كتب ابراهيم بيرم: أقل من شهرين هي المهلة الزمنية التي أعطاها الموفد الفرنسي الخاص الى بيروت جان – ايف لودريان الى القوى السياسية اللبنانية المعنية مباشرة بالاستحقاق الرئاسي، بإسم الخماسية التي اجتمع ممثلوها في الدوحة قبل فترة قصيرة، لكي يراجعوا حساباتهم واوراقهم ويعدوا انفسهم ويمضوا مع لودريان العائد في منتصف ايلول المقبل، للتحلق حول طاولة “مشاورات” (لم يحدد مكان انعقادها بعد)، وذلك بقصد الاتفاق على “مواصفات” الرئيس العتيد من جهة، والتفاهم على اسس مرحلة ما بعد انتهاء الشغور الرئاسي.
لم يبد أيّ من الاطراف اللبنانية التي اجتمع لودريان ببعضها في قصر الصنوبر، و شد الرحال الى لقاء بعضها حيث تقيم، أي اعتراض أو امتعاض، خصوصاً عندما ابلغها الموفد الفرنسي بأن ما يحمله هذه المرة هو رأي مُجمع عليه من الخماسية، وان السعي حاسم والهدف هو ايجاد معالجات عاجلة للوضع اللبناني الموشك على الانهيار.
ولم يتوان لودريان عن ابلاغ هذه القوى بأن التوجه جاد وربما نهائي، والا فان الخماسية امام احتمالين:
– ان تسحب يدها نهائياً من الوضع اللبناني وتترك اللبنانيين الى قدرهم ومصيرهم.
– او تفرض عقوبات على كل من تعتبره معرقلاً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي خصوصاً في مجلس النواب.
اللقاءات التي اجراها لودريان خلال يومين مع القوى والشخصيات المعنية، سمحت لكل فريق باطلاق التشخيص الذي يتوافق مع توجهاته عبر اظهار أن خياراته هي التي ربحت. ففيما سارع المعارضون والتغييريون الى الترويج بصوت عال لفكرة ان المبادرة الفرنسية، بنسختها الاصلية التي زكت ترشيح سليمان فرنجية، قد انطوت الى غير رجعة وبدأ تحرك جديد تحت عين الخماسية، انصرف الثنائي الشيعي ومن والاه سياسياً الى اطلاق استنتاج معاكس فحواه ان مسار الامور ليس بالضرورة على النحو الذي يتبناه الفريق الآخر.
ولم يعد خافياً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدا الاكثر ابتهاجاً وحفاوة بجولة لودريان وبما حمله معه، وذلك عندما قال (بري) في تصريح كرره مرتين خلال يومين، ومفاده أن “كوّة ضوء قد فتحت في الجدار المسدود.. صدقوني”.
المحيطون بالرئيس بري أبلغوا الى موقعنا “ان لهذه الحفاوة وهذا التفاؤل الصادر عن سيّد عين التينة، مرتكزاتهما العملية قائمة على أساس محوري، وهو ان لودريان يتبنى ضمناً في طيات دعوته الصريحة الى ما اسماه “ورشة المشاورات”، دعوة بري الى طاولة الحوار التي اطلقها مدوّية منذ نحو عشرة اشهر ومضى في الدفاع عنها، وان مصطلح “المشاورات” الذي استخدمه لودريان هو تعبير ديبلوماسي عن “الحوار”. وبدل الحديث عن اتفاق “السلة المتكاملة” الذي كان موجوداً في النسخة الأولى للمبادرة الفرنسية، فهو عينه الحديث عن مواصفات الرئيس العتيد والتفاهم على اسس ما بعد الانتخاب.
من جهته، اعرب “ا.ل.ح.ز.ب”عن انه غير منزعج اطلاقاً مما حمله لودريان معه من توجهات اقرتها الخماسيّة في لقاء الدوحة.
وقد ابلغت مصادر على صلة وثقى بـ “ا.ل.ح.ز.ب” الى موقعنا، أن “مهلة الشهرين التي اعطاها لودريان الى القوى اللبنانية، مهلة قصوى ونهائية للاتفاق قبل ان تشرع الخماسيّة “في اداء آخر وسلوك مختلف كافية لتكريس معادلات جديدة في المشهد اللبناني، يرجح كفة الثنائي، ويعزز أوراقه ويقوّي موقعه خصوصاً بعد التطورات الآتية:
– انفراط عقد “التقاطع” بين العديد من القوى على مرشح واحد هو جهاد أزعور، خصوصاً وأن ثمة من سارع الى اعتباره مرشح “المرة الواحدة” وفي المقدمة التيار الوطني الحر ووليد جنبلاط.
– إنطلاق حوار متجدّد بين “ا.ل.ح.ز.ب” و”التيار” حول العديد من القواسم والمصالح المشتركة.
ومع ذلك، فإن المصادر اياها لا ترى ان الطرق يسيرة وسهلة، اذ ما برحت العقبات حاضرة.