوار في نيغيشيا بعد أن عقد الحزب الشيوعي الصيني مؤتمره في العام الماضي، وطرح فيه مفاهيم جديدة منها التحديث الصيني النمط و الماهية الاشتراكية لهذا التحديث. كما أعلن الرفيق شي في آذار الماضي مبادرة الحضارة العالمية، لتكون مكملاً لمبادرة التنمية العالمية و الأمن العالمي.
لقد واجهت التنمية ولاتزال اشكاليات عديدة في العالم. وهي اشكاليات تاريخية، سبق ان اشار اليها لينين في مبحثه حول قانون التطور اللامتكافئ في كتابه الامبريالية أعلى مراحل الراسمالية، و تطور الراسمالية في روسيا.
وفي الوقت الحاضر تتسع الفجوة التنموية بين الدول في المراكز الراسمالية المهيمنة على الاقتصاد العالمي والدول الرأسمالية التابعة. وتتزامن هذه الازمات مع تدهور البيئة ومظاهر الفقر و البطالة.
ان عالم اليوم في ظل الصراعات الدولية الحالية، يقف أمام مفترق طرق وضمن خيارين. الخيار الأول: خيار الليبرالية الجديدة الذي يخدم تفوق الدول الامبريالية و السيطرة على التجارة الدولية، وابقاء فجوة التنمية. ويتمثل الخيار الثاني في نهج التنمية المؤسسة على اغناء الحياة المادية و الروحية للشعوب ضمن اطار تعددية الحضارات و تنوعها.
ان هيمنة الخيار الاول على الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية، تعني تعامل المراكز الراسمالية مع العالم في اطار عقلية القطب الواحد، ووفق لعبة الصفر التي تعني احتكار المكتسبات والارباح و الهيمنة عليها.
أما الخيار الثاني فهو التوجه نحو المفهوم اللاصفري، ويعني رفض حماية الامتياز في التنمية، وتحقيق النجاح الذاتي ضمن روحية نجاح الآخرين والتنمية المشتركة والتعاون و التضامن، ضمن مجتمع المصير المشترك للبشرية والتعددية القطبية في السياسة الدولية ،وهذا ما يفضي الى انهاء النزاعات و الحروب.
فعالم اليوم ليس بحاجة الى العودة لمفردات الحرب الباردة، وتسعير حروب داخلية و اقليمية و دولية.
لقد جرى صياغة مبادرة الحضارة العالمية ضمن الخيار الثاني، واغتنت هذه المبادرة بمفهوم التحديث الصيني النمط، استمراراً لطبيعة الحضارة الصينية التي تتميز بوحدتها و تنوعها وعراقتها وديمومتها. وهي حضارة حملت وتحمل قيم السلام و التضامن و العدالة الاجتماعية. حضارة اكتشفت الورق والطباعة و العملة الورقية والبارود، و قدمت للبشرية الحرير و الخزف. وهي حضارة دربت المحتلين و الاقوام الهمجية على قيم التحضر الصيني والتمدن. حضارة لم تشهد حروباً دينية ولم تبق فلسفتها في اطار النخبة.
لقد اعتمدت فكرة التنمية والتحديث على عراقة هذه الحضارة وديمومتها، وكونهما جزءا من النشاط الانساني الذي يعتمد على تعزيز الارادة والثقة لمواجهة التحديات.
وبهذا المعنى فان التحديث عملية مستمرة متجددة، وتعني الاجابة الواقعية على الاسئلة المعقدة التي تطرحها الحياة باستمرار، من خلال أجوبة تحقق المساواتية و العدالة الاجتماعية.
ان التحديث و مبادرة الحضارة العالمية و مبادرة التنمية العالمية والأمن العالمي، تصب جميعها في مفردات المادية التاريخية في العصر الجديد. وقد أصبح الصين والحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني مختبراً مجتمعياً للمادية التاريخية.
أيتها الرفيقات ايها االرفاق!
يجري الحديث عن التحديث في عصر الذكاء الاصطناعي، وحديث الكثير من الاقتصاديين عن قرب نهاية عصر العمل.
وأود أن أذكر في هذا المجال ما اشار اليه ماركس في الغروندريسة في الحزء المتعلق بالآلات الذي طبع لأول مرة عام 1953، وتنبأه بأن ظهور عصر الآلة الجديد والأتمتة سوف يؤديان الى أن يصبح العلم والتكنولوجيا في المستقبل، مصادر للثروة و يهمش العمل، وهذا ما يخلق التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج.
لقد قال ماركس بان طاحونة اليد تعطيك المجتمع الاقطاعي وان الطاحونة البخارية تعطيك المجتمع مع الراأسمال الصناعي. وأشار لينين الى رأس المال المالي وعصر الامبريالية. والآن عندما يتحدث شي جينبينغ عن أفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، فأنني أرى انه يقول لنا: بأن الاتمتة و الذكاء الأصطناعي والابتكار و التنمية عالية الجودة، تعطينا المجتمع مع التحديث الاشتراكي، وهذا يعني الحد من تراكم الثروات لدى الرأسماليين وتحويل ثمار التحديث الى الشعب بأسره.
ان مهمتنا كأحزاب اشتراكية تقدمية ان نساهم في تطوير التحديث الاشتراكي نظرياً بوجهة الحداثة الاشتراكية اعتماداً على الممارسة الفعلية و الواقعية، لأن الدولة الاشتراكية تبنى بالحداثة الاشتراكية.
اننا على ثقة تامة بأن الاستمرار على هذا النهج سيفضي الى انجاز الخطوة الاساسية في بناء دولة اشتراكية حديثة مزدهرة ديمقراطية متناغمة على نحو شامل خلال الاعوام 2035 الى 2050 .
