كتبت عايدة الاحمدية: يواجه لبنان تحديات جمة في مجال إدارة النفايات وتداعياتها على البيئة والصحة العامة. ويبرز مؤشر فشل الدولة في إدارة هذه الأزمة من خلال عدم تبنيها استراتيجية شاملة لإدارة النفايات والاعتماد على السياسات الترقيعية من خلال إقامة المطامر التي يترتب عليها تكاليف باهظة وأضرار صحية وبيئية.
فبعد مطمر الناعمة الذي ما يزال سكان تلك المنطقة يعانون من آثاره الصحية والبيئية رغم مرور سنوات على إقفاله، ومطمر الكوستا برافا ها هي الحكومة تستعد لتنفيذ مطمر جديد في بلدة بعاصير الشوفية غير آبهة بالمخاطر والآثار السلبية.
فقد أثار إرسال الإحالات والتعاميم إلى المحافظين والقائمقامين، التي تقترح موقع بعاصير – ضهر المغارة، كمطمر للنفايات، استياء كبيرًا لدى بلديات المنطقة والأهالي، الذين يتحضرون للرد على هذا التعميم، والتعبير عن رفضهم المطلق تحويل منطقتهم إلى مكب ومطمر للنفايات، بشكل عشوائي دون التطلع إلى المخاطر والأضرار التي قد يتسبب بها الموقع للأهالي والأبنية السكنية المحيطة به.
وشدد رئيس بلدية الجية بالتكليف وسام الحاج على “رفض البلدية مشروع إقامة مطمر أو مكب للنفايات في خراج البلدة لجهة بلدة بعاصير، لأنه مشروع مدمر ومهجر لأبناء البلدة والجوار”. وأشار إلى “وجود مصادر قديمة وملوثة في البلدة ولا يمكن أن نعمل على زيادتها كمعمل الجية الحراري القديم، الذي يعتبر من أهم الملوثات في البلدة، بناءً على رأي كل الخبراء والوزراء، على الرغم من وجود قرار من مجلس الوزراء بإزالته وتوقيفه عن العمل، ولكن بحجة عدم توفر التمويل واستمرار المرافق العامة، ما زال يعمل، وينشر سمومه ويخنقنا نحن وعائلاتنا”.
أضاف الحاج: “هناك أيضًا محطة تكرير مياه الصرف الصحي، لقرى إقليم الخروب، وتقع على شاطئ بلدتنا، ولا تعمل كما يجب، بالإضافة إلى وجود محطة ضخ مياه الصرف الصحي لبعض قرى الإقليم، وهي تعمل بشكل جزئي وعُرضة للأعطال بشكل مستمر، فضلاً عن عدم توفر المازوت بشكل دائم لتشغيلها ورفع التلوث، مما يحملنا عبئا ماديًا لرفع الضرر عن آثارها الملوثة، إلى جانب عدم وجود معالجة لمياه الصرف الصحي في الجية، ناهيك عن مرور أوتوستراد بيروت الجنوب، في وسط البلدة، مما يسبب أيضًا تلوثًا من نوع آخر.”
ولفت رئيس بلدية الجية إلى “أن بلدة الجية، التي تقع في أجمل نقطة ضمن ساحل لبنان، ضربها الإهمال المزمن من مؤسسات الدولة، واليوم يضاف إليها مشروع مطمر للنفايات، وإن لم يكن ضمن نطاقها البلدي، فهو ملوث إضافي ولا يمكن أن نقبل به أبدًا، وبناءً عليه نؤكد رفضنا إقامة هذا المطمر ضمن المواقع المقترحة، وكنا نأمل من المعنيين أن يبادروا إلى رفع الضرر عنا لا الإتيان بمصادر تلوث بيئية جديدة، فيكفي ما عندنا من تلوث في الجية، التي حملت عبء التلوث عن الوطن طوال عشرات السنين، وتستحق أن تأخذ جزءًا من حقها برفع الضرر الحالي لا زيادته”.
يشار إلى أن لبنان ينفق 154.5 دولار أمريكي لإدارة كل طن نفايات صلبة، بينما ينفق كل من الجزائر والأردن وسوريا 7.22 دولار و22.8 دولار و21.55 دولار على التوالي. ينفق لبنان نحو 420 مليون دولار سنويا على إدارة النفايات الصلبة، وتنفق بلدان مثل الأردن وتونس بين 48 مليون و54 مليون دولار سنويا.
بمقارنة المبالغ التي ينفقها لبنان لإدارة النفايات مع بعض البلدان الأخرى يظهر لنا جليلا مدى الهدر الحاصل ما يوجب ضرورة تحسين الكفاءة والفعالية في الإدارة الحالية للنفايات وتبني الحلول المستدامة التي تحقق الفوائد البيئية والصحية والاقتصادية. ولكن على ما يبدو أن لا نية لدى المسؤولين لإخراج هذا الملف من دائرة الصفقات والمحاصصة والفساد.