كتبت عايده الاحمدية: قبل حلول منتصف الليل، موعد انتهاء ولايته التي استمرت ثلاثين عاماً، غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مبنى المصرف المركزي في الحمرا في بيروت. وكان في وداعه نائب الحاكم الأول وسيم منصوري وعدد كبير من الموظفين. وقعت “زفّة” وموسيقى.
وتوجه سلامة إلى المودعين بالقول: “قلبي معكم، ابقوا كما عودتموني دائماً.”
وسيتسلم مهام الحاكم النائب الأول له وسيم منصوري. وتعهد منصوري بالشفافية الكاملة وأكد الإصرار على رفع السرية المصرفية. وفيما انتقد منصوري سياسة الدعم التي سار بها المركزي، أشار إلى أنه سيمارس أسلوبًا جديدًا وسيتم بشكل تدريجي، قائلاً: “نحن أمام مفترق طرق، فالاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظل إمكانات ‘المركزي’ المحدودة يعني أنه لا بد من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم بشكل مفاجئ، ويجب أن يحصل تعاون قانوني متكامل بين الحكومة والمجلس و’المركزي’ ضمن خطة متكاملة تكفل أن تعاد الأموال”.
وفي تأكيد على تمسكه ونواب الحاكم الآخرين بخطتهم المرفوعة للحكومة ولجنة الإدارة والعدل النيابية ولا سيما لجهة اقترار التشريعات المطلوبة، قال منصوري: “ننظر إلى فترة انتقالية قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون. لا يمكن للبلد الاستمرار من دون اقترار القوانين الإصلاحية، وهذه القوانين ينتظرها المودع منذ سنوات لمعرفة متى يستعيد أمواله، ويجب تقديم مصلحة المواطن والمودع على أي شيء آخر، وسنكون بتصرّف مجلس النواب لتزويده بأي معلومات أو أرقام للانتهاء من درس القوانين”.
وفيما يتعلق بتحرير سعر الصرف وتوحيده، أكد منصوري أن ذلك يجب أن يتم بالتدريج حفاظًا على الاستقرار وأن هذا القرار يُتّخذ بالتوافق مع الحكومة. أما بالنسبة لضبط السوق، أعلن منصوري أنه يتواصل مع القوى الأمنية والقضاء للقضاء على التلاعب بسعر الصرف، وما يُعزّز الاستقرار النقدي هو القانون الذي سيطلب من الحكومة اقتراره.
ما أعلنه منصوري يبشر بالخير، كما أعلن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في أول تعليق على كلام النائب الأول لحاكم مصرف.
بانتظار تنفيذ الخطة، لا بد من التنويه بتعهد نواب الحاكم بالشفافية وعدم الدخول في التجاذبات السياسية. ولعل من بين التوجهات المبشرة هي إصرار منصوري وزملائه على عدم الصرف إلا بتشريعات وقوانين خلافاً لما كان سائداً.