أخباركم – أخبارنا
في مقابلة حصرية مع صحيفة “الشرق الأوسط”، قدم الرئيس اللبناني جوزاف عون رؤية واضحة لمستقبل لبنان، متناولًا أبرز القضايا السياسية، الاقتصادية، والأمنية التي تواجه البلاد اليوم. وقد شدد الرئيس على أهمية تعزيز سيادة الدولة، مكافحة الفساد، تحقيق الإصلاحات، وإقامة علاقات خارجية متوازنة، مؤكدًا أن الاستقرار في لبنان مرهون بحصر قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة وحدها، مع موقف واضح تجاه دور إيران وسلاح حزب الله.
السيادة وقرار الحرب والسلم
أكد الرئيس جوزاف عون أن قرار الحرب والسلم يجب أن يكون حصريًا بيد الدولة اللبنانية، مشددًا على ضرورة أن يكون احتكار السلاح بيد المؤسسات الرسمية فقط.
وقال:
“لبنان لا يمكن أن يكون ساحة لحروب الآخرين، ويجب أن تكون الدولة وحدها مسؤولة عن حماية لبنان وشعبه.”
وفي إشارة واضحة إلى سلاح حزب الله، شدد عون على أن حصر السلاح بيد الدولة هو أساس استقرار لبنان، ولا يمكن أن تكون هناك ازدواجية في القرار الأمني والعسكري.
العلاقات الخارجية ودور المملكة العربية السعودية
أشاد الرئيس عون بالدور السعودي في دعم لبنان وإنهاء الفراغ الرئاسي، مشيرًا إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.
وأكد أن زيارته المرتقبة إلى الرياض تأتي في إطار “زيارة احترام وشكر”، موضحًا أن لبنان يمكن أن يكون جزءًا من “رؤية السعودية 2030”، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.
موقفه من إيران وسلاح حزب الله
تحدث الرئيس جوزاف عون بوضوح عن العلاقة مع إيران، مؤكدًا أن لبنان لا يمكن أن يكون تابعًا لأي محور خارجي، وأن سياسته قائمة على الندية في العلاقات الدولية.
وأضاف:
“تعبنا من حروب الآخرين على أرضنا، ولبنان دفع ثمنًا كبيرًا دفاعًا عن القضية الفلسطينية.”
وفيما يخص سلاح حزب الله، شدد على أن السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، مشيرًا إلى أن هذه المسألة لم تعد تحتمل المماطلة، لأن وجود السلاح خارج المؤسسات الرسمية يعرض لبنان لمخاطر داخلية وخارجية.
مكافحة الفساد والإصلاحات الداخلية
اعتبر الرئيس عون أن مكافحة الفساد مسؤولية وطنية تتطلب تعاون الجميع، بمن فيهم المغتربون، مؤكدًا أن:
“مكافحة ثقافة الفساد ومحاربتها تستدعي مساهمة الجميع، لأن لبنان في قلبكم وأنتم حريصون عليه وعلى ديمومته.”
وشدد على ضرورة تعزيز الشفافية في إدارة مؤسسات الدولة، وتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد الثقة المحلية والدولية بلبنان.
العلاقات مع سوريا وقضية النازحين
أكد الرئيس عون أهمية إقامة علاقات “ندية” مع سوريا، مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشيرًا إلى أن:
“نحن نسعى إلى أن تكون علاقاتنا مع كل الدول قائمة على مبدأ الاحترام المتبادل.”
كما شدد على ضرورة معالجة قضية النازحين السوريين بطريقة تحترم حقوق الإنسان، دون أن تشكل عبئًا على لبنان.
إعادة إعمار جنوب لبنان
أوضح الرئيس عون أن إعادة إعمار جنوب لبنان مشروطة بحصر السلاح بيد الدولة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يربط تقديم العون المالي للبنان بتحقيق هذا الهدف.
وأكد أن قيادة حزب الله تدرك هذا الواقع، وأن الحل الوحيد يكمن في تعزيز سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية.
الإصلاح الإداري وتفعيل الرقابة الحكومية
أكد الرئيس عون أن الإصلاح الإداري هو أحد أبرز التحديات التي تواجه حكومته، مشددًا على أن ملء الشغور في المناصب العليا يجب أن يتم وفق معايير الكفاءة وليس عبر المحاصصة السياسية.
وأشار إلى أن تعزيز آليات الرقابة المالية والإدارية سيؤدي إلى تحسين الأداء الحكومي واستعادة ثقة المواطنين بالدولة.
الالتزام بالقرار 1701 والحلول الدبلوماسية
شدد الرئيس عون على التزام لبنان الكامل بالقرار 1701، مشيرًا إلى أن الحلول الدبلوماسية هي الخيار الأول لحكومته في مواجهة التحديات الإقليمية.
وأكد أن أي تصعيد عسكري لن يكون في مصلحة لبنان، داعيًا جميع الأطراف إلى احترام القرارات الدولية وضمان استقرار المنطقة.
استقلالية القضاء ودوره في الإصلاحات
شدد الرئيس عون على دور القضاء واستقلاليته، مؤكدًا أنه الركيزة الأساسية للإصلاح ومحاربة الفساد، وقال:
“عندما يكون لديك قضاء مستقل بكل معنى الكلمة، فكل الأمور الأخرى تُعالج.”
وأضاف:
“مؤخرًا زرت هيئة مكافحة الفساد، وأبلغت مسؤوليها بأنه يجب أن يضربوا بيد من حديد، وأوضحت لهم: أنتم سيفي للإصلاحات، لا تردوا على أي سياسي، ولا تتأثروا بالإعلام أو السوشيال ميديا، بل نفذوا واجباتكم وفقًا للمستندات المتوفرة بين أيديكم، وإذا تعرض لكم أحد، تعالوا إليّ مباشرة.”
رؤية واضحة لمستقبل لبنان
تُظهر هذه المقابلة رؤية الرئيس جوزيف عون لمستقبل لبنان، والتي ترتكز على:
- تعزيز سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها.
- مكافحة الفساد عبر إصلاحات هيكلية.
- إقامة علاقات خارجية متوازنة تحترم المصالح اللبنانية.
- إيجاد حلول دبلوماسية للملفات الإقليمية العالقة، خاصة فيما يتعلق بالقرار 1701.
ومن خلال مواقفه الحاسمة، يسعى الرئيس إلى إعادة بناء ثقة المجتمع اللبناني والدولي بالدولة اللبنانية، مؤكدًا أن لبنان لا يمكن أن يستعيد استقراره دون سيادة حقيقية، قضاء مستقل، وإصلاحات سياسية واقتصادية عميقة.