الأربعاء, أبريل 23, 2025
19.4 C
Beirut

إبراهيم يوسف لموقعنا: المشكلة ليست في سلاح “العمال الكردستاني” بل في غياب الحل السياسي العادل .. قصور مؤتمر الحوار السوري!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا/ حاورته: فاطمة حوحو

تعدت اهتمامات الروائيين والشعراء السوريين في ظل الأزمة السورية وما يرسم لها، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الاسد، إلى الإنغماس في الرؤى السياسية، محاولين تقديم وجهات نظر وأفكار للنقاش لتخطي الواقع المأزوم، ومحاولة رسم طرق للحل تحفظ وحدة البلاد وتعطي دفعات جديدة من الأمل، ومن بينهم الشاعر والروائي إبراهيم يوسف الذي كان له هذا الحوار مع موقعنا، تناول فيه مواقف الكرد الذين استبعدوا عن الحوار الوطني السوري، وبالتالي ينظرون الى مقرراته بعين الريبة، والحاجة الى ترجمة خطابي الرئيس احمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني.

محاور النقاش مع يوسف كانت متعددة، لا سيما الدور التركي والإسرائيلي والإسلام السياسي والتطور الهام الذي تجلى بدعوة الزعيم الكردي المعتقل عبد الله أوجلان إلى حل حزب العمال نفسه ورمي السلاح، إضافة إلى دور أقليم كردستان.

إقصاء الكرد عن الحوار تمّ عمدًا

* كيف تقيّم مؤتمر الحوار السوري وهل أدى وظيفته، وأين يكمن القصور؟

ـ لم يتمكن مؤتمر الحوار السوري من تحقيق أهدافه الحقيقية، حيث ظل بعيدًا عن تمثيل القوى الفاعلة كلها، وخاصة الكرد الذين تمّ إقصاؤهم عمدًا عبر اختراع ذريعة ملفقة، لم يتم اعتمادها أصلاً. إذ لم يكن المؤتمر سوى إعادة تدوير لمواقف القوى المتصارعة من دون تقديم حلول فعلية، حيث بقيت رؤيته أسيرة لمنظور مركزي ضيق، متجاهلًا التنوع العرقي والسياسي والاجتماعي في سوريا.

لقد فشل المؤتمر في معالجة القضايا الجوهرية، وأهمها طبيعة الدولة المستقبلية، وحقوق المكونات السورية، والحل العادل الذي يضمن الاستقرار طويل الأمد. إن أي حوار لا يشمل المكونات السورية جميعها، وخاصة القوى التي تحمل مشروعًا ديمقراطيًا واضحًا، سيظل ناقصًا وعاجزًا عن إحداث تغيير حقيقي. فالكرد، الذين يشكلون جزءًا أساسيًا من النسيج السوري، لا يمكن تهميشهم أو فرض حلول عليهم من دون مشاركتهم الفاعلة. تجاهل هذه الحقيقة يعكس استمرار النهج التقليدي القائم على الإقصاء والاستئثار بالقرار، وهو ما لن يقود إلى حل مستدام.

الكرد ينظرون بعين الريبة

* كيف ينظر الكرد إلى مقررات هذا المؤتمر علمًا بأنهم لم يشاركوا فيه وقد أعلن مظلوم عبدي اليوم عن حوار مع دمشق، ما قراءتك لكل ذلك؟

– نظر الكرد إلى مقررات المؤتمر بقدر كبير من الريبة، كونهم لم يشاركوا فيه، مما يجعله غير ملزم لهم. إن أي قرارات أو تفاهمات تتم في غياب أحد أكبر مكونات وقوميات البلاد تظل ناقصة، بل ومرفوضة من قبلهم.

من هنا، فإن إعلان القائد مظلوم عبدي عن حوار وإمكانية انضمام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للجيش السوري، يأتي ضمن تعقيدات المرحلة الحالية. هذا الطرح يحمل دلالات كبيرة، من حيث إعادة تعريف العلاقة بين الإدارة الذاتية والنظام السوري. لكن السؤال الأهم هو: على أي أسس سيتم هذا الاندماج؟ إذا كان الهدف هو إعادة إنتاج المركزية القمعية، فهذا لن يكون مقبولًا لدى الكرد أو غيرهم من القوى الديمقراطية. يجب أن يكون أي اتفاق مبنيًا على الاعتراف الدستوري بحقوق الكرد ووجودهم السياسي، وليس مجرد إعادة إدماجهم في مؤسسات الدولة القديمة.

الكرة في ملعب النظام

أضاف: لهذا فإنه يمكننا القول: إن الكرة – الآن- في ملعب النظام الانتقالي، الذي ما زال بعض المتحكمين فيه يعتمدون أسلوب المناورة والمماطلة، رغم ما سمعناها من تصريحات مبشرة على لسان كل من السيدين الشرع والشيباني. هذه التصريحات التي تحتاج إلى ترجمة، لئلا تكون استمرارًا للتصريحات البراقة التي صدرت عن الأسدين الابن والأب. إذ لا يمكن لسوريا أن تكون قوية ومعافاة من دون كردها، وأي تجاهل لهذه الحقيقة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات وعدم الاستقرار.

الإسلام السياسي ومخططات التقسيم

* يتفاءل بعضهم بصورة الوضع في سوريا، بينما يرسم آخرون صورة سوداوية لما يجري ولهم أسبابهم وأولها التخوف من الإسلام السياسي ومن دور تركيا واسرائيل ومخططات التقسيم، كيف تقرأ ذلك؟

– البعض يرى بصيص أمل في حل الأزمة السورية، لكن الواقع أكثر تعقيدًا. التخوف من الإسلام السياسي مسوغ تمامًا، إذ أن بعض القوى المحسوبة على المعارضة تحولت لسنوات إلى أدوات لتركيا، التي مارست وتمارس سياسات استعمارية في عفرين، سري كانيه، وكري سبي وغيرها من المناطق. هذه السياسات لم تقتصر على الاحتلال العسكري فحسب، بل امتدت إلى تغيير التركيبة الديمغرافية ونهب الموارد، مما جعل الكرد يدركون أن المشروع التركي لا يستهدف النظام وحده، بل كل من يحمل مشروعًا ديمقراطيًا في سوريا.

إسرائيل تسعى لحماية مصالحها

واعتبر أن إسرائيل، من جانبها، تراقب المشهد وتسعى لحماية مصالحها، بعد أن كانت -تحديداً- وراء هذه التغييرات الجذرية غير المتوقعة إلا عبر الخيال العلمي التي جرت أمام أعيننا في المنطقة. أما القوى الدولية، فإن مواقفها تتأرجح وفقًا لمصالحها، من دون أن تعطي أولوية حقيقية لمعاناة السوريين، وأولهم: الكرد. في سوريا وكردستان عامة، باعتبارهم أول وأعظم شعب مظلوم في الشرق كله. في ظل هذا الواقع، تبقى العدالة بعيدة المنال، فيما تبقى مخططات التقسيم قائمة، إما بشكل مباشر أو عبر فرض مناطق نفوذ بحكم الأمر الواقع.

أهداف عبد الله أوجلان

* ما هي أهداف عبد الله أوجلان من بيانه؟ وهل هناك تأييد كردي وكردستاني لما طرحه؟

– بيان السيد أوجلان يحمل بعدًا براغماتيًا، تحت وطأة ظروف نعرفها كلها، في ظل مخطط ابتزازي واضح، لكنه أثار جدلًا واسعًا. إذ أن هناك من يرى فيه خطوة ضرورية للتخلص من الحصار السياسي المفروض على القضية الكردية، وفتح باب لحل سياسي يضمن حقوق الكرد عبر وسائل جديدة. بينما يعتبره آخرون تراجعًا عن النهج الثوري من دون ضمانات حقيقية، حيث أن أي خطوة نحو الحل يجب أن تكون قائمة على أسس متينة، لا مجرد مبادرات فردية قد لا تجد صدى لدى الأطراف الأخرى.

حقوق الكرد والتنازلات المجانية

وتابع يوسف: الأهم من كل ذلك هو أن أي طرح يجب أن يكون قائمًا على الحقوق المشروعة للكرد، لا على تنازلات مجانية لا تخدم إلا خصومهم. فالتاريخ أثبت أن القوى الإقليمية لا تقدم شيئًا للكرد من دون أن تأخذ منهم أضعاف ما تمنحهم. لذا، فإن أي مبادرة سياسية يجب أن تكون مدروسة بعناية، ومبنية على قراءة دقيقة للواقع الإقليمي والدولي.

إن أي خطوة لحل حزب العمال الكردستاني (PKK) أو تسليم سلاحه، يجب أن تكون مشروطة بضمانات واضحة لحقوق الكرد. فلا يمكن الحديث عن إنهاء الصراع من طرف واحد، في حين تستمر الدولة التركية في سياساتها القمعية والدموية. إذا كان الهدف من هذه المبادرة هو تحقيق السلام، فلا بد أن يكون سلامًا متوازنًا وعادلًا، لا مجرد استسلام سياسي لصالح طرف دون آخر.

المشكلة ليست في سلاح حزب العمال

* كيف ستنعكس دعوة أوجلان لحل حزب العمال وتسليم السلاح على الواقع الكردي؟

– المشكلة ليست في سلاح الحزب وحده، بل في غياب الحل السياسي العادل. فالسلاح نتيجة وليس سببًا للصراع. إذا أرادت تركيا إنهاء المواجهة، فعليها أن تعترف بالحقوق الكردية داخل حدودها، بدلًا من تصدير أزماتها إلى سوريا والعراق ومناطق أخرى. الحل يبدأ من أنقرة، وليس من جبال قنديل.

دور أقليم كردستان

* ما هو دور إقليم كردستان في الحل؟

– الرئيس مسعود بارزاني وإقليم كردستان يمثلان الحجر الأساس في أي حل للقضية الكردية، سواء في سوريا أو العراق أو المنطقة بشكل عام. فالإقليم يمتلك خبرة سياسية وعلاقات دولية تجعله قادرًا على لعب دور محوري، سواء في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكردية المختلفة، أو في الدفع باتجاه حل سياسي شامل يضمن حقوق الكرد.

لكن أي تلكؤ أو عرقلة لهذا الدور يأتيان بلا شك من جهات أخرى، سواء تركيا، التي تسعى لتقويض أي مشروع كردي ناجح، أو من حزب العمال الكردستاني الذي دفعنا ضريبة تخبطاته في أجزاء كردستان كلها، وبات الكرد في سوريا رهائن طموحاته على حساب الآخر فهو لن يتجاوب مع الحلول السياسية المطروحة من دون أن يكون هناك مقابل. إذ أن نواة مشروع السلام السوري هو صورة كاذبة – في حدود الظاهر- خادعة، لعملية شرعنة الهيمنة والاستسلام وإبادة الآخر. فبينما يحتاج الكرد إلى موقف موحد، نجد أن الخلافات الداخلية معروفة الأسباب والمسببين تظل عائقًا أمام تحقيق أي مكاسب سياسية حقيقية.

تعزيز دور الكرد دوليًا

وأشار يوسف الى انه بناءً على ذلك، فإن الحل يكمن في وحدة الموقف الكردي، والاستفادة من تجربة إقليم كردستان، وتعزيز الدور السياسي والدبلوماسي للكرد على المستوى الدولي. لا يمكن تحقيق الحقوق الكردية عبر العزلة أو المواجهة الدائمة، بل من خلال تحالفات ذكية، واستراتيجيات سياسية مرنة، وإدارة حكيمة للعلاقات مع القوى الدولية والإقليمية.

إن المستقبل الكردي مرتبط بقدرة هذا الشعب العظيم على تجاوز الانقسامات التي زرعها وكرسها الأعداء، والاستفادة من اللحظات السياسية الحاسمة، من موقف القوة، لا الضعف، والهزيمة في مقابل: لاشيء، والعمل وفق رؤية موحدة تخدم مصالحهم القومية والوطنية في آن واحد.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

إيران تعدم السجين السياسي الكردي حميد حسين نجاد

أخباركم ــ أخبارنا أعدمت السلطات الإيرانية فجر أمس، حكم الإعدام بحق السجين السياسي...

اسرائيل توسع نشاط اغتيالاتها نحو بيروت وتستهدف سيارة قرب الدامور .. وأخرى في الحنية .. والنتيجة قتيلان من الحزب والجماعة الاسلامية

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان الميداني في صباح يوم الثلاثاء، استيقظ لبنان على وقع غارة...

اغتيال الشيخ حسين عطوي: الجماعة الإسلامية تحت النار… وماذا بعد؟

استهداف قيادي بارز يفتح الباب أمام أسئلة خطرة حول السلاح، ودور الجماعة في المواجهة...

ماذا بين الجيش وحماس؟

خاص: أخباركم - أخبارنا اكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"أخباركم أخبارنا" ان الجيش اللبناني يواصل...

More like this

وداعًا لراعي الفقراء… البابا فرنسيس يترجل عن منبر الإنسانية .. قادة العالم ينعونه ويشيدون بإرثه الإنساني!

✍️ بقلم: جميل نعمة – أخباركم / أخبارنا في لحظة مؤثرة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية...

برحيل البابا فرنسيس: هل سيتراجع صوت السلام بوصول بابا “ترامبي”؟!

أخباركم - أخبارنا/ الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحيم التوراني خلفت وفاة البابا فرنسيس، بابا...

المدن كالنساء… لكلٍّ جمالها، ولكلٍّ سرّها .. ما بين بيروت ونابلس بعيون أم زهير و بافيا!

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى رفاقي وأصدقائي في المنفى .. الى حسين...